تقارير و تحقيقات

إيمان طالبة بجامعة الزقازيق ضحية جديدة لزواج الصالونات

كتبت | جهاد عبدالله

قبل الدخول مباشرا فى سرد قصة «إيمان» ضحية جامعة الزقازيق للجواز التقليدي ( جواز الصالونات ) لا ينكر أحد بأن الاختيار الصحيح للزوج يجب أن يكون مبنياً على أسس علمية صحيحة، والبعد كل البعد عن التسرع في اتخاذ القرار الذي يعد أهم قرار لكل فتاة بالغة تسعى أن تضع قدميها على أول طريق الحياة الزوجية ، ومما لا شك فيه أن الاختيار الصحيح يكون من خلال التفاهم والتقارب الفكري والاجتماعي والأخلاقي بنسب تزداد عن نسب الاختيار من خلال المال والشكل الخارجي للزوج ، بالتأكد أن إتباع الأسس السليمة سيضمن للطرفين الاستقرار والتقارب والحب والحياة السعيدة التى يتمناها الطرفين .

العلاقة الزوجية هي أسمى وأرقى العلاقات في هذا الكون ،ونجاح هذه العلاقة لا يتكلل إلا بالاختيار الصحيح للزوج أو الزوجة، وطبقا لآراء كتيرة أن أسلوب جواز الصالونات ، وزواج القاصرات ، هم السبب الرئيسي فى الطلاق والانفصال المبكر، وطبقًا لأخر الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن المجتمعات التي بها نسب التعليم منخفضة، ترتفع فيها نسب الطلاق، ذلك بسبب إجبار البنت على الزواج المبكر، وبعد دراسة نتائج الجهاز بمحافظة الشرقية، أكد التقرير أن الشرقية تسجل أعلى نسب الطلاق، حيث سجل التقرير الصادر عن جهاز التعبئة عام 2017 ، أن محافظة الشرقية يحدث بها حالة طلاق كل ساعة ، ( ويزداد الطين بلة ) إذا كان الزوج والزوجة من خريجين أو طلاب بالمرحلة الجامعية مثلا أبطال هذه القصة ، حيث من المفترض أن نحسن الاختيار إذا وصلنا إلى مراحل تعليمية متقدمة .

ومن العادات والتقاليد في المجتمع المصري بصفة عامة والشرقاوي بصفة خاصة، بعد إتمام «صفقة الزواج» فى الصالون الشهير ، تجلس الأم مع ابنتها المقبلة على الزواج لتمدها بالنصائح التى تهدف إلى الحفاظ علي بيتها والوصول إلى قلب حماتها قبل زوجها .. نعم رضا الحماة فى بعض فى بعض الأحيان يكون أهم من رضا الزوج ، فبعض الحموات يكونوا سبب الطلاق المبكر وإفساد الحياة الزوجية بعد الشهور الأولى من ليلة الدخلة ، ولكن على الرغم أن بعض الأمهات هن من يخترن الفتيات لأبنائهن، إلاّ أنه بعد إتمام الزواج تبدأ بعض المشاكل من قبلهن تجاه الزوجات، مما يخلق توتر بين الزوجة والحماة، وهنا ستكون العلاقة بين الزوجة والحماة ثلاثية الأبعاد .

في قرية «العصلوجي» بمدينة الزقازيق كان نصيب فتاة تدعى« إيمان» طالبة بكلية الأداب قسم اللغة الفرنسية بجامعة الزقازيق والتى تبلغ من العمر 20 عاماً ، أن تزف إلى بيت الزوجية مرتدية الفستان الأبيض ويديها منقوشة بالحناء العربية، وسط الزغاريد الأهل وفرحة الأقارب ، وكلاكسات السيارات الأصدقاء .

عاشت «إيمان» أيام قليلة وصفتها بأجمل لحظات العمر التى حلمت بها فترة الخطوبة، مع زوجها التى تسرب لقلبها والتى وصفته بالحب الأول ، أيام العسل الأولي بعد الزواج كان بالنسبة لها أيام لا تفرق فيه الليل عن النهار حيث أنها كانت تعيش سعاتة متواصلة، وما هى إلا أيام ويتبخر الحلم السعيد ،بعد أن أكتمل العسل لتبدأ المشكلات اليومية بسبب أقتحام حماتها عش الزوجية ، وبدأت تشتكي من المعاملة السيئة، وتغيرت معاملة حماتها لها أكثر بعد شهور قليلة من الزواج بسبب تأخرها عن الإنجاب.

تصمت «إيمان» ثم تقول والدموع تملأ عينيها: تزوجت بشكل تقليدي من خلال تعارف العائلين وشعور عائلتى أنه الشخص المناسب، فهو لم يتجاوز ال25 سنة، خريج كلية أصول دين ويعمل فى شركة للأجهزة الكهربائية وشكله مقبول، اليوم الذي تقدم لخطبتي ولم أكن أعلم أنه يتعاطى مخدرات أو أنه كان متزوج عرفياً من قبل ، وعندما تزوجته وانتقلت من بيت أبى إلى بيته، لم أكمل سنة على زواجى بسبب حماتى التى كانت دائماً سببًا لإندلاع الحرائق بيني وبينه ، قائلة: «كانت بداية المعركة بينى وبين حماتى بسبب موضوع الإنجاب ».

بعد شهور قليل من الزواج حملت « إيمان » خلال فترة دراستها بطفلها الأول ،ولكن لم تكتمل فرحتها لأنها كانت دائماً قلقة من معاملة حماتها لها لأنها كانت الأمر الناهى لأي قرار بينها هى وزوجها، وكانت دائماً تحث ابنها على ضربي  وتوبيخي من دون سبب وعندما كان يخرج زوجي من البيت كانت حماتي وابنتها يقومون بتوبيخي،  وإذا اشتكت ويكون رد زوجي وبكل برود «معلش»، وعلى الرغم أنني حاولت كثيراً أن أرضيهم بمختلف الطرق ، لكنهم دائما كانوا يكررون الإهانة .

تجلس « إيمان»  متأثرة بما عانته وتقول: ذات يوم  كنا نجلس فى الصالة أمام التلفاز ولعبت حماتى دور الحنية فى مشهد أشبه بالمسلسلات الهندية، حيث أعطتنى ثمرة من الموز وقالت لى تناوليها وما إن رفضت تناولها بسبب تعب الحمل الذى كان يسد شهيتى ، غضبت حماتى منى وقالت لزوجى «لماذا تترك زوجتك ترفض لي طلباً؟» وسرعان ما قام زوجى بشدى إلي البيت وقام بضربى حتى أجهضت حملى، وعندما حضر أهلى للإطمئنان على صحتى، تظاهر زوجى أنه حزين على فقدان ابنه، ثم كذب كذبته وقال لأهلى أننى كنت أقوم بتنظيف البيت وسقطت وأجهضت الطفل، ثم قالت وهى تبكى: «متكلمتش ولا عرفت أهلى علشان أحافظ على بيتي».

ظهر على « إيمان» ملامح الفتاة التى تعثرت وسقطت فى حفرة ولم ترى منقذ لها ولكنها قررت أن تظل متماسكة وتابعت حديثها قائلة: بعد إجهاضى لطفلى الأول بفترة قليلة بدأت حماتى تنظر لي نظرة الفتاة العاقر، وأصبحت حالتى فى تدهور بعد أن قامت بطردى من البيت أكثر من مرة، وكنت أصحو كل يوم أقبل يديها وأحاول أن أراضيها بكل الطرق، ولكن محاولاتى الفاشلة في إرضاء غرورها كانت تفزعني أكثر ، وتابعت كلامها بفرحة ممزوجة بخوف وقالت: حملت في طفلى الثاني بعد إلحاح في الدعاء ومتابعة مع دكاترة ولكن كنت في حيرة من أن أخبر زوجي بأنى حامل وأن لا أخبره خوفاً من حماتى التي تحث زوجي على ضربى وإجهاضى بدون سبب، كنت فى موقف الجهل لتفسير موقف حماتي من حملي ، هل هى تريد الحمل أم لا ، وتسألت نفسي ما علاقة حماتي بهذا الشأن ، ومن المفترض أن هذا الأمر يخصني أنا وزوجي ، ولكن اضطررت أن أخبر زوجى بحملى الثاني حتي أتبع تعليمات الدكتورة معه.

وكالعادة تفتح إيمان باب غرفتها لتخرج مرتدية ملابسها ذاهبة إلى الجامعة ولكن سرعان ما تعزم الحماة وابنتها بمعرفة ماترتديه  من ملابس داخلية ويبرروا ذلك بقولهم «علشان نعرف إنتي محترمة ولا لاء»، وتقول بحزن ملئ بخوف: كنت أعود من الجامعة إلي بيت حماتى لبدء معاناة جديدة نفسية وعصبية من توبيخ ونظرات لئيمة منها ومن ابنتها، ولكنى كنت ألتزم الصمت خوفاً منهم وخوفاً أيضاً على طفلي الذى لم ير الحياة بعد.

تستمر فى حديثها قائلة: ذات يوم وبينما كنت فى الجامعة مرضت وأغرقنى الدم وسرعان ما أجريت الاتصال بزوجى وبصوت يسيطر عليه الألم قولت له «ألحقني مش عاوزة أخسر ابني تاني» ولكن رد وبكل برود «أتصلي على أهلك»، ولكن الله الذي وههني الطفل أيضا وهبني الصبر والقوة فقامت بالإتصال بأهلي ثم قامت بالاتصال بالدكتورة التي أعطتني حقنة منعت النزيف وحافظت علي الطفل.

ثم ظلت إيمان نائمة 3 أيام للراحة بأمر من الدكتورة ، ذلك الوضع الذي لم يعجب حماتها فكانت حماتها صارمة جداً في قرارها وأخبرت ابنها أنها لاتريد أن أكمل حملي ، وإما أن يتختار الطفل الذي لم يولد بعد أو يختار أمه ، وأضافت :سمعت حامتي تقول كلمة أتذكرها جيدًا حيث قالت «مش حرام ينزل الجنين من بطن أمه طلما مفيهوش نبض» أن كان هذا تفسيرها للدين ، ولكن أي دين وأي إنسانية وأي شرع يقول ذلك؟.

كان القرار أن يختار زوجي أمه، بهذه الجملة تتابع إيمان قصتها: ذات يوم دخل زوجى إلى المنزل وكان يتحث مع حماتى في الهاتف المحمول وهو على باب الشقة سمعته يقول لها «خلاص ياماما هخلص وأكلمك» وبعد تلك الكلمة انقبض قلبى، ثم جلس لمدة خمس دقائق فى الصالة وبعدها تحرك إلى غرفة نومي وسرعان ماقام بأخذى من علي السرير ثم رمانى علي الأرض وقام بضربى بكل وحشية يريد أن يجهضنى ليرضي أمه مردداً «ماهو مش العيل ده اللي ييجى يضايق أمى»، وحتى أصبحت جثة هامدة من كثرة الضرب ولم أكن أتفوه بأي كلمة، وكنت أضع يدى على بطنى وأقول «مش هسيبك تموت يا حبيب ماما»، ثم تعب زوجى من كثرة ضربى وأصبحت مسطحة علي الأرض ولا أستطيع تحريك جسدى وأصبحت شبه ميتة، حتي صباح اليوم التالى قام زوجى بجري من شعرى وسحبني من غرفة نومى إلى الصالة قائلاً «حضريلي فطار وتعالى نروح لأمي علشان أعرفها إنى عملت اللي هي عاوزاه».

وتابعت إيمان حديثها بكلمات حزينة ومؤثرة قائلة: دخلت المطبخ وقامت بالإتصال بأهلي ، ثم علم زوجهي وقام بضربي حتي كادت أن أموت، وكان صوتي يعلو من شدت الوجع، وما إن عرف الزوج أنه لا فائدة مما يصنعه بزوجته وأن إرادة الله فوق كل شئ قام بطردها خارج البيت بملابس البيت خوفاً من أهلها، وما إن نزلت إلى الشارع ورآها الجيران لم يكونوا يتوقعوا أنها من كانت تصرخ، وكان أهل الشارع فى أشد الحزن علي إيمان فأخذوها حتي جاء أهلها.

وبعد أن طردها الزوج بملابس البيت ، كانت الحماة قد نقلت الملابس والذهب وفرش البيت الخاص بإيمان إلي منزلها ولم تكتفي بذلك بل قامت بعمل محضر أن إيمان أخذت كل مايخصها، وكانت الحماة ترسل أشخاص يهددوها بالرجوع والسكوت وعدم إظهار اسم ابنها في التحقيقات حيث ذهبت إيمان إلى قسم شرطة مركز الزقازيق وحرر محضر بالواقعة ، وتم تحويل القضية إلى محكمة الأسرة ، وكان من المحتمل أن تكون إيمان الضحية الثانية في جامعة الزقازيق وبذات الكلية حيث فارقة طالبة الحياة وهي بالفرقة الرابعة بكلية الأداب قسم اللغة الفرنسية بجامعة الزقازيق العام الماضي فى قصة مشابهة لهذه القصة .

إيمان التى أنفقت أسرتها مئات الجنيهات على جهازها وخطوبتها وعرسها ، لم يكتمل سنة على زواجها حتى باتت تحمل لقب مطلقة بسبب حماتها، وبدلاً من أن تفرح بمولودها الجديد فقد ذاقت جرعات المرارة من زوجها الذى لم يريد تركها تعيش مستقرة حتى بعد الطلاق، تبخرت أحلامها الوردية التى باتت تحلم بها من طفولتها، ففى البداية كان الزواج تقليدى ثم تقدمت أم العريس لخطبة العروسة لبدء حياة سعيدة ، ولكن انقلبت السعادة إلى قصة حزينة تعيشها أسرة بأكملها .

ختمت «إيمان» قصتها والدموع تغرق وجهها : ما دفعني للحديث عن ما حدث لي بتلك السنة الكئيبة ، إظهار وحشية هذا الزوج وأمه ، الذى أراد أن يأذي ابنه قبل أن يولد، والذي يعزم الآن أن يتقدم لخطبة إحدى الفتيات لتكون ضحيته الثالثة لذلك أقدم لها النصيحة من خلال ما تم سرده ، ولها أن تتحقق قبل أن تقع فى قفص منزل الوحوش .

 

فى النهاية تقول  « إيمان» أتمنى أن أحصل على حقي بالقانون ، ولأن محاكم الأسرة تصدر دايما للعامة أن (حبلها طويلة ) وتأخذ وقت طويل فى إصدار الأحكام وعودة الحقوق إلى أهلها، لذلك لجأت إلى نشر قصتي من خلال منبر الشرقية توداي ، فهل سيعود لإيمان حقها  أم سيكمل الزوج ممارسته للوحشية كما وصفته لنا ويتزوج من أخرى ويعيش حياته دون حساب ؟.

زر الذهاب إلى الأعلى