أعمدة

محمد فتحي | يكتب : عمرو دياب.. 30 سنة (غُنا)

محمد فتحي

هذا العام يتم عمرو دياب عامه الثلاثين فى الغناء.

سأتجاوز الشتائم والسباب المعتاد الذى سيصدر من البعض حين يقول -وها أنا أسمعه- عمرو دياب إيه دلوقت؟!

آه.. عمرو دياب دلوقت.

عمرو دياب هو تاريخ حياة الذاكرة العاطفية لجيلنا.

عمرو دياب الذى كنا نهدى حبيباتنا ألبوماته، والذى قال عنه على الحجار ذات مرة (زمان كان عبدالحليم حافظ.. دلوقت عمرو دياب).

عمرو دياب الذى كنا نتفق للذهاب إلى شركة عالم الفن فى سليمان الحلبى لننتظر (شريطه) الجديد ونأخذ بوستراته هدية بدلاً من أن نشتريها، وندندن أغنياته ونسمعها لبعضنا البعض، ونستغرب من الأغنية فى بداية سماعنا لها، ومن الألبوم كله، ونحن نردد: إيه اللى عمرو دياب عامله ده.. القديم أحلى، ثم بعد يومين نجد أنفسنا متلبسين بحفظ ودندنة هذه الأغنيات فى منتهى السعادة.

ستدخلنى حضرتك فى متاهات السياسة وأنا الذى أحاول أن أهرب منها.

ستقول لى عمرو دياب غنى أمام مبارك، وسأرد عليك بأن محمد منير غنى أمام مبارك.

ستغضب وتقول إنه لم يقف بجانب الثورة، وأنه غنى لمبارك (انت مش واقف لوحدك كلنا واقفين وراك) لأذكرك أيضاً بأن مبارك الذى غنى له عمرو دياب وقتها (الأغنية كانت بمناسبة نجاته من اغتيال أديس أبابا كما أذكر)، لم يكن هو نفسه مبارك الذى ثُرنا عليه، ولا هو نفسه الطاغية الذى يريد أن يورث الحكم لابنه.

ستصر وتهين ذكريات جيل بأكمله وتقول إن أغنياته سطحية، وسأرد بدهشتى الكبرى حين أخبرنى داعية شاب شهير بأنه يعتبر أغنية (تملّى معاك) أغنية صوفية من الطراز الأول يشعر أنه يغنيها لربنا. كما أن أغنيات عديدة لعمرو دياب تستطيع أن تتخيلها لمصر بدلاً من حبيبتك وستجد المعنى كما هو (متخافيش أنا مش ناسيكى.. هل جربت أن تتصورها رسالة من مصرى مغترب لبلده؟؟.. ده مثلاً مثلاً يعنى)!!.

حين غنى عمرو دياب من كلمات شاعر مبدع ومحترم وثورى اسمه مدحت العدل قدم أغنيتين من أهم ما غناه فى تاريخه. رصيف نمرة خمسة والشارع زحام أولهما، وقد غضبت جداً من عمرو وهو يسخر من أغنية مهمة مثل هذه الأغنية الأيقونة فى إحدى حفلاته مؤخراً، وقد تكون هذه أكبر نقاط ضعف عمرو دياب حين ينطلق فى الكلام فى حفلاته فيقدم وصلات وشطحات تغضب محبيه كثيراً، لكن ما يدلل على كلامى أغنيته الثانية الرائعة مع مدحت العدل وهى أغنية (ورجعت من السفر) التى لحنها موسيقار عبقرى نفتقده بشدة هو ياسر عبدالرحمن، وكان لمجدى النجار فى مرحلة، وأيمن بهجت قمر وبهاء الدين محمد فى مرحلة أخرى، بصمات مهمة فى أغانى عمرو الذى يكمل هذا العام 30 سنة «غُنا» بدأها بتجربة مهمة لم يسمعها كثير من الناس بماركة مسجلة اسمها هانى شنودة، وكلمات كان يكتبها له فى فترة من الفترات عبدالرحيم منصور شخصياً.

قد ترى أن هذا المقال فى غير وقته، لكن إن شعرت بذلك، فاعتبره ليس مكتوباً لك، بل لهؤلاء الذين يعنى عمرو دياب لهم كل معانى البهجة والذكريات الجميلة، وأنا أولهم.

بقلم | محمد فتحي

المصدر

 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى