مقالات

عبدالغني الحايس | يكتب : صادق خان لندن مش قنا

عبد الغني الحايس

قبل اعلان فوز صادق خان ذو الأصول الباكستانية فى الفوز بعمدة لندن وكل المواقع المصرية والصحف تتناول الموضوع من زاوية واحدة وهى فوز اول مسلم بعمدة لندن فهل فكر جماهير لندن واهلها بنفس تفكير هؤلاء المصريين نعتقد لا بالطبع فالمعيار لديهم الكفاءة والبرنامج الانتخابى وحالة الصدق الذى تدركها الجماهير اللندنية والمزمع عليها اختيار مرشحهم بقناعة بعيدا عن فكرة انه مسلم او غير مسلم .
وصادق خان والدة مهاجر من باكستان وكان يعمل سائق حافلة وتوفى 2003 اما والدتة فكانت تعمل بمهنة الحياكة، وقد حصل خان من شهادة الحقوق وعملا محاميا بعد تخرجة كما اصبح عضوا فى البرلمان عن حزب العمال عام 2005 كما تولى خان وزير دولة لشئون الإدارة الذاتية والنقل فى حكومة بروان من عام 2008 الى 2010 كما ترأس حملة ايد لفوزة برئاسة حزب العمال البريطانى .

وبفوز خان يعد أول مسلم يفوز برئاسة بلدية لندن برغم كثير من الصعوبات التى واجهته وخصوصا من منافسة المليونير زاك جولد سميث مرشح حزب المحافظين والذى اتهمة بالتطرف وانه يدعم المسلمين المتطرفيين وهذا الاتهام الذي دعمه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أمام البرلمان ليحاول أن يقلل من فرص فوز خان ولكن سكان لندن اختاروا الأمل على الخوف ليبدأ خان معركتة فى لندن لتحقيق وعوده الانتخابية وليصبح الرجل الأول ذو النفوذ بعد أن اصبح رسمياً محافظ لندن وستكون أولوياته حل مشاكل السكن والنقل وهى ما يوجه اللندنيين وليجعل منها مدينة تسودها العدالة ومن هنا نتمنى له كل التوفيق .

وكان مما قالة خان أنا فخور بأننى مسلم أنا لندني بريطاني أنا أب وزوج أنا مناصر لنادي ليفربول وأنا كل هذا
ودعونا نترك هنا مسألة انتمائه الدينى وهروع اللندنيين على اختيار الأمل بديلاً عن الخوف في تلك المدينة الكبيرة والعظيمة والتي لا تعترف بكل تلك الفوارق المهم أن تكون لندنيا، وكل ما يهمهم أن يحقق وعوده الانتخابية والتي تم اختيارة على أساس برنامجه وليس هويته الدينية .

ولنعود الى الوطن مصر عندما تم تعيين اللواء مجدى أيوب محافظاً لقنا فى 1/1/2006 واستمر حتى 14-4-2011 لتنطلق المواقع والصحف وقتها بالتهليل لتعيين أول قبطي محافظاً برغم أن الرئيس السادات قد عين قائد الجيش الثاني الميداني إبان حرب أكتوبر اللواء فؤاد عزيز غالى، ولكن إعلام مبارك وقتها بدأ فى التهليل لتلك الخطوة وخصوصاً أن الأقباط يشتكون من التهميش ومن القيود المفروضة عليهم في المناصب الحكومية وبناء الكنائس وكان مبارك وقتها يختار أيضاً عدد من النواب الأقباط في إطار حصته للتعيين في مجلس الشعب .

وتمر السنوات وتحدث ثورة يناير ويتم الاطاحة باللواء مجدى أيوب بعد أن فشل في استكمال العملية النهضوية بعد اللواء عادل لبيب حتى جاء عصام شرف في عهد المجلس العسكرى وتم تعيين اللواء عادل ميخائيل شحاتة محافظاً لقنا خلفاً لأيوب، فتذمر الأهالى من ذلك القرار ورفضوا أن يكون محافظهم مسيحياً وخرجت التظاهرات في كل مكان ترفض قرار رئيس الوزراء بتعينه وضرورة تولى محافظ مسلم للمحافظة وقد تم إحراج الحكومة أمام تزايد وتيرة الاحتجاجات والتى هددت بقطع الطرق وعدم السماح لأي موظف بالدخول إلى ديوان عام المحافظة، وأن قنا ليست حقل تجارب ويحاولون جعلها كوتة للمسيحين على حد قولهم ووقتها حاولت الحكومة وكل النخب ورجال الدين الاسلامي والشخصيات العامة و التي ذهبت إلى التهدئة وإطفاء تلك المظاهرات المشتعلة والتي فشلت كل محاولتهم بالفشل وكان السؤال هل ترفضون اللواء عماد ميخائيل كونه مدير لأمن الجيزة السابق ومسئول عن قتل المتظاهرين أو كونة من رجال الشرطة إنما كان الرفض كونه مسيحياً قولاً واحداً، وانهم يريدون محافظ يصلى معهم الجمعة لا ينتظرهم أمام المسجد وأفاضوا فى أسباب رفضهم وتمادوا فى إنفلات وعنف تظاهراتهم مؤكدين على ضرورة تولى محافظ مسلم إلى المحافظة حتى يتم إنهاء كل أشكال التظاهرات وأن ميخائيل لن يكون أبداً بديلاً لمجدى أيوب القبطى والذي تدهورت أحوال المحافظة فى عهده بدلاً من الإهتمام بها وتحسينها كما كانت أيام اللواء عادل لبيب والتي انتهت باستقالة ميخائيل حتى تهدأ وتيرة الاحتجاجات ولا تدخل المحافظة فى براثن فتنة طائفية .

وشتان الوضع بين لندن وقنا وهنا نضع علامة استفهام كبيرة من السبب فيما حدث ولماذا حدث وكيف يتم اجتنابه ويقبل المصريين المصريين بعضهم البعض بعيدا عن الانتماء الدينى؟

وهناك واقعة ايضا غريبة وعجيبة حدثت فى بنى مزار عندما حرض بعض المدرسين الطالبات المحجبات على عدم السماح بقبول تعين الاستاذة ميرفيت سيفين مديرة للمدرسة الثانوية الصناعية بنات خلفاً للمدير السابق لا لشىء سوى كونها مسيحية وأنهم سوف يعتصموا بحوش المدرسة ولن يدخلوا إلى الفصول حتى يتم الغاء قرار تعينها، والذى حصلت عليه بعد اجتيازها كل شروط الوظيفة وأمام الاحتجاجات قرر وكيل الوزارة الغاء قرار الندب وعودة المدير السابق وقد اتفق معها على ان تتولى مديرة مدرسة الصناعية بنين ويتولى مدير مدرسة البنين مكانها ولكن ثار الطلاب وتظاهروا ضد القرار مما يؤكد ان هناك من يحرك كل تلك التظاهرات مستخدماً الدين ومؤجج لمشاعر الوحدة الوطنية ونضع أيضاً نفس السؤال السابق لماذا يحدث ذلك وكيف ان نتعايش قولاً وعملاً.

وهذا يؤكد أن لدينا مشكلة حقيقة ويجب أن يتم حلها وموجهتها لا أن نغمس رؤسنا في الرمال نتغنى بالوحدة الوطنية بدون أن يكون هناك حياة حقيقية على أرض الواقع .

فكلنا مسلمين مسيحين شركاء فى ذلك الوطن وينبغى أن يكون معيار الكفائة هو الوحيد المحدد لاختيار المناصب فالعالم يتقدم من حولنا ونحن مازلنا قابعون في سبات عميق ولنرى ونشاهد تشكيل حكومة رئيس وزراء كندا جاستن تردوا حيث ضمت فى وزرائها من كل الأصول والأديان فكان فيها وزيرة مسلمة ووزير سيخى ووزير المحاربيين القدماء على كرسى متحرك ووزيرة الرياضة والمعاقين بها إعاقة بصرية ووزير بدأ حياته سائق حافلة وكان المعيار الرئيسى هو الكفائة وحسن الإدارة التي يتمتع بها أعضاء حكومة جاستين.

فهل نعى هذا الدرس جيداً ونقارن بين ماحدث في لندن وما كان موجود في السابق في قنا وهل لو تكرر ذلك الاختيار في أي محافظة مصرية سيكون له نفس الأثر الذي حدث في قنا سابقاً، أتمنى أن لا يحدث ذلك وأن يعلم الجميع أننا نعيش شركاء في وطن واحد وكما قال البابا شنودة أن مصر وطن يعيش فينا و ليس وطن نعيش فيه، وتحيا مصر بكل المصريين.

الأراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الشرقية توداي ، بينما تعبر عن رأي الكاتب.

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى