رأي

محمد فتحي الجابري | يكتب : نحو الرحيل

محمد فتحي الجابري

لا ولنْ أحيا الردى في بلادٍ
تمْضُغُ العُمْرَ اشتهاءاً وتبصُقْ.
عُودُها المَلفوفُ يَهْوى الترهّلْ
شمْلُها المَجْموعُ يَبْغي التمَزّقْ.
طِفلةٌ كانتْ هُنا في فؤادي
مِنْ صِبَاها جَاءتْ الشمْسُ تُشرِقْ.
لي بها أهْلٌ وطينٌ وعِشقٌ
شارَكوني قِصتي والتعلُّقْ.
لي بها بيتٌ يُعاني الشقوقَ
والشبابُ المُرُّ يُمْحى ويُحْرقْ.
يا بلادي يا مَرارَ الضلوعِ
هلْ تَريْنَ العَيْشَ صَعْباً ويُمْحقْ.
لمْ نَكنْ يَوْماً جُحوداً نُرائي
أوْ نَبيعَ العشقَ فيكِ تَمَلُّقْ.
إننا كُنّا جبالاً وأُسْداً
في جبينِ الفجْرِ نَشقى ونَعْرَقْ.
تخمشُ الصخرَ الأيادي بعنفٍ
يستحيلُ الصبْرُ نَهْراً ويُغرِقْ.
يا ضِفافَ الصبْرِ إنّا تَعِبْنا
والشقاءُ القهرُ فينا يُحدّقْ.
سامحيني يا ابتلائي ، حياتي
أصْبحتْ فيكِ الجحيمَ المُعتّقْ.
قدْ يَصيرُ الدمْعُ نفطاً يُغنّي
فالكلامُ الحُلو وهمٌ يُحلِّقْ.
يستدينُ الرأسُ ذلاً ويُحنى
مَلّني ثوبي وشِعْري تَشققْ.
يا غبائي ليسَ يبني شعوري
بَعضَ بيتٍ إنما الشِعرُ مُرْهَقْ.
سَجّلي وجْهي بأوجاعِ قومٍ
ذلُّهمْ للعُمْرِ غصباً تسلّقْ.
نالوا مِنكِ الصدَّ كَيْلاً وَفيّاً
كَبّروا خلفَ الرحيلَ المُحققْ.
لا تظنّي بُعدي عنكِ عقوقاً
قد يموتُ الجسمُ والقلبُ يخفقْ.
إنما جُرحي عميقٌ فعفواً
قد يبيعُ العَبْدُ عشقاً ليُعْتقْ.

 

 

 

مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن الشرقية توداي

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى