مقالات

أحمد حلمى | يكتب : حرية الألفية الثالثة

أحمد حلمي

نشأنا جميعا و تربينا على أن احترام الكبير هو أمر حتمى .، فلا يسمح للصغير بأن يناقش الكبير فى الأمور أو القرارات ، كان المتاح فقط مجرد الطلب وكان موضوع النقاش ينحصر فى كلمتين إما نعم تلبية للطلب و إما لا وينتهى الموضوع ..هل هى ديكتاتورية ؟

فى رأيى لم يكن هذا الاسلوب ديكتاتورى مطلقاً كما يراه البعض ، ولكنه كان قمة الديموقراطية و الحنان لسبب بسيط ، من يملك أمره فهو حر يتصرف كيفما شاء فى متطلباته وينفذها بالطريقة التى يراها ، ولكن من يُعّوِل أمره على شخص آخر فعليه ان يفهم انه طالما هو يطلب أى يحتاج فلابد ان يلتزم شيئين فى منتهى الأهمية أولا الأدب ، ثانيا أن يعلم تمام العلم أن الإجابة للطلب هى فضلا وليست إجباراً على الشخص الآخر ، بلا شك له حق القبول او الرفض و بدون إبداء مبررات .

سار هذا النهج فترة طويلة الى أن إصطدم بما يسمى التربية الحديثة ، فبدأت للأسف فى الإنتشار من مدخل مسموم و هو التطور الخارجى فقط كمسمى ظاهرى أما باطنه كان يحوى قنبله زمنيه تسمى الإنفلات ، للأسف كانت بدايتها فى ما كان يقال لنا فى المدارس و تحديدا فى المرحله الاعدادية وهى مرحله بدايه المراهقة و التحول الفكرى و الاستقلال العقلى فى صنع القرارات .

يتم سرد أن الطفل فى الخارج عندما يبلغ سن السادسة عشر يكون مستقلاً بنفسه و يحق له العيش بمفرده و يحق له أن يتزوج و أن يعيش حياته الخاصه و إلى آخر الحريات المطلقة ، ولاقى الأمر صدى كبير عند الشريحة التى استجابت عقليا ً للأمر وهم الآن آباء و لهم أبناء ولكن للأسف حدث التطبيق كما أرادوه ،

كانت الحرية هى شرارة البدء فى فتيل القنبلة دون التحرك من خلال قاعدة سوية إسمها ضوابط و تعاليم مبنية على أساس دينى جميل بلا أى تعصب أو تشدد وكان إسمها الواقعى العادات و التقاليد والتى للأسف تسمى فى الخارج بروتوكول أى الإسلوب الراقى فى التعامل وتنسب للعائلات الملكية عادةً ، للأسف يتمنى الجميع تطبيقها طمعا فى لفظ بروتوكول فقط و نسوا أن العادات و التقاليد هى بروتوكول أصيل هجرناه لمجرد ربطه بوصف ” الدقه القديمة ” .

أصبح الآن فعلاً جيل الأطفال من هم فوق العاشرة وحتى مرحلة الجامعة بلا رابط أو قيد يكبح جموحهم الفكرى المنطلق بلا أى مراعاة للحواجز الموجودة بطبيعة الأمور، نرى الطالب فى المرحله الاعدادية أو الثانوية تحديدا له صداقات خاصه من البنات و بينهم مجال اتصال مفتوح بمعنى الكلمة سواء بالإتصال المباشر كالمدرسة او الجامعة او حتى النادى أو الاتصال الغير مباشر كالموبايل و تطبيقاته المتعدده فى التواصل اومواقع التواصل الاجتماعى بشكل عام ، فنجد أنه لم تعد هناك خصوصيه تذكر ، أو بمعنى أدق لم يعد هناك بابا مغلقا على كل منزل .

فى الماضى القريب كان تليفون المنزل له مواعيد ، فبعد التاسعة أو العاشرة على أقصى تقدير مساءً وهو ميعاد تناول العشاء لا يسمع له رنين بل كان اى اتصال يسبقه قول اللهم إجعله خير أو سترك يا رب لأن عادة تكون المكالمات لأخبار مزعجة ، للاسف أصبح التحرر فى كل شىء فى المأكل و الملبس و المشرب .

أصبح الحرج و التكلف مقتصرا على اللقاء الاول فقط وبعد ذلك يتم تجاوز الحدود ، ولم يعد هناك إحمرار الوجه أو النظر فى الأرض من الخجل بل أصبحت هناك الفوضى فى كل شىء

مجموعة من التشابك فى كل الامور جعلت من الغالبية أنه من يكون قادرا ً على فعل شىء يفعله دون النظر هل سيضر الغير أم لا ، فالمهم هو تحقيق الهدف .

ليست الحريه هى الحصول على متعة شخصية على حساب الغير كسماع الأغانى ، فقط صوت مزعج يمر فى سياره او موتوسيكل يزعج الجميع وفى حاله الإستنكار يكون الرد ” وإنت مالك أنا حر فى عربيتى .

الحريه لا يجوز ان تكون شاذة عن الضوابط الاجتماعية و الواقع و القيم مهما كانت مقبولة بين طرفين او عده اطراف ، لأنه لا يصح الا الصحيح لان الطباع السيئة هى إرث سيورث لكل من هو قادم و تصبح عرفاً بواقعية الأمر .

الحرية هى أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك ، الحرية هى أن يحب الفرد لأخيه ما يحبه لنفسه أن يخالق الغير بخلق حسن ، الحرية هى ما لاترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك ، هى التمتع بكل ماهو جميل دون ترك وراءه آثار سلبية ، الحرية هى ان تتقى الله فى كل قول و فعل فلا مانع من أن نرتقى للأفضل ونكتسب الطباع و التطورات من الخارج ولكن بضوابط ، هى أن تتماشى مع أخلاقنا .. وان تكون مؤثره إيجابياً على النفس و الغير .

لا تخجل من الاعتراف بأنك وسط الكبار صغيرا فالإحترام يكمن فى التوقير للكبير ولا تتخطى قدرك طمعا ً فى مكاتفة الكبار مغترا ً بقدرات هشة قد تراها عندك من قبيل الصدفة تحت مسمى الحرية ، هى إن كانت عندك من قبيل الصدفة فهى عند الكبار تسمى خبرات الحياة ، لذا إعرف حجمك جيدا وكن متلقيا ً دائما ً .

و أخيرا ً إحترم الكبير ، كبير الخبره ، كبير العقل ، كبير المقام ، كبير السن ، لا تحاول أن تتخطى قدره فتصطدم بالمفاجآت وتكون سببا ً فى الفوضى .

الآراء المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداى
 

زر الذهاب إلى الأعلى