أسماء هاشم| تكتبت: لكي تكون شخصية حكيمة
أحياناً نتفاجأ بصفعة وتكون بمثابة صدمة كبيرة لنا، فتؤثر سلبًا على عقولنا وتجعل قلوبنا في حالة صدام بين التصديق وبين التكذيب.
أن تصدق فتقدم وتعيش الواقع أو تكذب وتعيش أنه لم يحدث مثل هذا، وتظل تعيش في غيبات السذاجة.
لا بد للعقل أن يخوض التجربة، ولا يكمن حدوثها فعليًا إلا لمن يعمل مع الناس الاختلاط المباشر بهم، فالتجربة تعتبر معلم جيد للإنسان وتطبيق لخوض أي موقف يعتبر بمثابة إختبار يظهر للمرء وجهة نظره فيتجنبه في المستقبل، وأحيانًا يدفع الثمن غاليًا لكن لينظر ما الذي استفاد منه في ذلك، «فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها من أي وعاء خرجت».
دعونا نتفق أن كثرة التجارب تفيد العقل وتنميه وتُثري خبراته، فالإنسان منا يولد بعقل كصفحة بيضاء، ثمّ تأتي التجربة لتنقش عليه ما تشاء.
لتعلم أن كون المرء حكيمًا ليس بكثرة تجاربه وإنما لاستيعاب عقله كل تجربة مرت بحياته، قال الماوردي رحمه الله: «وأما العقل المكتسب فهو نتيجة العقل الغريزي وهو نهاية المعرفة وصحة السياسة وإصابة الفكرة ،وليس لهذا حد لأنه ينمو إن استعمل وينقص إن أهمل ونماؤه يكون بأحد وجهين، إما بكثرة الاستعمال اذا لم يعارضه مانع من هوى ولا صاد من شهوة ،كالذي يحصل لذوي الأسنان من الحنكة وصحة الروية بكثرة التجارب وممارسة الامور، وإما يكون بفرط الذكاء وحسن الفطنة».
ولتعلم أن تجارب الحياة تعتبر عاملاً مهم في صقل شخصية الفرد ومعاونته على حل الصعاب والخروج من الأزمات، وهي التي تخلق الحكمة، غالباً ما تترك التجارب آثارها على الإنسان لكن الشخص القوي هو من يتعلم الدرس ويحول من الفشل نقطة وصول للهدف والنجاح.
والإنسان المحبط المتشائم سيراها سلسلة من محاولات فاشلة لا فائدة منها ويبقى ينظر بنظرة متشائمة للحياة، لذلك حينما يكون المرء منا في أنقى حالاته الذهنية وأصفاها، نجده مبدعًا لأفضل أشكال حياته ويفيد من حوله.
كما أننا عندما نُفكر بأفكار جيدة نشعر حينها بأحاسيس جيدة، وعندما نشعر بأحاسيس جيدة، نقوم بخيارات جيدة ونستجلب المزيد من التجارب الجيدة إلى حياتنا لذلك علينا التعلم من كل تجربة سيئة ولا نريد أن نقف عليها لنبكي بل لنتعلم.
وتذكرت قول الإمام الشافعي: «دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ».
وتذكر قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ «39» وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ «40» وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ «41» إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ «42» وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ «43» وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ ۗ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ «44» الشوري من 39- 44.
تعلم أن تدرك وكل تجربة تخوضها تأخذ منها درساً وإن ظلمت ولم تستطع أن تأخذ حقًا لك فوكل أمرك له ،لكن عليك أن تحذر إن كانت ستغير قيمك فلتبتعد ولتتناسى حتى لا تخسر قيم لك ولتعلم أن كل تجربة ما هي إلا درساً لك اما خبرة أو معرفة وكلا الحالتين خيراً لك.