أعمدة

محمد عبد الرحمن | يكتب : منى والمستخبي

64

«المستخبى» برنامج منى عراقى على «القاهرة والناس» يستحق الانتباه، كونه عملة نادرة فى سوق الإنتاج البرامجى المصرى الذى يسير فى مجمله على خط واحد، لكن عراقى التى عرفها الجمهور عبر تقاريرها المصوَّرة لقناة «otv» تسير ولا تزال على خط معاكس يحاول البحث عن قصص وحكايات تحتاج إلى مراسل ومنتج مغامر للوصول إلى حقائق تغيب عادة فى الصحف والشاشات التقليدية، وحتى لو تم عرضها يكون ذلك من خلال التصريحات والمعلومات المرسلة غير الموثقة، لكن فى «المستخبى» الذى بدأ عرضه قبل شهرين يدرك المتفرج سريعا أن كل دقيقة من زمن البرنامج وراءها شهر كامل من البحث والعمل الجاد الذى لا يعرفه إلا مَن تخصَّص فى مجال الإنتاج الوثائقى.

الحلقة الأخيرة من برنامج «المستخبى» تحديدا يمكن إهداؤها إلى هؤلاء الذين باتوا أكثر «وداعة» مع إسرائيل وبعضهم اعتبر أنها لم تعد عدوا كهذا المنتمى إلى أحد الأحزاب السياسية الكبرى. فى حلقة تجارة البشر من «المستخبى» كشفت عراقى عن ضلوع إسرائيل فى أكبر سوق سوداء لتجارة الكُلَى فى العالم، فضحت سرقة عضو بشرى كل 60 دقيقة، ووقوع 20 مليون شخص ضحايا لهذه التجارة فى عام 2014. هذه التجارة انتشرت فى مصر مؤخرا واتخذت المافيا من أجساد أطفال الشوارع ملعبا مفتوحا لها.

حلقة عراقى كشفت أيضا أن انطلاق العملية «نسر» بعد يونيو 2013 حال دون استمرار تجارة الأعضاء البشرية التى كانت تستغل الفوضى على الحدود بيننا وبين الكيان الصهيونى، واضطر فريق البرنامج إلى وضع عبارة «للكبار فقط» على الشاشة ليتمكنوا من بث لقطات غاية فى القسوة لجثث مهاجرين أفارقة ظنوا أن الهجرة إلى إسرائيل هى الملاذ الآمن لهم فمُزقت أجسادهم دون أن يدخلوها.

وثائقية «المستخبى» تضمنت أيضا عدم الاستعانة بضيوف لا لزوم لهم، دائما ما يكون الضيف صاحب إضافة حقيقية توثّق القضية بجانب اللقطات الحصرية التى تصورها منى عراقى بنفسها من موقع الحدث، وكالعادة تقوم البرامج الاستثنائية على أكتاف أصحابها، لا تعبر أبدا عن اتجاه عام، والقنوات التى تستنسخ من منافسيها البرامج المملة البائسة لا تسعى أبدا لتكرار النماذج الناجحة لتزيد المنافسة فى مجال يحمل العاملون به على عاتقهم مهمة البحث عن المستخبى!

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى