رأيمقالات

أحمد أبو القاسم | يكتب: رسالة من جينيفر لوبيز

أحمد أبو القاسم
يقولون بأن الحياة لا تبتسم لنا كثيراً ، وحينما يحدث ذلك ، ستجعلك تدرك قيمة المفاجأة ، نؤمن أحياناً بأننا لسنا على ما يرام برغم قوة الأمل والتفاؤل بداخلنا ، برغم دفعنا لأنفسنا لتصديق وهم الراحة الأبدية ، إيماننا بالواقعية يدفعنا للإستمرار ، يجعلنا نرتضى بما تعطيه الحياة لنا من ضحكات بسيطة أو ضغوط معقدة ، يقولون بأن الحياة هى إختبار للتحمل ، والنجاح فيه هو كيف تحتفظ بإبتسامتك.


نحاول أحياناً إدراك الأقدار كنوع من المهارة ، حتى نقول ” حظى وحش ” أو يقول الآخر ” أنا عارف إنى نحس أو فلان ده محظوظ ” ، المضحك هو إيماننا الشديد بذلك ، فنصبح خبراء فى التنجيم ، نفعل ذلك كمحاولة لإمتلاك الراحة الأبدية ، فمعرفة أقدارنا توصلنا لقناعة كاملة عن مقدار نصيبنا من السعادة ، نتجاهل تماماً بأن الحياة أمهر لاعب وتستطيع قلب قواعد اللعبة فى لحظة ، فتحول البؤس لنعيم ، أو العكس.


لم أكن يوماً متفاعلاً جيداً على موقع تويتر ودائماً ما أشعر بداخله كمسافر ضل طريقه بمحطة يدرك فيها الجميع أى الطرق سيقصدون ، فى إحدى الأيام وجدت عدد هائل تابعنى بشكل متواصل وبلا مبرر ، اندهشت وسط تندرى وسخريتى بأننى أصبحت فجأة من المشاهير ، هل أبدو لمئات تابعونى حول العالم بأننى هكذا ، فمن هذا الذى تقوم المغنية العالمية ” جينيفر لوبيز ” بمتابعته ؟ ، نعم جينيفر لوبيز ضغطت بكل إرادتها على ” Follow ” ، الأمر أصبح مضحكاً بالنسبة لى ، ” لماذا أنا ” سؤال تكرر كثيراً بداخلى ” ، التفسير المنطقى هو أنها متابعة بالخطأ ، ولأن المفاجآت الطريفة دائماً تأتينا بأجوبة لكل الأسئلة التشاؤمية ، قامت جينيفر بإعادة إحدى التغريدات ، إذن فالحياة أعطتنى إبتسامة غريبة والأمر أصبح واقعياً ، وفقاً لحسابها الشخصى يتابعها أكثر من خمسة وثلاثين مليون شخص حول العالم ، يحلمون ربما بكلمة من هذه المطربة أوالراقصة أومصممة الأزياء أو أشياء أخرى تشتهر بها ، أجد نفسى واحداً ممن تابعتهم بنفسها ، وإنعدمت إحتمالات عدم التصديق أو التشكيك فى القصة ، حين تأكدت بأنها هى من تدير حسابها الشخصى بنفسها بلا وكلاء أو متخصصين فى التواصل الاجتماعى .


الأمر لا يستحق الذكر كثيراً ، أو يستحق ربما لدى البعض ، لكن الأهم فيه هى المفاجأة ، مزحة من الحياة أوجدتنى فى متاهة لمدة أيام للإجابة عن أسئلة بلغات مختلفة تسألنى من أكون ، بجانب عبارات تودد أو شتائم أحياناً لم أفهم منها سوى ما كتب بالإنجليزية ، أرادت الحياة أن تذكرنى بدرس هام ، أنها تسير بإطار متغير أساسه الدائم هو اللامتوقع ، فى لحظة قد تتبدل الأحوال ، ويحدث مالم تفكر فيه ، حتى تعيش فى نعيم أو شقاء للحظات ، ويصبح قمة السذاجة أن تؤمن بالأبدية فى تفاصيل الاقدار .


أرجو ألا تصدق أول ما كتبته بأننا لسنا على ما يرام ، فى الحقيقة نحن بخير لطالما مدركين بتقلب الظروف وقادرين على تقبلها ، مدركين بأن ما يبكينا اليوم ، سيأخذ مكانه لاحقاً ما يخلق بداخلنا البهجة ، فلا تبنى ثوابت بدوام الأحوال ، نحن نحيا اليوم لنترقب ما سيحدث غداً ، بإيمان راسخ فى القادم بأنه حتماً سيصبح أفضل.

 

للتواصل مع الكاتب على موقع تويتر Elqasem@

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى