مقالاتمقالات القراء

عبدالغني الحايس | يكتب : الفرعون

%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%86%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%8a%d8%b3

جرت العادة فى مصر القديمة أن يطلق على حاكم مصر لقب الفرعون .

كما كان يطلق على حاكم الفرس لقب كسرى، وكذلك حاكم الروم لقب القيصر .

ولكن ارتبط لقب الفرعون بالإله الحاكم فى مصر القديمة وهو الفرد الذى بيدية كل شىء، حتى تخيل نفسه بأنه يحيى ويميت وأنه الإله فى الأرض، وقد ورد ذكر ذلك اللقب فى التوراة والقران الكريم .

واستمر اللقب فى العصور الحديثة ويطلق على الحاكم المصرى والذى يملك كل السلطات فى يدية ويحكم البلاد حكم ديكتاتورى ومن حوله حاشيته وبطانته يزينون له صنيع أفعاله مهما كانت سيئة .

ولنا أن نضع تحت هذا اللقب كثير من الأمور السيئة التى يتصف بها، فهو الطاغية والديكتاتور والمستبد الذى يقمع ويقتل كل معارضيه بدون رحمة ولا هوادة .

ويتحمل الشعب طغيان وظلم حاكمة حتى يأتى الوقت لانفجار ذلك الغضب الكامن فى الصدور، وقتها لا يهتم المواطن بأى شىء ويقدم روحه وحياته فى سبيل حريته والتخلص من ذلك الطغيان، وعلى مر العصور والتاريخ تذكر لنا صفحات التاريخ كثير من حركات النضال ضد مثل هذا الحاكم الطاغية، وزوال عروش وسلاطين وامبرطوريات حكمت شعبها بقبضة من حديد وانتهاء حكم قيصر وكسرى وأباطرة الرومان والروس وملوك وقياصرة فى كل دول العالم سواء فى العصر الحديث أو ما قبل ذلك .

ولنعود الى منطقتنا العربية تحديداً فى العصر الحديث وحركات التحرر من الاستعمار والانقضاض على الملكية التى كانت تحكمها فى العراق واليمن ومصر على سبيل المثال تم التخلص منها بالثورة عليها .

ويهدف المواطن بثورته إلى العيش الكريم والحرية كما كانت شعار ثورة يناير ضد الفرعون مبارك هى، عيش حرية كرامة إنسانية عدالة اجتماعية .

ولكن بعد زوال حكم مبارك هل تحقق للمصريين ما أرادوه من العيش الكريم والحرية والكرامة، أم كانت ثورة كالبركان قذفت حممها وغضبها وأطاحت بالفرعون ثم سرعان ما خمدث وعاد البركان الى سكونة وخصوصاً بعد أن عانى الكثير من البسطاء من تابعات تلك الحمم البركانية وحدهم ودون سواهم من القابعين خلف السواتر لحماية مصالحهم من رجال الدولة ورجال العمال واصحاب المصالح والنفوذ وغيرهم .

ويقول عبدالرحمن الكواكبى( فى كتابة طلائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ) أن استبداد الجهل على العلم واستبداد النفس على العقل وان الله خلق الانسان حراً قائد العقل فكفر وأبى إلا أن يكون عبداً قائده الجهل ويرى ان المستبد فرد عاجز لا حول له ولا قوة الا باعوانة أعداء العدل وانصار الجور. وان الاستبداد أصل كل فاسد .

ولكننا شعب أخذ على الرضوخ والاستسلام بطبائع الأمور والاستسهال بعد تجربة معاناة كما كنت أقول قبل ثورتنا نحن شعب يحتاج إلى خبطة قوية تهزه من ثباته ليسيقظ على واقعه المرير الذى يجيد طوال الوقت التكييف معه برغم مرارته ويصبر نفسه على تلك المعاناة وأنة لايريد أن يخوض تجربة تكون عواقبها وخيمة يدفع ثمنها قهراً وظلماً وتنكيلاً كما كان يحدث فى السابق حتى بعد إنقلاب يوليو 52 هلل الشعب برحيل الملك وبحثت الثورة عن طوق نجاة ليقرب منها الجموع فكان قانون الاصلاح الزراعى من وجهة نظرهم وكذلك الخطب الرنانة الفارغة من المضمون والغير قابلة للتحقيق ويحكى عن وقائع كثيرة بسبب ذلك التعنت من قادة الانقلاب وقتها .

كما حدث فى عهد السادات بطرد الحبراء الروس ووقفت عجلة الإنتاج فى مصانع كثيرة بسبب عدم القدرة على التعامل مع المعدات الروسية كما حدث فى مصانع الأسمنت ولم يكن لديهم من المرونة أو استخدام نظرية الأبواب المواربة لفتح طرق عند اللزوم أو كما حدث مع هولندا عندما حاولت أن تقدم لمصر معونات طبية هى فى أمس الحاجة اليها ورفضت مصر بسبب تصفيق هولندا للعدو المنتصر حتى كان رد السفير الهولندى أن العالم دائما يصفق للمنتصر وحاربوا وسترى كل الهولنديين يصفقون لانتصاركم .

كما يستخدم دائما الفرعون نظرية الفزاعة وتخويف وترهيب الشعب من الإرهاب أو من الخارجين عن حضن الدولة، كما يأتى دائماً باللوم على من حوله من اتباع يصورون له الأمور وردية وطيبة وهم منغمسون جميعهم فى الفساد والاستبداد والطغيان .

ونحن فى بلادنا نسعى الى خلق الفرعون الحاكم الواحد المطلق والذى يعى كل شىء وبيديه كل شىء فهو الذى يسجن ويأمر بالقتل وهو من يعفو ويصفح ويظن نفسة وطنياً مخلصاً وهو لا يعرف ما يدور حوله ولا يسمع إلا من بطانته فقط .

ولنأخذ إنقلاب يوليو مثلا والذى كان من مبادئه تحقيق الديمقراطية والتى مازلنا الى وقتنا هذا نسعى اليها ونتمناها وكانها أمل بعيد ولا أدرى هل العيب فى فهمنا للديمقراطية أم فعدم قدرتنا على تحقيقها أم جبن الحاكم المستبد والذى يسعى دائما الى الاعتماد على أهل الثقة وإقصاء أهل الكفائة بحجة حماية كرسى حكمه .

ومع إنقلاب يوليو تحول الشعب المصرى إلى شعب عبوس صامت خرست الألسن وقصفت الأقلام وقهرت حرية الرأى والفكر وكممت الأفواه وتم تأمييم الصحف والشركات وانتشر الأفاقون والانتهازيون الذين يصورون للحاكم حسن افعاله وارتفع قدرهم وسجن المثقفون وأهل العلم والخبرة ورجال السياسة وأصحاب الراى والمشورة ولم يعد لأحد كلمة فى إدارة شئون البلاد إلا الوصولييون .

كما نشطت أجهزة الأمن فى تتبع هؤلاء من ذوى الخبرة والراى والعلم والثقافة والابرياء من المواطنيين وانتشرت كتابة التقارير السرية فى الأبرياء بغرض زجهم فى المعتقلات والتخلص منهم كما انتشر التعذيب فى السجون للحصول على الاعترافات التى ترضى زبانية الحاكم وليس لمعرفة حقيقة الأمور .

كما كانت هناك المحاكمات الجائرة والاستثنائية والعسكرية والظالمة لردع من يعترض على قرار الحاكم او حتى من لدية النية للاعتراض تعرض للقهر والظلم وحتى يثبتوا دعائم حكمهم .وتم الوشاية ببعضهم البعض والتجسس على بعضهم البعض حتى يظهر ذلك الحاكم الذى يعلم دبيب النملة فى ارجاء مملكته .

لم يطلق الحرية للاحزاب السياسية التى تملك الفكر والبرامج والرؤى والتى لديها الكوادر الجاهزة لإدارة ملفات الوطن فى كل الأنحاء ولم يترك أصحاب الفكر والثقافة فى خلق جيل يملئة الوعى والنضوج .ولم يعلم ان التعليم والمعرفة أساس تقدم الأمم ورقيها انما أرادوا أن يعيش المواطن فى جهل وظلام حتى يضمنوا السيطرة علية ويخططوا لما ارادوا ويستبيحوا ما ليس من حقهم فى سرقة شعب مغلوب على أمره .

استسلم للخضوع والخنوع حتى عدت الان الى أن أفكر أن هذا الشعب مازال يحتاج خبطة قوية فوق رأسة تسيقيظه من ثباته ليحقق شعار ثورتة عيش حرية كرامة إنسانية وليتخلص من نظرية الفرعون الحالكم الإله الفرد المطلق الذى يملك كل شىء ويقرر كل شىء وأن يعترفوا ان العالم تغيير ويسير الى الأفق ونحن مازلنا نعيش فى عصور نا القديمة فيما قبل التاريخ فرعون انتهى ولابد أن يكون من الماضى وبأيدينا نحن وفقط .

 

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى