رأيمقالات

أحمد حامد دياب | يكتب : قصة عسكري جيش ارتدى طاقية الإخفاء!!!

أحمد حامد دياب
أحمد حامد دياب

دقت أجراس هاتفه القديم لتتعانق مع أصوات قرآن آذان الفجر في منطقته التى توصف بأنها منطقة عشوائية.

يستقيظ «أحمد نور الدين» من نومه العميق لينظر إلى هاتفه ليعرف أن الساعة الثالثة فجر السبت آخر يوم فى آخر أجازة يحصل عليها فى خدمته العسكرية لانه «رديف» وباقي له فى خدمته كلها 13 يوم فقط فى وحدته الموجودة فى العريش .

ينتاب «أحمد» لحظات من الاستغراب نظرًا لأن والدته لم تستيقظ كالعادة لتوقظه ليسافر إلى جيشة وتقول له كلمتها التي ترددها دائمًا «الجيش للرجالة يابني».

يدخل إلى غرفتها ليجدها فى ثبات عميق واضعةً صورته الشخصية بجوارها فيقبل يديها وينسحب فى هدوء لعلمه أنها متعبة ومرهقة حيث كانت تقف طوال اليوم على النصبة التى تعمل بها فى أحد الأسواق وتبيع فيها الشاى والمشروبات الساخنة .

حيث أنها قامت بتربية «أحمد» وأربعة من اخواته ولد وثلاثة بنات بعدما مات والدهم الذى كان يعمل سائق لدى أحد الأسر من عملها على هذه النصبة حتى تخرج «أحمد» من كلية دار العلوم جامعة القاهرة وشاءات الأقدار أن يلتحق «أحمد» بالجيش نظرًا لقوة جسمانه .

يخرج «أحمد» بهدوء ويدعوا الله قائلاً : «ربنا يكرمنى واخلص جيشي على خير عشان اشيل الحمل عنك شوية ياما ».

يحمل «أحمد» حقيبته ويخرج مُسرعًا ويلاحظ انتشار رائحة مسك في أنفه لم تفارقه حتى وصل إلى الموقف ليستقل الميكروباص إلى وحدته بالعريش ويسأل «أحمد» السائق : العريش ياسطى؟
فلا يرد عليه ولا يجيبه وجاء شخص آخر وسأل نفس السائق فأجابه !!

استغرب «أحمد» من عدم رد السائق عليه وقال فى نفسه «تلاقيه من بتوع رابعة اللى بيكرهوا الجيش» وركب وتحركت السيارة وظل «أحمد» مستغربًا لأن الكمسري لم يطلب منه أجرة وقال فى نفسه لعله يعرف إنى «عسكرى يتيم وغلبان وصعبت عليه».

يقف الميكروباص وينزل «أحمد» مسرعًا ويدخل من بوابة الوحدة ويقابل الصول «أشرف» ويقول له صباح الخير يا فندم لكن الصول «أشرف» لم يرد عليه ولكنه يدخل مسرعًا ولا يبالي حتى وصل إلى المبيت وهى حجرة بها عدد من الأسرة ينامون بها .

يدخل «أحمد» ليضع حقيبته ولكن يفاجأ «أحمد» حينما يرى أحد زملائه العساكر ينام مكانه بل والفاجعة أنه قام بكسر قفل دولابه وأخذ الدولاب لنفسه .

صاح «أحمد» قائلاً …«ازاى ينام على سريري وياخد دولابي وانا لسه فاضلى 13 يوم فى الجيش؟»
ولكن لم يجيبه أحد!!!
يصيح «أحمد» أكثر وأكثر لكن دون أن يبالي أحد بقوله أو يرد عليه رغم استيقاظ عدد من العساكر ووقف «أحمد» عن صياحه حينما سمع زميله العريف «مصطفى» يؤذن آذان الفجر بصوته الأجش «الله أكبر الله أكبر».
يردد «أحمد» ورائه الآذان .

يسمع «أحمد» صوت صديقه «مينا» العسكري الصعيدي وهو يقوم بايقاظ أصدقائه وزملاه المسلمين ليصلوا الفجر جماعة خلف النقيب «حسن» .

يدخل «أحمد» ليتوضأ فى دورة المياه ولكن أثناء غسيله لقدميه لاحظ شئ غريب ….لاحظ وجود بقع حمراء داكنة على قدمه ولكن يرد على نفسه ويقول لعلها حساسية من البيادة !!!

وحينما هم بغسل زراعه وجد نفس البقع عليه فزاد استغرابه أكثر وأكثروقال فى نفسه «ده ايه الليلة الحمرا دى!!».

ثم توجه بسرعة إلى الغرفة مرة أخرى وكانت خالية من جميع العساكر حتى «مينا» خرج ليجهز الساحة لطابور الصباح.
يبدأ «أحمد» في خلع ملابسه ولكنه يستغرب من انتشار رائحة المسك أكثر وأكثر فاعتقد وقتها أن أمه قامت بسكب بعض المسك على ملابسه وهو نائم وحتى يكتشف «أحمد» سر البقع الحمراء بدأ فى خلع ملابسه الشتوية الثقيلة الجاكت فالقميص فالبروفال ورائحة المسك تزداد أكثر فأكثر .

حتى خلع ملابس الجزء العلوي من جسده بالكامل ولكنه لا يرى شيئ نظرًا لان الغرفة مظلمة وبصيص من نور الفجر فى أخرها فذهب «أحمد» إلى آخر الغرفة ليقف فى النور ويشاهد هذه البقع الحمراء التى أصابته .

يقف «أحمد» فوق سرير سعيد زميله ويفتح الشباك ويبتعد بسرعة حتى لا تصيبه لفحة برد كما توصيه أمه دائمًا وينظر الى جسده وهنا كانت المفاجأة!!!

وكانت المفاجأة الكبرى أن «أحمد» وجد ثلاثة فتحات فى أنحاء بطنه وعليها دم وحينما وضع يديه عليها وجد انه لا يشعر بشئ واستغرب أكثر حينما شم يديه فوجد رائحة المسك !!!

صعق «أحمد» مما رأه وقال لـ«علي» كنت نائم على شئ مدبب وأصاب بطنى وخرج مسرعًا ليبلغ قائده العميد «محمد عبدالفتاح» ليحصل منه على استمارة لتوجه للمستشفى العسكري لعلمه بعدم قدرة أمه التى تربي أخواته الأيتام على مصاريف خياطة هذه الجروح فى عيادة خاصة .

وجد «أحمد» طابور الصباح قد أقيم ووقف زملائه ليحيوا علم مصر «تحيا جمهورية مصر العربية» ورغم جراحه الغير معروف أسبابها حتى الآن وقف «أحمد» ليحيي العلم معهم ثم كانت كلمة العميد «محمد» والتى حملت المفاجئة الكبري حيث قال نصًا «صدرت أوامر القيادة العليا للقوات المسلحة بتغيير أسم الوحدة من الوحدة125 بالعريش الى وحدة الشهيد العريف «أحمد نور الدين» والذي استشهد على يد مجموعة من الارهابيين الخوارج».

وهنا صاح «أحمد» «يا فندم أنا عايش …يا فندم أنا ممتش …يا فندم يمكن حد شبهي» ولكن لا أحد يجيب عليه وكأن على رؤسهم الطير حتى جرى «أحمد» إلى المبيت ليحضر من حقيبته بطاقته العسكرية والشخصية وهو يجرى نظر للمرآة ولكنه لم يرى نفسه فيها… فخاف وجرى بشدة وكأنه في كابوس عميق وذهب مرة أخرى للعميد «محمد» فوجده يقول لزملائه الحمد لله أن «أحمد نور الدين» حي ولم يموت فطمأن «أحمد» إلى أن العميد «محمد» أخيرًا قد رأه وعرف أنه على قيد الحياة ولكن سكت العميد «محمد» للحظات ثم مسح الدموع من عينيه وقال :  «وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)» آل عمران.

فعلم «أحمد» أنه حي يرزق ولكن لا أحد يشعر به ومن يومها يقوم «أحمد» يوميًا بواجباته ويحيي علم بلاده ويعمل كالأحياء وأكثر وينتظر أجره ومكافئته من الحاكم الحكم العدل قاضي السماوات والأرض في يوم لا نفع فيه لجماعة ولا شفاعة فيه لسلطان .

مقالات الرأي تعبر عن صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الشرقية توداي

زر الذهاب إلى الأعلى