رأيمقالات

أبانوب وجيه | يكتب: جميعنا فاسدون

أبانوب وجيهكالمعتاد توجهت لموقف الميكروباص صباحاً للذهاب إلى عملي ، ركبت سيارة ميكروباص صغيرة بها 5 أشخاص و السائق ، دار حوار من بداية الطريق وحتي نهايته حول الأحوال التي يعاني منها المواطنين في هذه الأيام ، وبدء السائق بالحديث ، حول عدة موضوعات وشاركه الآخرون ، كلما انتهوا من موضوع يتحدثون في الآخر ، ولكنني لم أشارك في الحوار ليس بجهلي بما يتناقشون ولكن ، إلتزمت الصمت لأنني أدركت من سياق الحوار أن جميعنا فاسدون ، نعم جميعنا فاسدون .

لا تتعجب عزيزي القارئ من وصفي لنا بالفاسدون ، فالمعنى أقصده بالفعل وأدركته حين سمعت آراء الركاب حول القضايا الهامة التي تشغل المجتمع بأكمله في هذه الفترة ، فالنقاش حول إرتفاع سعر الدولار حتي مروراً بأزمة زيت التموين ، وكل شخص ينتقد الوضع الراهن وكأنه وزير المالية أو التموين ويعرض المشكلة والحل من وجهة نظره وكأنه يملك عصا سحرية سيحل بها جميع المشكلات التي تواجهنا اليوم في غمضة عين.

شدني في الحوار كلام شخص معين كان يجلس بجواري ، يظهر من هيئته أنه يشغل منصب مهم ، وبدأت أقتنع بكلامه وبالحلول التي يطرحها و مدى إدراكه لأزمة الدولار والزيت وأزمة أمناء الشرطة ومشكلات أخرى نعاني منها ، بدأت بالتركيز في كلامه وأناقشه بيني وبين نفسي حتى أنني كنت سأبدء بمشاركته في الحوار ، ولكن صدمت عندما دار حوار جانبي صغير وسريع بينه وبين شخص آخر وسط الحوار الكبير ، عندما ذكر له الشخص الآخر إسم شخص يعرفونه ، ليرد الأول قائلاً «أنا اللي معين ابنه ، مع انه ميستهلهاش ومبيعرفش يكتب اسمه» ، حينها صدمت ، فكيف يتحدث هذا الرجل عن كل هذا الفساد وينتقده وهو من داخله يشجع على الفساد ويعطي حق شخص متميز يستحق الوظيفة لشخص آخر.

ليأتي السائق ليحكي هو الآخر حكايته ويوضح أنه كانت عليه قضية شيكات بسبب تعزره في مبلغ ما ، ولا يستطيع سداده ، كيف لك أن تنتقد دولة تعاني من أزمة اقتصادية ومالية ، وأنت متعذر في مبلغ كهذا ؟ .

ليأتي شخص آخر كان يتحدث بانفعال عن الفساد الذي يملأ البلد ، حسب قوله ، ويطلب من الشخص الجالس بجواري أن يساعده للفوز بوظيفة ما ، أو منصب إداري.

كل هؤلاء يتحدثون عن الفساد ولا يدركون أن الفساد بداخلنا جميعاً ، لا استثني نفسي من الفساد ، أنا أيضاً فاسد ، لأنني لم أشارك في الحوار و أواجههم بفسادهم ، أنا فاسد لأنني أشجع السائق على جشعه وأدفع الأجرة بالضعف ، بخلاف فساد آخر بداخلي لم أكتشفه بعد أو أنكره ، ولكنني أدرك أن جميعنا فاسدون.

عزيزي القارئ واجه نفسك بسلبياتك ، تشجع وإبدء بنفسك وحاول تجنب أي فساد بداخلك أو في المجتمع ، لا يعقل أن ينتهي الفساد في غمضة عين ولكن لو بدأت بنفسك في مواجهة الفساد المتفشي بداخلنا وفي المجتمع ، بالتأكيد سيتغير الوضع للأفضل مع الوقت.

  • الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رآي الشرقية توداي ، وتعبر عن رآي الكاتب.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى