أعمدةمقالات

أحمد ماهر| يكتب: الحبس الاحتياطى والتنكيل بالمعارضين

احمد ماهر

فى مثل تلك الأيام منذ 7 أعوام وتحديدا فى 27 إبريل 2006 تم اعتقالى ضمن مجموعة كبيرة من النشطاء أثناء اعتصامنا أمام نادى القضاة بشارع عبدالخالق ثروت لمساندة مطالب القضاة باستقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، ولمساندة اعتصام القضاة داخل النادى اعتراضا على محاكمة المستشار محمود مكى «نائب رئيس الجمهورية» والمستشار هشام البسطويسى «المرشح الرئاسى السابق».. ومكثت فى سجن المحكوم «طرة تحقيق» مدة زادت على شهرين، وبغض النظر عن المعاملة السيئة وما حدث بالداخل وبغض النظر عن معاناة الأهل، ولكن ما سبب لى ضررا أشد هو أنى فقدت وظيفتى نتيجة الغياب عن العمل، وفقدت مصدر دخلى وتراكمت على الأقساط والديون، وبعد الإفراج عنى وقتها ظللت فترة طويلة حتى أستطيع العثور على وظيفة جديدة وأستطيع سداد الديون المتراكمة أثناء فترة الحبس وما بعدها. وتساءلت وقتها كيف يسمح القانون المصرى لأى ضابط أن يلفق أى محضر بأى اتهامات باطلة ليمكث الناشط السياسى فترة فى السجن تحت اسم الحبس الاحتياطى ليتم التنكيل به وبأهله ويفقد وظيفته، ويظل يعانى لفترة من نتيجة تضامنه مع قضية ما أو نتيجة دفاعة عن الحقوق أو نتيجة معارضته للسلطة.

وبعد الثورة توهمنا أنه سيتم تغيير كل تلك التشريعات المعيبة التى استخدمها حكام مصر قبل الثورة للتنكيل بالمعارضين ولكن لم يحدث أى تغيير إطلاقا وربما كان الحال أسوأ، فقد تم حبس آلاف الشباب بعد محاكمات عسكرية سريعة، وتم العودة لاستخدام قانون الحبس الاحتياطى للتنكيل بالمعارضين كما كان يحدث قبل الثورة، ورغم أن جماعة الإخوان عانت أيضا من استخدام قانون الحبس الاحتياطى للتنكيل بالمعارضين فإنهم لم يفكروا فى تعديل قانون الإجراءات الجنائية أثناء وجودهم فى مجلس الشعب ولا يرغبون حتى فى تعديله الآن لأنهم يحتاجون لاستخدامه، كما كان يفعل مبارك ضد المعارضين.

ولم يضع التشريع المصرى تعريفاً محددا للحبس الاحتياطى، وإنما اكتفى بإيراد قواعد تعالج موضوع الحبس الاحتياطى فى قانون الإجراءات الجنائية، لذلك فقد تعددت تعريفات الفقه المصرى للحبس الاحتياطى، فعرفه الأستاذ الدكتور نجيب حسنى على النحو التالى: هو سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفق ضوابط قررها القانون. وعرفت المادة «381» من تعليمات النيابة العامة الحبس الاحتياطى على النحو التالى: هو إجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائى من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك، والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجنى عليه، وكذلك وقاية المتهم من احتمالات الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة.. وهنا يبرز الفارق بين الحبس الاحتياطى والحبس العقابى، فالحبس الاحتياطى يكون مؤقتا وعند الحاجة وبهدف منع الهرب أو إتلاف الأدلة أو الانتقام، ويجب ألا يتحول الحبس الاحتياطى إلى حبس عقابى، ولذلك فإن الحبس الاحتياطى يعتبر وسيلة لضمان سلامة التحقيق «إن كان هناك تحقيق» وليس إجراء عقابيا كما يحدث الآن ضد النشطاء المعارضين.

وعلى الرغم من خلو القانون المصرى من تحديد مبررات الحبس الاحتياطى فإنه نص فى المادة 143-1 من قانون الإجراءات على ما يفيد أن مدة الحبس الاحتياطى يكون لمصلحة التحقيق، ويستفاد من نص المادة أن مجاله ينحصر فى الجنايات والجنح المعاقب عليه بالحبس مدة تزيد على ثلاثة شهور، ومن ثم يتم استبعاد المخالفات والجنح المعاقب عليها بالغرامة أو الحبس الذى لا تزيد مدته على ثلاثة شهور من نطاق الحبس الاحتياطى، وأنه يمكن إخلاء السبيل بضمان محل الإقامة ما دام الأمر لم يتعد جنحة وليست جناية، أى أن التهم التى تواجه النشطاء الآن مثل إهانة وزير الداخلية أو إهانة رئيس الجمهورية لا تستدعى الحبس الاحتياطى والإهانة والتعذيب أحيانا كما كان يحدث معنا قبل الثورة وكما حدث مع نشطاء 6 إبريل فى الفترة الأخيرة.. كما أن شروط الحبس الاحتياطى تشترط توافر دلائل كافية على ارتكاب الجريمة وليس مجرد الاشتباه كما يحدث الآن من أحداث القبض على المارة أو على الصحفيين والمراسلين، كما حدث مع الطالب عماد عمر الذى كان يعمل مراسلا لشبكة أخبار مصر ونزل ليغطى جلسة التحقيق مع بعض النشطاء، فتم القبض عليه خارج المحكمة بعد حدوث بعض المناوشات وقوات الشرطة. ورغم وجود الكثير من الشروط التى يجب توافرها لوجوب الحبس الاحتياطى ووجود الكثير من الفقرات فى القانون التى توجب إخلاء السبيل فى الجنح أو انتفاء أسباب الحبس الاحتياطى فإن القانون أيضا به الكثير من الثغرات والعبارات المطاطة التى تطلق يد النيابة فى الحبس الاحتياطى فى أى جنحة أو اشتباه.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى