مقالات

أحمد نحلة | يكتب : إلى أين يتجه العالم اقتصادياً

أحمد نحلة

بدأ عام 2016 م بداية مزعجة مالياً واقتصادياً واستثمارياً في كل مكان وحتي نكون منصفين ،فقد ورث العام الجديد تركة العام الذي رحل عام 2015 م ، والذي شهد ما شهد من المشاكل وحروب تكفي لشل حركة الاقتصاد العالمى.

جميع العوامل تصب في صالح دفع عجلة الانتاج وزيادة الانتاج في العالم ، فالتحول في اسعار النفط التي هبطت الي أدني من 35$ للبرميل ولا زالت الأسعار مهددة بالهبوط أكثر ،فكان المفروض ان يشجع انخفاض اسعار النفط استهلاك المزيد من النفط ، وفي المقابل زيادة الانتاج الصناعي في العالم ، كما أن أسعار الفائدة بقيت عند ادني سعر لها ،ولا زالت في بعض الدول عند الصفر تقريباً ،بالإضافة الي أن الطلب العالمي من السلع والخدمات لازال مرتفعً ، فمالذي حصل في العالم لتنعكس إتجاهات ومؤشرات الصعود من الصعود تعود للانتكاس فتهبط جميع المؤشرات في جميع أسواق العالم من البورصة الي جميع الاسواق المالية والنقدية والسلع والخدمات .

ماذا حصل ، ولماذا حصل ، وماذا سيحصل بعد ؟

سنحاول ان نعطي لقارىء الشرقية توداى جرعة ملخصة في كبسولة واحدة ، لعلها تكفي لمعرفة الحقيقة وتزيل التسائل وتشفّي الصداع من التفكير في بكره وتعيد الأمل .

البداية ، الإقتصاد العالمي أصبح يؤثر ويتأثر في بعضه البعض بعد ان اصبح العالم قرية إلكترونية واحدة .

فالنظام العالمي الذي بشر به أنصار العالمية عالمية الاقتصاد بعد قيام منظمة التجارة العالمية والتي يرمز لها “WTO” التي تأسست في الاول من شهر يناير عام 1995 م ، والتي كان من أهم أهدافها هو العمل علي حرية التجارة بين جميع دول العالم ،ويشكل الأعضاء فيها أهم الدول العالمية في الانتاج والتصدير ،ويلتزم كل عضو فيها وجميع الاعضاء فيها بفتح أسواقهم في بلادهم لدخول وخروج السلع والخدمات بدون اي حواجز أو عوائق تمنع أو تحول دون حرية الانتقال من و إلي الدولة العضو في المنظمة ،وتلتزم كل دولة وجميع الدول الاعضاء في المنظمة بدستور ونظام المنظمة والعمل علي تطبيقه بالكامل .

نتيجة لذلك ،أصبح العالم سوق واحدة لا تتحكم فيه أي قوة خارجية من أي جهة كانت ويخضع السوق العالمي فقط لميكانيكية وديناميكية السوق نفسه فتحدد الأسعار بالعرض والطلب فقط دون أي تدخل خارجي .

وفرح العالم بميلاد المنظمة وصفق لها المنتجين والبائعين لأنها فتحت جميع أسواق العالم لهم لبيع وعرض منتجاتهم بدون أي قيد أو شرط وبقي المستهلك وحيداً وكأنه يقول لقد تكالبت علينا قوة التجار ، فلماذا لا يقوم المستهلك من جانبه بتشكيل هيئة عالمية تسمي منظمة حماية المستهلك العالمية مثلاً ؟ فقال له منظٌري ومنظمي منظمة التجارة العالمية ، لاتقلق أيها المستهلك فأنك أنت الرابح في نهاية المطاف ،فكثرة المنتجين والبائعين والموزعين للسلعة الواحدة فسيكون من مصلحتك فتنافسهم في إرضائك سيخفض السعر ويرفع الجودة ، وصدق المستهلك المسكين فأُستهلك ، وغٌرر به ،فاستنزفته إغراءات المتنافسين فوقع في فخ المديونية ، فدخل في حلقة الديون الاستهلاكية التي لا تنتهي إلا …. بـــ … تنتن … يا تنتن ، يعني يا تفلس يا تنتحر ، فأذا أفلس جائوا الجزُارين بضحية جديدة اسمن ممن كان قبله .

نعود لموضوعنا ، بعد تأسيس منظمة التجارة العالمية تنافست و إجتهدت الدول في السعي للدخول في عضوية المنظمة بشتي الوسائل والطرق أهمها سمعة البلد والدولة إذا بقيت خارج المنظمة منبوذة أمام العالم ، فقدمت الدول الغالي والرخيص وتخلت علي المهم والأهم في سبيل قبولها عضواً في المنظمة .

وتحررت التجارة العالمية من جميع القيود وتحولت من الوكيل إلي وكالة بدون بواب واختلط الحابل بالنابل وتدفقت إغراقات السلع الرخيصة والمقلدة لتطرد السلع الجيدة من التداول ، وأجبر المستهلك علي قبول الجودة الأقل المقلدة مقابل سعر أقل و انخفاض سعر السلعة سيمُكن المستهلك شراء اكثر منها وكأن دخله زاد وهو اي (المستهلك) المسكين لم يعرف زيادة حقيقية في دخله طوال عمره ، وكلما زاد دخله النقدي ( المعدود بالعملة ) كلما إرتفعت الأسعار بنفس المعدل والنسبة فألغت أثر زيادة الدخل النقدي ، واحياناً تزداد الأسعار بنسبة أعلي من زيادة دخله النقدي فيصبح المستهلك أفقر مما كان عليه قبل الزيادة ، ولهذا يتجه المستهلك لشراء السلع المقلدة الرخيصة ليعوض بها ارتفاع اسعار السلع الأصلية .

المفروض أن العالم بعد إنخفاض أسعار الطاقة واسعار الفائدة وبعد تحرير التجارة العالمية ، بعد كل ذلك وغيره أن تصب جميع هذه المزايا الاقتصادية لتخفض التكاليف فتنخفض أسعار السلع والخدمات الأصلية فتزيح السلع والخدمات المقلدة من الاسواق ، فتعود الحياة من جديد للمستهلك فيشتري الأصلي ويتخلى عن التقليد .
ولكن ما حصلش ، ليه ؟
الله اعلم .
ماذا حصل ؟ والعلم لله أن العالم موزع إلي ثلاث قوى (مالية ،سياسية ،ومنتجين) ويشار للقوة المالية بالبنوك ويشار للقوة السياسية بالدول العظمي ويشار إلي قوة المنتجين بالشركات العالمية الكبرى المتواجدة في العالم في جانب الانتاج والتصدير والتوزيع والتي تمتلك قوة لمحاربة المنافسين لها .

هذه القوي الثلاث تلعب في الخفاء لعبة الهيمنة والسيطرة بواسطة نفوذها العسكري والاقتصادي لتنفيذ أجندتها العالمية فتؤثر علي وحدات متخذي القرار في السواق بطريقة غير مباشرة ، فالبنوك العالمية تقع تحت سيطرة أقلية متنفذة ، والشركات العالمية لما لها من قوة اقتصادية إحتكارية تقوم بإزاحة منافسيها من الاسواق التي تتواجد فيها عبر شرائها لتلك الشركات المنافسة لها وإلغائها أو العمل علي تفليسها .

وفوق هذا وذاك تظل النظرة المستقبلية للإنسان تلعب دوراً مهماً في تحديد وتوجيه سلوكه والتي من أهمها سلوكه الاستثماري والاستهلاكي ، فالنظرة التفاؤلية للمستقبل تدفع للمزيد من الاستثمار والإنتاج والاستهلاك والعكس صحيح ، النظرة التشاؤمية ، تحد من الاستثمار والإنتاج والاستهلاك بل قد تؤدي الي انتكاسة وربكة شديدة في السواق بسبب النظرة التشاؤمية للمنتج والمستهلك للمستقبل ولن تفلح القروض بدون فوائد والمجانية في تغيير النظرة التشائمية للإنسان سواء كان منتجاً او مستهلكاً فيظل الانسان هو الانسان لا تستطيع ان تجبره علي اكل مال تستغيه شهيته ومعدته ولا ان تفرض عليه فكرة لا يقبلها عقله ، وهذا ينطبق علي عالم الحيوان أيضاً فأنت بقوتك أيها الانسان تستطيع ان تحضر الحصان الي الماء او الي مكان العلف ولكنك لا تستطيع ان تجبره علي الشراب والاكل اذا لم يرغب هذا الحيوان فما بالك بالإنسان له إرادة إفعل ولا تفعل بحرية الاختيار .

فالعالم فوجئ في عام 2015 م بزيادة ظهور موجات التطرّف والارهاب بشكل متزايد عّم سبقه و زادت وسائل الاعلام المرئية منها في تضخيم الحدث والاحداث وظهور مسميات لمنظمات اصبح لها عالمية الاسم والمسمي ،وخيم علي العالم عام الحزن من الخوف والتوجس من المستقبل .

وانتشر في العالم الاعلام التشاؤمي لصب الزيت علي الماء ويرش الملح علي الجراح فزاد ذلك من عمق النظرة التشاؤمية في العالم لدي المنتج والمستهلك من التخوف من الغد من مستقبل غير مستقر فتحول الجميع المنتج والمستهلك من مرحلة الإنفاق إلي مرحلة عدم الإنفاق ، والتوقف والترقب والحذر ، حتي تنجلي سحب التشاؤم من سماء العالم وهذا بدوره أدي الي المزيد من الركود في العالم وربما يؤدي الي كساد عالمي إذا لم تتدارك الأمور من العقلاء في العالم .

إن العالم يمر اليوم بمنعطف خطير خطير خطير جداً نحو المزيد من الصراع الطائفي والتطرف الممنهج والسكوت عن المظالم ، انه الظلم العالمي للإنسان في كل مكان ، لم تفلح جميع الأنظمة والمنظمات المحلية والعالمية والإقليمية في كبح إندفاع العالم الي الهاوية ، هاوية الصراع الطائفي والتطرف الاٍرهابي الذي بات يهدد جميع الناس في البر والحر والجو ، حتي انه ليخيل للإنسان انه لم يعد هناك مكان آمن يأمن الانسان فيه علي نفسه وحياته وقوت يومه إلا ما رحم ربك .

الحل ، ليت قلمي وإمكانياتي تمكني من إيجاد الحل وفرضه من اجل إسعاد الانسانية جميعاً وإعادة الابتسامة للأطفال الأبرياء المشردين في العالم وإعادة الأمل لكل مبتلي في العالم كم كنت اتمني ذلك وما أردت إلا الاصلاح ماستطعت وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم وكفي فآثرت ان أدلو بدلوي هذا خير من السكوت عسي ان تقع كلماتي في عقول قادرة تملك قدرة الإرادة علي تغير الحال الي أحسن حال باْذن الله ، الأمل بالله فى إعادة الأمور الي نصابها ويحدث من بعد كل عسر يسراً يسراً .

فلندعوا جميعاً رب وآله واحد لا اله الا هو الله الرحمن الرحيم رب العالمين جل جلاله ذي الجلال والاكرام أن يكشف الغمة ويرفع البلاء وينشر رحمته علي العباد في العالمين بشفاعة الرحمة المهداة الذي ارسله رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام.

الآراء المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداى 

زر الذهاب إلى الأعلى