أخبار العالم

نصيحة الفاو لمصر: حل مشكلات الأمن فى سلة الغذاء

food785

سوق الغذاء العالمية دخلت عصر الاضطرابات ولن تعرف الاستقرار مصر تهدر أكثر من مليونى طن قمح سنويًا.. وإهدار دول المنطقة للفواكه والخضراوات يصل إلى 45% الشرق الأدنى من أضعف المناطق فى العالم فى إشراك المزارعين فى إدارة الرى.. وهناك أسباب سياسية وراء ذلك.

هناك علاقة وثيقة بين السلام والأمن كما يؤكد مدير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، خوسيه جراسيانو داسيلفا، وهو لا يعنى بالأمن كثافة وجود سيارات الشرطة فى الشوارع ولكن توفير الغذاء الملائم لكل مواطن، فيما يعرف فى ادبيات الفاو بـ«الامن الغذائى». وعن التحديات التى تواجهها منطقة الشرق الادنى وشمال افريقيا، التى تموج بالاضطرابات منذ ان رفع مواطنوها شعارات ثورية كان «العيش» من ابرزها، دارت جلسات المؤتمر الاقليمى الثانى والثلاثين للمنظمة، فى محاولة للبحث عن حلول لمعضلات توفير الغذاء بالمنطقة.

«نينا» (NENA) هو اختصار الاحرف الاولى من المنطقة الممتدة من المغرب العربى إلى غرب آسيا، التى تعنى ايضا فى اللغة الاسبانية «الابن»، بتلك المداعبة استهل مدير منظمة «الفاو»، البرازيلى الجنسية، حديثه للصحفيين فى افطار على هامش المؤتمر، الذى أنهى أعماله فى المقر الرئيسى الرئيسى للفاو بروما يوم مساء الجمعة الماضى. ويظهر حديث داسيلفا مدى قلق منظمة الفاو على هذا «الابن» الذى يتصدر العديد من المؤشرات العالمية فى مدى تردى ظروف توفير الغذاء لمواطنيه، وهى المشكلة التى يرى مدير المنظمة انها ليست بعيدة عن الاضطرابات السياسية الجارية فى المنطقة والتى شهد احد ابرز مشاهدها عندما تصادف وجوده يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011 فى مصر.

جمعيات مستخدمى المياه

تبرز مصر ضمن أبرز دول المنطقة التى تواجه تحديات توفير الغذاء، مع ارتفاع نسبة من يعانون نقص الأمن الغذائى من 14% من السكان عام 2009 إلى 17% عام 2011. وما يمكن استنتاجه من جميع النقاشات التى دارت فى المؤتمر حول امكانية تحسين هذا المؤشر، هو انه لا مجال لمواجهة هذا التحدى بغير التفكير خارج الصندوق.

فالتوسع الزراعى لتوفير الحاصلات الغذائية للمواطنين ليس امرا سهلا فى ظل ندرة الموارد المائية. «لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتى من الاغذية فى اى من دول المنطقة لأن المياه لا تكفى لذلك»، كما يقول محمد بازا، مسئول الموارد المائية بالفاو، ولا يمكن مواجهة تحديات المياه الا بتحسين اساليب استهلاكها خاصة لدى القطاع الزراعى الذى «يستهلك حوالى 90% من المياه التى يتم استعمالها فى مصر».

وأحد اهم آليات تحسين استهلاك المزارعين للمياه فى عمليات الرى، إلى جانب دور الدولة فى وضع استراتيجية للمياه تلتزم بها اجهزتها المختلفة وتوفير الارشاد الزراعى، أن يتم تنظيم المزارعين فى جمعيات لمستخدمى المياه وإشراكهم فى تنظيم عملية الرى على مستوى المحلى، «منطقة الشرق الأدنى من اضعف المناطق فى العالم فى اشراك المزارعين فى ادارة عملية الرى، واعتقد ان هناك اسبابا سياسية لذلك» كما يضيف بازا، الا انه يشير إلى ان مصر بدأت فى تطبيق نموذج فى هذا المجال فى بعض مناطق الدلتا «ولكن نحتاج لتعميمه».

اسعار الغذاء لا تعرف الاستقرار

وتستعرض بيانات الفاو المنشورة خلال المؤتمر الارقام الضخمة لواردات الغذاء فى الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، فى محاولة للتحذير من حجم الاعتماد القوى على السوق العالمية فى اتاحة هذه السلعة الاستراتيجية، فالإقليم يعتمد على العالم ليفى بأكثر من 50% من احتياجاته الغذائية، وما يجعل من هذا الوضع خطيرا على الامن الغذائى هو انه منذ عام 2007 دخلت الاسعار العالمية فى مرحلة من التذبذبات القوية، والتى لن ترى موجات الاستقرار الطويلة التى عرفها العالم من قبل، كما يقول حاج الامين نصر الدين، مستشار السياسات بالفاو، موضحا ان هذه الاضطرابات ترجع لأسباب منها الاعتماد على الوقود الحيوى، المصنع من السلع الزراعية، وارتفاع مستويات الدخول فى دول مثل الصين وتغير عادات سكانها الغذائية.

وينصح نصر الدين الدول النامية بأن ترفع من مستويات مخزونها من المحاصيل التى تعتمد على استيرادها حتى تكون اكثر قدرة على مواجهة صدمات اسعار السوق العالمية.

ولكن المشكلة لا تقتصر على ان المنطقة تعتمد على استيراد سلع كالقمح، الذى تشترى منه 36 مليون طن سنويا عن طريق السوق العالمية، ولكنها ايضا تهدر 16 مليون طن من هذه الكمية، كما تذكر تقارير الفاو. «مصر اكبر مستورد للقمح فى العالم.. ولكنها كانت تهدر كذلك ما بين 1.5 إلى 2.5 مليون طن سنويا»، كما يقول الهادى يحيى زقزوق، مسئول التصنيع الزراعى والبنية الاساسية بالفاو.

كيف نُهدر غذاءنا

وتعد مشكلة هدر الحاصلات الزراعية لأسباب تتعلق بطرق الحصاد او التخزين او النقل والتسويق من ابرز القضايا التى اثارها المؤتمر، وما تهدره دول المنطقة من الحبوب يعد اقل بكثير هدرها للسلع الأخرى، حيث تتراوح نسب هدر الحبوب بين 14% إلى 19%، بينما تهدر المنطقة 45% من الفواكه والخضراوات و26% من الاسماك والمأكولات البحرية، وفقا لبيانات المنظمة العالمية.

هناك كميات كبيرة من الغذاء كان يمكن ان تتوافر للمواطنين اذا كانت الحكومات تعمل على حماية الغذاء منذ انتاجه إلى بيعه فى الاسواق، كما يقول زقزوق، الذى لا يعتبر ان ضعف دخول المزارعين والتجار مانعا امام تحسين نظم عملهم للحفاظ على الاغذية، «ليس ضروريا ان يكون لدى التاجر الصغير ثلاجة حتى يستطيع ان يحفظ الغذاء لمدة طويلة، هناك طرق للتعبئة غير مكلفة، المهم هو نشر التوعية».

وقد يتعرض المحصول للفساد فى الحقل بسبب عدم حماس الفلاح لجنى ثماره فى وقت انخفاض الاسعار فى السوق، «يجب ان يتم توفير فرص اخرى لاستخدام هذه السلع قبل هدرها، مثل ربطها بصناعات غذائية تطلبها الاسواق» كما يضيف زقزوق.

لا إجابة عن سؤال إثيوبيا

«لن تستطيع اى دولة فى المنطقة ان تواجه تحديات الامن الغذائى بمفردها» كما أكد داسيلفا فى لقائه مع الصحفيين بقاعة تسمى «اثيوبيا»، وليس غريبا ان تحمل القاعة هذا الاسم ففى مبنى الفاو الضخم، الذى كان مقر وزارة الدفاع الايطالية فى وقت سابق، قاعات بأسماء دول اخرى، ولكن المفارقة ان يتجنب مدير المنظمة الاجابة عن الاسئلة التى ترددت داخل القاعة حول مستقبل المياه فى مصر فى ظل مشروع سد النهضة الاثيوبى. وبحسب بازا فالمبادرة الاقليمية التى تنظمها الفاو وتشارك فيها مصر لمواجهة ندرة المياه، مبنية على تقديرات حصة مصر الحالية من مياه النيل، الامر الذى يجعل من الازمة الحالية بين مصر واثيوبيا سؤالا كبيرا حول ما اذا كانت الحلول المبتكرة التى تطرحها الفاو كافية لتحقيق الامن الغذائى المصرى فى المستقبل.

50% انخفاضًا فى نصيب الفرد من المياه

تراجع نصيب الفرد من توافر المياه العذبة فى الشرق الادنى وشمال افريقيا بنسبة الثلثين على مدى السنوات الأربعين الماضية، ومن المتوقع أن ينخفض بنسبة 50% فى السنوات الخمس والثلاثين المقبلة إذا استمرت الاتجاهات الحالية للنمو السكانى وأنماط الاستهلاك الجارية. ويستخدم قطاع الزراعة حاليا 85% من إمدادات المياه العذبة المتاحة فى المنطقة.

43مليونًا يعانون نقص الغذاء

تبلغ أعداد من يعانون نقص الغذاء فى 19 بلدا بإقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا ما يقرب من 43.7 مليون شخص، أو 10% من مجموع السكان, ولكن من الاخبار الجيدة عن المنطقة ان الجزائر، وجيبوتى، والأردن، والكويت، وقيرغيزستان، والمغرب، وتركمانستان كانت من بين البلدان التى حققت بالفعل الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية، لخفض نسبة الجياع إلى النصف خلال الفترة من 1990 إلى 2015.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى