أخبار العالم

احتجاب بعض الصحف والفضائيات..وسيلة ضغط رابحة أم موقف رمزى؟

Thumbmail2012 12 04+12 30 42.748Xفى مبادرة اعلامية تباينت الآراء حول نتائجها ومدى تأثيرها ،أعلنت بعض الصحف الحزبية والمستقلة الاحتجاب عن الصدور لمدة 24 ساعة الثلاثاء 4 ديسمبر احتجاجا على قمع الحريات ومصادرة حرية الرأي والتعبير بالدستور المقررطرحه للاستفتاء منتصف ديسمبر على أن تقوم عدة قنوات فضائية بتسويد الشاشة باليوم التالى تمهيدا لتصعيد الاحتجاجات تدريجيا حتى يتم تعديل المسودة وانتزاع سائر الحريات .

وحول احتمالات موجة الاحتجابات وسبل تفعيلها ، قال الكاتب الصحفى يحيى قلاش المتحدث باسم اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير،لموقع أخبار مصر إنه يتوقع رد فعل قوى لاحتجاب عدد من الصحف عن الصدور لمدة يوم تنفيذا لقرار اللجنة لاعلان رفض تجاهل الجمعية التأسيسية لمطالب الصحفيين .

واستشهد يحيى قلاش بنتائج احتجاجات سابقة عبر تاريخ الصحافة المصرية ، تدلل على أن كل هذه الإضرابات أثرت فى الحكومات ، إلا أنها كانت دائما متبوعة بإجراءات أخرى كالاعتصامات والتظاهرات والبيانات واثارة اهتمام المنظمات الدولية، لتحقيق هدفها..فعلى سبيل المثال ، احتجبت الصحف عام 1995 اعتراضا على القانون رقم 93 والذى يغلظ عقوبات الحبس فى جرائم النشر حتى تم تعديله بالقانون 96 لسنة 1996 .

و في 9 يوليو 2006 احتجبت الصحف المصريه دون القومية احتجاجا علي مشروع القانون الذي يسمح باستمرار العمل بعقوبة الحبس في قضايا النشر رغم اجراء تعديلات علي قانون العقوبات تلغي عقوبة الحبس في قضايا النشر، ولكن التعديلات استحدثت نصا يوجب حبس الصحفي اذا طعن في الذمة المالية للموظفين العموميين، واعضاء المجالس النيابيه المنتخبة، والمكلفين بخدمة عامة وكان للاحتجاج اثر مباشر حين تدخل الرئيس السابق بالبرلمان لحذف المادة .

كما لفت الى أن ظاهرة الانذار والضغط بالاحتجاب ترجع الى 1914 حين احتجبت الصحف اعتراضا على قسوة الرقابة العسكرية على الصحف، ثم احتجبت للمرة الثالثة فى 5 يونيو 1951، احتجاجا على قوانين كانت الحكومة تعتزم فرضها على الصحافة لتقييد حريتها، وغيرها .

واشار الى أن احتجاب صحف وتسويد عدد من الفضائيات لشاشاتها باليوم التالى موقف رمزى يبعث رسالة للمجتمع والعالم بأن هناك مشكلة حادة فى التعامل مع الحريات وانتهاك لحقوق المواطنين فى المعرفة .

كما فسر قلاش التمسك بادراج المادة الخاصة بمنع الحبس بجرائم النشر بالدستور بعد ثورة يناير بأن ذلك له دلالة مهمة وهى تحقيق أهداف الثورة ومنها حرية التعبير و استقلال الصحافة رغم أن النص عليها لم يكن متضمنا فى الدستور السابق بل كان مكانه بالقانون.

وأضاف أن روح الدساتير منذ 1923 لم تعرف الغاء تراخيص الصحف الا 36 9 1 وبالتالى نص المادة 48 التى ضمن حرية واستقلال الصحافة وحظر وقفها أو إغلاقها بغير الطريق القضائى يعنى امكانية الغائها أو اغلاقها حتى لو بحكم قضائى والسماح بذلك يسحب الميزة الخاصة بحرية اصدار الصحف للاشخاص الطبيعية والاعتبارية بمجرد الاخطار وفق المادة 49 والتى يعتبرها البعض توسيع لحرية إصدار الصحف لتشمل الأشخاص الطبيعيين.

واوضح أنه رغم اشتراك ممثلين للصحفيين ونقابيين وخبراء إعلاميين فى جلسات الاستماع بالتاسيسية الا أن منهم من انسحب لعدم الموافقة على بعض المقترحات لضمان حرية الصحافة، منها منع العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر، والفصل بين المجلس الوطنى للصحافة ومجلس الإعلام المسموع والمرئى، نظرا لاختلاف طبيعة العمل بين الصحافة والإعلام المسموع والمرئى.

ويرى قلاش أن الغاء النص على أن الصحافة سلطة شعبية مستقلة كما كان النص فى دستور 1971،ليس مسألة شكلية وانما انتقاص من قوتها المعنوية باعتبارها سلطة شعبية تراقب السلطات الرسمية وان كان لا يضمن حمايتها.

واضاف أن انتزاع الاعلاميين لبعض الحقوق بالدساتير السابقة لم يكن منحة وانما ثمرة نضال طويل و ضمانة لحماية حق القارىء والمتلقى عموما فى اعلام صادق حر مؤكدا مواصلة الاحتجاجات والاصرار على تعديل المواد المقيدة للحريات حتى اذا تم تمرير المسودة بشكلها الحالى .

وأوضحت الاعلامية فريدة النقاش رئيس تحريرجريدة الأهالى أن كثيرا من القيادات الصحفية لم تشارك فى مناقشة المسودة النهائية الخاصة بباب الحريات فى الدستور الجديد كى تبدى رأيها وملاحظاتها .

وطالبت باسقاط المواد المقيدة للحريات من خلال الاستفتاء والاحتجاجات لرفض الحبس والعقوبة السالبة للحرية فى جرائم النشر خاصة بعد اغلاق قناة واقالة رئيس تحرير .

وأضافت الكاتبة الصحفية أن الأهم من احلال هيئة أو مجلس محل مجلس الشورى أن تكفل الدولة استقلال الصحف ووسائل الإعلام المملوكة لها عن كل السلطات و الأحزاب حتى لا تستمر السيطرة على المؤسسات القومية فى ظل مؤشرات لأخونة الاعلام .

ولفتت الى ضرورة الابتعاد عن العبارات المطاطة وتحديد مدى سرية المعلومات لضمان حق الحصول على المعلومات ومعاقبة من يمتنع عن تقديم المعلومات وفقا للمادة المادة (47) ونصها “الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق، والإفصاح عنها، وتداولها، حق تكفله الدولة لكل مواطن؛ بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة، وحقوق الآخرين، ولا يتعارض مع الأمن القومى، وينظم القانون قواعد إيداع الوثائق العامة وحفظها، وطريقة الحصول على المعلومات، والتظلم من رفض إعطائها، وما قد يترتب على هذا الرفض من مساءلة”.

بينما تساءلت د.نجوى كامل أستاذ الصحافة بكلية الاعلام جامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى للصحافة: هل الاحتجاب اعتراضا على مسودة الدستور أم المواد الخاصة بالصحافة والاعلام فقط موضحة ان الاحتجاب كى يكون فعالا لابد أن يتزامن مع تواصل الاحتجاجات والا عتصامات السلمية والاصرار على الحقوق والحريات كاملة فضلا عن تنظيم مؤتمرات ثقافية وحملات توعية للجمهور .
وترى د. نجوى كامل ان احتجاب بعض الصحف المستقلة والحزبية عن الصدور الثلاثاء 4 ديسمبر ليس وسيلة للضغط بقدر ما يكون تعبيرا واعلانا لموقف جماعى معارض وتحفيز للقارى ء للدفاع عن حقه فى معرفة الحقيقة رغم امكانية حصوله على الاخبار والمعلومات من سائر الصحف والقنوات او من الانترنت مشيرة الى انها ليست سابقة اولى من نوعها ،فسبق ان احتجبت الصحف عدة مرات عبر تاريخها دون أن يشكل احتجابها دائما تأثيرا قويا على أرض الواقع .

وأوضحت أستاذ الصحافة ان هناك مكاسب بمسودة الدستور تتمثل فى الغاء وصاية مجلس الشورى على المؤسسات الصحفية القومية لتحل محله الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام والتى وردت فى المادة 217 ونصها “تقوم الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام على إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة وتطويرها وتنمية أصولها وضمان التزامها بأداء مهنى وإدارى واقتصادى رشيد” وحذف جملة وتعظيم الاستثمار الوطنى فيها (أى المؤسسات الصحفية)، وهو ما فهم على أنه فتح لباب الخصخصة لهذه المؤسسات.

واستطردت ، قائلة : لكن هل ستتغير السياسات ويتحقق الاستقلال امهنى أم انه مجرد تغيير للمسميات وحرية اصدار الصحف بمجرد الاخطار وعدم اغلاقها او مصادرتها إلابحكم قضائى .

وأكدت ان الصحافة معرفة اكاديميا وقانونيا كسلطة شعبية مستقلة على اساس انها تراقب اداء السلطات الرسمية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وذلك وفقا للنص الدستوري الوارد في دستور 71 19والذي يؤكد أن حرية الصحافة وسلطاتها موجودة وستظل قائمة مهما حدث لأنها ليست منحة من أحد وستظل باقية معبره عن جموع الشعب المصري. فكيف يتم الغاء هذه السلطة رغم تعددها وتعاظم تأثيرها بالمجتمع وكشفها عن كثير من قضايا الفساد ؟.

وأضافت ان الاستعجال فى اعداد مسودة الدستور ليس نهاية المطاف فيمكنن للمعترضين التصويت بلا لابطاله أو انتظار فرصة اخرى بعد صدوره لتعديل بعض المواد المثيرة للجدل من خلال البرلمان فى ظروف تاريخية مهيأة .

وأوصت بأن تكون الحرية المنشودة مسئولة لصناعة اعلام حر تنويرى يعتمد على الكفاءة ومعايير المهنية مثل المصداقية والموضوعية والتوازن والحياد بهدف النقد البناء منبهة أن الحرية التى نمارسها إلى الآن حرية عرفية، وليست مقننة، ولدينا مشكلة فى القوانين والتشريعات وفى الوعى العام والإعلاميين مطالبون بممارسة المهنة على أساس مهني منضبط بقيم المجتمع.

المصدر : اتحاد الاذعه والتلفزيون

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى