عمر طاهر | يكتب :وزارة الكهرباء «داخلية» النظام الجديدة
أعرف من يبحث عن عمل جانبى طلبا لدخل إضافى يحرر ميزانية البيت من عبء فاتورة الكهرباء، وأعرف من يمتلك شقة مغلقة منذ فترة أو غرفة فى بدرون تصلح كمخزن و يفتش عن مستأجر لأى منها و هو الذى لم يفكر فى الأمر من قبل لكنه أصبح مضطرا لتأمين مبلغ فاتورة الكهرباء، ولأول مرة تشهد الجلسات دردشة حول خاصية تقسيط فواتير الكهرباء التى تقدمها الشركة و استفسارات البعض عن طريقة التقديم للحصول عليها و عن مدى جدواها، و الفقرة الثابتة فى فيس بوك يوميا هى صورة واحدة على الأقل للفاتورة وقد كتب صاحبها إلى جوارها شكواه دون أن يعرف ما الحل، ولأول مرة فى حياتى يزورنى موظف محترم من شركة الكهرباء فى بيتى ليناقشنى فى فاتورة الشهر بعد أن أبديت اعتراضى على قيمتها دون أن يقدم حلا سوى الطبطبة و طلب بتغيير السخان الكهربائى و تركيب واحد يعمل بالغاز بعد أن أسر لى أنه عانى الشهور الماضية من الفاتورة أيضا و لم يكن أمامه حل سوى القيام بهذا التغيير فى شقته و ناصحا بشكل عام بترشيد الإستهلاك لأن الشكوى لا تفيد و لا تغير فى الأمر شيئا، و كيلووات واحد بين ( 999) و الف كيلو يغير طريقة المحاسبة و يرفع سعر الفاتورة من 600 جنيها إلى ألف تقريبا وكأن الحكومة تعاقبك على استهلاكك، و حكى لى صديق كيف أنه أغوى محصل الكهرباء بالود و اللطافة حتى يسمح له بالإطلاع على فواتير كهرباء الجيران ليقارن ما يدفعه بفواتير الآخرين، و إنه عندما ضبط جاره الذى يقيم فى الدور الأرضى يدفع استهلاك يقل عنه ما يقرب من الف جنيها قام بلفة حول المنزل ليتلصص من خلالها على بيت الجار ليعرف السر و اكتشف أن بيت الجار لا توجد به نجفة واحدة فى السقف مجرد لمبات تتدلى منه بخلاف أن البيت شبه مظلم أغلب الوقت، هذا ما توصل إليه و كله رغبة أن يتعلم ما يحميه من فاتورة الألفى جنيها.
وزارة الداخلية هى التى (جابت الكافية) لنظام ما قبل يناير 2011، ضج الناس منها و كانت النقطة التى بدأت عندها المواجهة و اندلعت من عندها شرارة الغضب بعد أن كثرت حكايات الأذى الذى تعرض له الناس على يدها، وزارة الكهرباء فى العهد الحالى هى داخلية الماضى، هى التى يذوق الناس على يدها الأذى بشكل ممنهج، أصبحت فاتورة الكهرباء أداة تعذيب شرعية يفهم الناس أن تزيد الأسعار فى مجال سلع يمكن الإستغناء عنها، من الممكن التعامل مع الشاى بدون سكر أو اختيار (وسيلة مواصلات، مدرسة، سكن، قائمة طعام) تناسب إمكانياته، لكن لا مجال للإختيار فى مجال الكهرباء ولا سبيل للإستغناء معها او التكيف مع أسعارها، هناك بيوت أصبح ثلث دخلها الشهرى على الأقل مخصصا للفاتورة، و أصبح هناك من يحارب حتى يستمر معه كارت شحن الكهرباء أطول فترة ممكنة، ولا أحد يهتم، فلا برلمان لديك يستطيع أن يساند الناس فى تلك المأساة، ولا برنامج يمتلك جراة كافية لتبنى القضية، و (لبانة) البعض هى أن الكهرباء لم تعد تنقطع، لا والله؟ أنت عايزها تقطع كمان؟