عصر الثلاثاء الماضى كنت والصديق محمد السيد صالح، رئيس تحرير «المصرى اليوم»، نحضر المؤتمر الدولى للموبايلات فى مدينة برشلونة الإسبانية. فى طريق عودتنا للفندق، توقفنا، أمام ستاد برشلونة «الكامب نو» أو «الملعب الجديد».
التقطنا بعض الصور، وقبل المغادرة، ذهبنا لشباك التذاكر، وسألنا عن أقرب مباراة للفريق، فكانت المفأجاة أنها فى السابعة والنصف من مساء اليوم التالى الأربعاء، أمام فريق سبورتنج خيخون فى مسابقة الدورى أو «الليجا».
كمصرى أصيل، سألت موظفة التذاكر السؤال التقليدى: ما هو آخر موعد يمكننا الحضور فيه للاستاد؟ الفتاة ــ جميلة الملامح ــ استغربت السؤال، وأجابت: فى أى وقت تشاءون. أعدت السؤال بطرق مختلفة وكانت إجاباتها واحدة، بل أضافت أنه يمكننا أن نأتى بين الشوطين اذا رغبنا.
فى اليوم التالى، حضرنا قبل المباراة بساعة خوفا من الزحام، الذى لم يكن موجودا.
فى اليوم التالى، حضرنا قبل المباراة بساعة خوفا من الزحام، الذى لم يكن موجودا.
على التذكرة مكتوب رقم البوابة والدور والباكية والمقعد والدرجة. وهناك مئات البوابات، والمداخل وبالتالى لا يمكن حدوث ارتباك أو تدافع أو تزاحم. فى هذا الملعب الذى بنى عام ١٩٥٤ وجرت له عدة تجديدات شركات أمن خاصة هى التى تتولى تنظيم كل شىء. والأمن العام فى الشوارع المحيطة فقط.
على مدخل البوابة رقم ١٩ التى دخلنا منها، نظر الموظف إلى التذكرة، وبعدها قامت فتاة بجانبه بقطع جزء صغير منها، بحيث لا يعاد استعمالها. لكن موظفة ثالثة أصرت على نزع غطاء زجاجة مياه، كانت معى، وعرفت لاحقا أنه إجراء امنى لمنع استخدامها كقنبلة حتى لو كانت بدائية. تكرر الأمر حينما اشتريت زجاجة أخرى، من محل يبيع أيضا المثلجات والبيرة والفيشار أمام كل مداخل المدرجات المختلفة، بطريقة منظمة، ولكن ليس بالطريقة المصرية المعهودة فى القطارات ودور السينما وكل المؤسسات، حينما تجد البائع جاثما فوق أنفاسك!!.
على مدخل المدرج الخاص بنا، وضع موظف آخر التذاكر فى جهاز إلكترونى، ربما للتأكد من أنها غير مزورة.
دخولنا من أول بوابة النادى إلى المقعدين رقم ٢١و ٢٣ فى الباكية رقم ٥٣٦ لم يتجاوز خمس دقائق، على الرغم من ان مقاعدنا أعلى قمة الاستاد لأن تذاكرنا كانت الأقل سعرا.
مشهد الملعب والمدرجات يجعلك تشعر بالانشراح والانبساط، بل يمكنك أن ترى أجزاء كثيرة من مدينة برشلونة، والجبال الخضراء المرتفعة حولها. نجيل الملعب شديد الاخضرار، ويتم رشه بين الشوطين، والألوان الزاهية فى المدرجات تجعل اللوحة مكتملة الأركان.
أسر كاملة جاءت لتستمع، على الرغم من برودة الطقس. سيدات ورجال تجاوزوا السبعين، لكنهم يمتلئون بالحيوية والابتسام.
أولاد وبنات يأكلون ويشربون ويقبلون ويحضنون بعضهم البعض.
جنسيات متعددة كانت داخل المدرجات تعكس حجم الشعبية الطاغية، لهذا الفريق، صاحب اكبر عدد من البطولات المحلية والقارية والدولية فى السنوات العشر الأخيرة.
فى المقاعد التى خلفنا كان يجلس أربعة من الكويت. وبالقرب منهم مجموعة عراقية، عرفتهم حينما استمعت إليهم يقولون «أكو وماكو». لكن الصينيين كانوا الجمهور الأكبر بعد الإسبان.
ما جعل المتعة أكثر أن الفريق الكتالونى، أمتعنا، وسجل ستة أهداف مقابل هدف واحد للفريق الزائر.
خلف مرمى الفريق الكتالونى فى الشوط الأول، كان يجلس نحو ٤٠٠ متفرج، يمكن أن نطلق عليهم، ألتراس برشلونة. كانوا يشجعون فريقهم بحماس شديد، يستخدمون الطبول، وينشدون أغانى لتحميس الفريق، ليس من بينها سب وشتم رئيس النادى أو رئيس الوزراء، أو الملك!!
الملعب يتسع لمائة ألف متفرج، وكان به مساء الأربعاء، أكثر من اربعين الف متفرج. وحينما انتهت المباراة، خرج الجميع فى سهولة ويسر منقطعى النظير بسبب كثرة البوابات والمداخل والمخارج المختلفة.
بعد عشر دقائق من نهاية المباراة، لم يكن متفرج فى الملعب، باستثناء عمال النظافة.
أما فى مدخل الاستاد فهناك العديد من المحال التى تبيع كل شىء يتعلق بالفريق من الميداليات وحتى فانلات اللاعبين. يتم الأمر بنظام شديد، بحيث يذهب العائد للنادى، وليس لكل من هب ودب.
السيارات لا يمكنها ان تسير فى الشوارع المحيطة بالاستاد، لمدة تترواح بين نصف ساعة إلى ساعة بعد نهاية المباراة، حسب عدد الجمهور، حتى يتمكن من السير لمحطات المترو، أو الجراجات المختلفة.
كانت ليلة ممتعة للغاية، لكن غير الممتع ،أننا لم نتمكن من منع انفسنا من المقارنة بيينا وبينهم، وأن نسأل السؤال المكرر منذ الأول من فبراير ٢٠١٢: متى تعود جماهيرنا إلى الملاعب.