أخبار العالم

«عيدك في السما يا حبيبي».. قصة «بيشوي» ابن القمص شهيد مارجرجس

%D8%A8%D9%8A%D8%B4%D9%88%D9%8A

مسافة قصيرة فصلت بين “بولا يوسف” و”بيشوي مدحت” داخل كنيسة مار جرجس بطنطا، وبعد أن أصبح الأخير بين يدي الله، لا يملك بولا إلا أن يذكر محاسن صديقه محاولا أن يحبس دموعه “كان سايب كله لربنا، لكن ربنا اختاره”.

كان بيشوي مدحت -ابن القمص دانيال بالكنيسة المنكوبة- يرتدي ملابس الشماس، بالقرب من صفوف المذبح، يرتاد بشكل منتظم على الكنيسة منذ صغره، تفوق حتى وصل للفرقة الخامسة بكلية الطب، إلا أن التفجير الذي وقع صباح اليوم جعله في عداد الشهداء، “هو الملاك اللى فينا.. كان في أي خروجة يقولنا تعالوا الكنيسة أحسن، كان أنضف واحد فينا”، يذكرها يوسف سامح صديقه وزميله بكلية الطب.

منذ ثلاثة أيام وقبل أن ينتهي اليوم الدراسي الجامعي، ذهب مجموعة الطلاب المسيحين بالفرقة إلى أحد السكرتارية، للتأكد من حصولهم اليوم على إجازة، فيما كان آخر ما سأله بولا لمدحت “هتروح بكرة الصلاة ولا هتيجي معانا؟”، ليؤكد الشهيد “طبعا لازم أروح”، صلاة السعف كانت آخر صلاة للطالب العشريني.

في صباح اليوم الأحد، انطلقت الصلوات داخل كنيسة مارجرجس، كان «بيشوي» في الصفوف الأولى، كعادته بكل صلوات الكنسية، قبل أن يلحق بصفوف الشهداء جراء التفجير المدوي.

1

خلوق، مواظب على حضور المحاضرات العملية والنظرية، مجتهد بدراسته، دؤوب كذلك على حضور صلوات الكنيسة، في كل أحد، وكذلك بالأعياد، تذكر زميلته بالفرقة الخامسة بكلية الطب “أمنية صفوت” لـ”مصراوي”، متابعة “محترم جدا، وهو واحد من خمس أولاد في فرقة الباقي فيها بنات، ملتزم ومش بيزوغ، لكن ربنا بيختار الأحسن مننا”.

يسكن الطالب بكلية الطب بالقرب من كنيسته مارجرجس، يذكر مصطفى مجدي، أحد زملاء بشوي “خبر وفاته جالنا من أهله ومن خلال زملائنا هناك بالمستشفى”.

ووفقا لزميله “أدهم بركات”، أصيب بيشوي بكسر في الرأس، وإصابة بالغة في يده، وجاء إلى مستشفى جامعة طنطا قسم الطوارئ في حالة بالغة الصعوبة، مضيفا: “بيشوي كان محترم لأقصى حد، ودايما لو حد طلب منه حاجة بيساعد الناس”، يعتز أدهم بصداقة بيشوي منذ أيام دراستهما بمدرسة السلام الخاصة للغات بطنطا.

2

“عيدك في السما يا حبيبي”.. كلمات نطقتها الوالدة داخل مستشفى المنشاوي، عقب تأكد خبر وفاته، فيما يذكر زميله محمد مجدي –عبر فيسبوك- “دمه مغرق الأوضة، وتقريبا فضل عايش لنص ساعة بعد التفجير”.

حاول إسعاف “بيشوي” شقيقه كيرلس، النائب بكلية طب الطنطا، الذي كان بصحبته بالقداس، بحسب بولا، آخر من رأه في الصلاة.

دموع ودماء على ملابس القمص، كانت حاله عقب إنقاذه من التفجير المروع، أنقذ العناية الإلهية القمص “دانيال” وزوجته وابنه الآخر “كيرلس”، فيما ينفطر قلب الأسرة على ابنهم الشهيد الطبيب.

تلقف زملاء بيشوي الخبر بمزيد من الحزن، حالة انهيار شهدها الطلاب لوالدته، التي نجت من التفجير عقب تأكد وفاة فلذة كبدها. وعقب الواقعة، توجه عدد من زملاء بيشوي من كلية طب طنطا إلى المصابين في المستشفيات من أجل إسعافهم.

3

يعد بيشوي الطالب الأول من وفيات جامعة طنطا، فيما توفى إثره الطالب “سليمان سالم” المقيَّد بالفرقة الثانية بكلية تجارة، ليكون ثاني وفيات الجامعة بالحادث، وأصيب أحد الطلاب من كلية الصيدلة، بحسب مؤسس صفحة فريق الجامعة “ذا انسيدر طنطا”، مصطفى مجدي.

“كلنا بنقول يا بخته ويا بختهم”.. يردفها الزميل المكلوم سامح، مضيفا “التفجيرات اللي بتحصل عمرها ما زعلتنا، إحنا بنزعل من الفراق، بنفتقد الشخص، لكن ربنا بيختار اللي بيموت”.

لم يتوقف نعي زملاء بيشوي لابن كليتهم، فكتب أدهم “ربنا يرحمك يا بيشوي، و يصبر أهلك، ربنا ينتقم منكو يارب”، وعبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كتبت الطبيبة “ليلى الكاتب”، زميلة بيشوي: ربنا يرحمك يا بيشوى، أبشع حاجة إنك تكون عارف إن زميل ليك قدك يحصله كده، الوضع سئ جدا يارب صبر كل الأهالي”.

4

وكان تفجير إنتحاري لنفسه قد حدث صباح اليوم الأحد في كنيسة مارجرجس بطنطا، فيما أعلن تنظيم “داعش” المسلح بسيناء إعلانه عن الهجوم الذي يستهدف المسجيين المصريين.

وأسفر الانفجار بطنطا عن سقوط 26 قتيلا و60 مصابا، بحسب وزارة الصحة. وأمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بفتح مستشفيات القوات المسلحة لاستقبال مصابي الانفجار. وتوجه رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزير الداخلية إلى مدينة طنطا لتفقد موقع الانفجار.

 

 

المصدر 

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى