أعمدة

محمد فتحى | يكتب : سلك سماعة عدلى منصور

محمد فتحي  يكتب  وزارة لشؤون الطفل!!

أرخم شىء هو محاولات فك (لعبكة) سلك سماعة التليفون.

تظل تتساءل وأنت تجاهد للف السلك بالعكس، كيف حدث الأمر؟ مع أن الموضوع بسيط، ولا يحتاج إلى «لعبكة»، ثم تظل تحاول وتحاول وتحاول، فإن أنت نجحت، لا تضمن أبداً أن يتكرر الأمر، وإن أنت فشلت، رضيت بالوضع الراهن، وتركت السلك كما هو، راضياً مرضياً بعقدة أو اثنتين موجودة فيه، طالما أن السماعة نفسها تعمل بكفاءة، مهما استنزفك الأمر وأنت ترد على الهاتف، فتكتشف وقتها قصر طول السلك.

أتفهم الحيرة الموضوع فيها المستشار الجليل عدلى منصور، والتى لا، ولم، ولن يتحدث عنها أبداً. أتفهم حسمه قبل فترة لموضوع تعيينه فى البرلمان، وأعرف أنه رفض الأمر مراراً وتكراراً، تلميحاً، وتصريحاً. أتفهم ذلك وهو الموضوع فى مرمى النيران من بعض النواب المبتذلين، والسفلة، الذين يهاجمونه، ويشتمونه، ويسبونه، ويتهمونه بأنه «إخوان مسلمين»، لتكتمل الصورة التى نرفض أن نعترف بها وندرك من خلالها أنها أقرب لمدينة البط منها إلى مجلس النواب.

أتفهم ما أتوقع أنه قيل للرجل: يا فندم حضرتك راجل محترم، وتحب مصر، فلا يضيرك نبح بعض النواب قبل أو بعد انتخابهم، فالمهم هو البلد، ووجودك فى البرلمان يصب فى خانة التجربة الديمقراطية، وسعادتك كنت فى موضع المسئولية كرئيس مؤقت، وتعلم جيداً أن انسحاب الشرفاء من المشهد يعنى أن نترك المشهد للموقوذة والمنخنقة والنطيحة من الناس، لأن الشرفاء مؤدبون، وأصواتهم خفيضة، أما وجودك فسيعطى فرصة ومجالاً لمحاولات (عدل) الكفة، ولتقبل بالتعيين لأن مصر فى حاجة إليك.

أتفهم ما أعتقد أنه يدور فى ذهن الرجل: لقد اعتززت بكونى قاضياً، ورئيساً لأرفع محاكم هذا الوطن، وألقيت بنفسى بيدى إلى التهلكة غير متهرب من مسئولية كونى رئيساً مؤقتاً فى ظروف عصيبة، فلا معنى إذن لوجودى فى برلمان يغلب عليه الصوت الواحد، ولا معنى لأن أهين تاريخى، وعمرى الذى بلغ السبعين، بأن أجلس وجهاً لوجه أمام بعض النواب الذين أهانونى، وأنتظر مساء حصة التشكيك والتخوين فى برامج «التوك شو» التى تخص أصحابهم، كما أننى لن أكون محللاً فى مجلس تسيطر عليه كتلة أغلبية تدعى دعم الدولة، وتريد أن تلغى الرأى الآخر، ولا يشرفنى أن أكون فى مجلس قال أحد قادة ائتلاف الأغلبية فيه إن منصب رئيس المجلس يحتاج لرجل (قليل الأدب) ولا يحتاجنى، فى ذم تخفَّى فى أستار مدح، ورغبة خفية فى إبعاد أى شخص له مصداقية.

أتفهم كذلك اللوبى الذى يقاد فى الكواليس لإبعاد عدلى منصور عن المنصب لصالح مجموعة بعينها، والمشهد العبثى المرتبك فى المجلس، والذى يبرز فيه بطوط ودنجل، ويتم استخدام بندق رغم تفاهته، ويحاول عم دهب بين الحين والآخر المعافرة باسم محاربة الكتلة المزفلطة التى تتزايد فى زفلطتها وزفلطة الوطن.

تخرج الأخبار والتسريبات تفيد بأن عدلى منصور سيقبل التعيين، ثم يخرج من ينفى من المحكمة الدستورية نفسها، ثم يقول البعض إن القاضى الجليل قال: ربنا يسهل، ويرجح البعض الآخر أن السكوت علامة الرضا، بينما الأساس هو أن يحسم المستشار عدلى منصور كل ذلك ببيان رسمى، غير مقتضب ولا غامض، يسمى فيه الأمور بمسمياتها، ليعلن موقفه النهائى مما تردد عن عرض التعيين عليه، لأن ذلك سيحسم كثيراً من الجدل فى وقت لا يحتاج فيه إلى جدل.

على المستشار عدلى منصور أن يقرر: هل سيخوض المعركة حتى نهايتها؟ أم أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان لينسحب بهدوء من مشهد عبثى؟ أم أنه سيقرر أن يعدل المايلة فعلاً ويكون «لوبى» وطنياً حقيقياً داخل المجلس الأخطر فى تاريخ مصر؟

عدلى منصور الآن يحاول تسليك سماعة التليفون الملعبكة، فهل سيستطيع؟؟

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى