مقالات القراء

عادل عصمت | يكتب : حكاية يجب أن نتعلم منها

عادل عصمت

في العام ١٨٢١ حدثت ثورة اليونان ضد السلطان العثماني حيث كانت اليونان ولاية عثمانية مثلنا تماماً في ذلك الوقت واستنجد السلطان العثماني كالعادة بمصر بمحمد علي للقضاء علي ثورة اليونان والثوار هناك وإخمادها وكانت هذه هي المرة الثانية التي يستنجد بها السلطان بمصر، بعد طلبه الأول من محمد علي ضرب الوهابيين وأل سعود عام ١٨١١ والذين حاولوا الاستيلاء علي المقدسات الاسلامية ونزعها من سيطرة سلطان المسلمين آن ذاك .
————
كانت مكافأة الحرب الأولي لمحمد علي هي إعطاء الحجاز كاملاً وحصل محمد علي علي ذلك، بعد حرب دامت ٨ سنوات حتي عام ١٨١٨ دفعت مصر فاتورتها كاملة، وكان الثمن في الثانية وعد السلطان له حالة إخماد ثورة اليونان إعطاؤه الشام كاملاً ،لكن فشل محمد علي في اليونان فقد تدخلت ضده إنجلترا وفرنسا وروسيا بأساطيلهم ليلاً وحطموا الأسطول المصري كاملاً والعثماني أيضاً ومعه الجزائري الذي حضر للمساعدة، فلم يعطيه السلطان سوى جزيرة يونانية صغيرة ( كريت ) فغضب محمد علي بسبب عدم تعويضه عن الخسائر الفادحة والتكاليف الرهيبة التي تكبدتها الأمة المصرية وفلاحيها وقتها فحارب محمد علي السلطان العثماني واستولي علي الشام كله، ودخل إلى أراضي السلطنة نفسها عام ١٨٣٢ وتدخلت أوربا فوراً وأوقفت الحرب وضغطت علي السلطان أن يعطيه الشام في مقابل انسحابه من أراضي السلطنة، وتم عقد صلح مدينة كوتاهيه وهي مدينة في أقصى غرب تركيا .
——
وبعدها بـ ٧ سنوات ١٨٣٩ فكر السلطان العثماني (محمود) في استرداد الشام من محمد علي مرة أخرى ، فأعلن الحرب علي مصر وتقابل الجيشان فلقي جيش السلطان العثماني هزيمة ساحقة مما حققه من الجيش المصري العظيم والتي سلم نفسه علي أثرها الأسطول البحري العثماني كاملاً للأسطول المصري .
——
ولكن لم تسمح فرنسا وإنجلترا بسقوط الدولة العثمانية واحتلال مصر لأراضيها خشية أن تجتاح روسيا تلك الأراضي فتصبح علي حدود فرنسا فتهددها ثم تهدد انجلترا، فعقدت معاهدة لندن عام ١٨٤٠ ونزعت الشام والحجاز معاً من محمد علي لصالح الدولة العثمانية ونفذت ذلك بالقوة فأعلنت إنجلترا الحرب علي محمد علي واجتاحت أساطيلها الشام وعكا لطرد الجيش المصري منها بالقوة ونجحت في ذلك وتم اقتصار حكم محمد علي علي مصر فقط له ولاولاده من بعده .

– غطرسة القوة وقلة الإدراك جعلت محمد علي لا يميز بين المهمتين ( دخوله الحجاز، ودخوله أوربا ) حيث اجتمعت عليه القوى الكبرى عندما حضر إلى أوربا بينما تركته يجتاح الحجاز فكانت خطيئته الكبرى أن يدخل إلى أوربا ويهدد أمن القوى العظمى فرنسا وانجلترا آن ذاك
كان خطأه الثاني المراهنة علي فرنسا بعد معاهدة لندن ورفضه للمعاهدة في البداية والدخول في حرب مع انجلترا والدولة العثمانية مجتمعين بروسيا والنمسا خلفهم كانوا جميعاً ضمن المعاهدة، محمد علي ظن أنه سيتحدى العالم فخذلته فرنسا وركع في النهاية وبعد أن خسر كثيراً جداً كان محمد علي عظيماً لكنه في المرتين خانه ذكاؤه المعروف عنه وقل إدراكه وتعقله وأخذته وتملكته غطرسة القوة ودفعت مصر ثمناً باهظاً لذلك .

لم يدرك محمد علي أن دخول أوربا خط أحمر وأن هدم الدولة العثمانية يخل بتوازن القوى لصالح روسيا في مواجهة فرنسا وانجلترا وأنه الخط الأحمر الآخر كان علي محمد علي أن يهتم أكثر بتقوية الداخل بدلاً من توسيع نطاق دولته التي ضمت الحجاز والشام كله وعكا ومصر والسودان أيضاً وجزر اليونان كذلك بنى مصر الحديثة وشيد الجيوش والأساطيل وأرسل البعثات واستقدم الخبراء الأجانب بشراكة بسيطة مع الفلاح المصري الذي دفع ثمن كل ذلك البناء والتشييد .

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى