أسماء عبدالعظيم | تكتب : عزيزي الغلبان
عزيزي الغلبان، أو دعنا نصحح المصطلح قليلاً لانك لو كنت غلباناً لما تمكنت من قراءة هذا المقال لعدم امتلاكك هاتفاً ذكياً وباقة إنترنت و حساب على مواقع التواصل الاجتماعي لتقرأ مانسطره، إذا لنعيد التسمية، عزيزي (الذي يدعي أنه يهتم بالغلبان)، جميعنا يعترف أن مصر تواجه أزمات لا حصر لها و ليست وليدة اللحظة للأسف بل تراكمية لما مرت به البلاد من تاريخ مؤلم من الفساد في شتى المجالات و ما استحدث من ثورات و هو ما أدى إلى ما نعانيه من نتائج .
بالطبع يتصدر الملف الاقتصادي المشهد و قد نختلف في طريقة التعامل معه و هو ما لا يمكن إنكاره أو السكوت عنه، فقد أدركنا جميعاً وجود مشكلة حقيقة لما شهدناه من غلاء في الأسعار الذي تسبب في صعوبة المعيشة لدينا جميعاً، و هو ما تعانيه عادة مجتمعات ما بعد الثورة و لذلك وجب علينا أن نقف أمامه لنتعامل معه بشكل محترف.
إذا كنت وطنياً فأرجوك أن تستنزف كل قواك في البحث عن حل بناء لهذه القضية فعبقريتك للوصول لحل الهدم في هذه المرحلة لن يزيد الوضع إلا سوءاً و لن يزيد الغلبان إلا غلباً، و هنا سينظر إليك المتحاذق ليخبرك أنه يرى المنظومة فاشلة ولا بد من هدمها و استبدالها بأخرى قادرة على إدارة الدفة، حسناً يا عزيزي ولكن أنا و أنت نعرف جيداً أنك لا تملك أي بديل للبناء و أن مشاريع حلك تتوقف على الهدم و هو ما لا يمكن قبوله على الإطلاق في هكذا مراحل من تكوين الأمم .
إذاً فالهدم هنا هو الهدف فقط و ليس إيجاد حل للأزمة هذا الغلبان الذي تدعي أنك تثور لإنقاذه، فلو كان يعنيك حقاً لكنت كافحت لإيجاد حل فعلى لأزمتنا الاقتصادية و استمت لتحقيقها أو إيصالها للمعنيين قدر المستطاع، لكن أن ترقص على جراح الغلبان وتتلاعب بألآمه لتثبت نظريتك السياسية و نظرتك الثاقبة للمستقبل فهو أمر يدعو للشفقة، و دعني أثبت لك أنك لم تفكر بالغلبان فيما قبل؛ فمتى قررت أن تنتج أكثر من ما تستهلك؟ أو على الأقل أن يكون ما تستهلكه موازياً لما تنتجه؟ عزيزي يجب أن نعترف أننا مجتمع استهلاكي و أننا توقفنا عن الإنتاج الذي قد ينقذنا اقتصادياً، و يجب أن نحذو هذا الاتجاه و أن نرتفع بإنتاجيتنا قدر المستطاع لا أن نبحث عن الهدم و زيادة الاستهلاك لمواردنا في مواجهة هذا النوع من المشاكل.
على الرغم من أنني كنت قد قررت عدم الرد عن هكذا دعوات مفضوحة الأهداف، إلا أنني أتمنى أن يستغلوا وسائل الحشد لبث روح البناء و إنشاء الدولة و زيادة الإنتاج لإنقاذ ذلك الغلبان الذي ستزداد معاناته بسبب أهدافهم الساسية، كما أن يدركوا أن مصر تستحق أن ننقذها من هذا المأزق و ليس أن نجتمع لهدمها معاً و ندّعي أننا ملكنا وطناً في يوم من الأيام “أسموه مصر ” و ليبحثوا عنه في التاريخ لأننا أضعناه .