أخبار العالم

البنك الدولي: مصر غير مؤهلة لـ»الإعانة النقدية« لنقص المعلومات عن الفقراء

البنك الدولي

ارتبط اسم البنك الدولى عند الكثير من المواطنين بسياسات الإصلاح الاقتصادى المؤلمة اجتماعيًا التى انتهجتها مصر فى التسعينيات كبرنامج الخصخصة، وهو إحدى المؤسسات المدافعة بقوة فى الوقت الراهن على سياسات إعادة هيكلة الدعم التى يتخوف الكثيرون من تأثيرها على مستويات معيشة المواطنين. إلا أن المؤسسة الدولية تطرح رؤية لحزمة سياسات اجتماعية تطبق بالتوازى مع تحرير الأسعار بما يخفف من الآلام على الفقراء، وتعد التحويلات النقدية للفقراء أحد أبرز تلك البرامج الاجتماعية والذى يقترحه البنك كبرنامج إضافى لحزمة مشروعاته التنموية فى مصر والتى أعد بشأنها استراتيجية قصيرة المدى، لمدة 18 شهرا تنتهى فى نهاية 2013، تتواكب مع تداعيات الثورة المصرية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد. «الشروق» حاورت لير ارسادو المسئول الاقليمى عن ملف السياسات الاجتماعية بالبنك الدولى حول رؤيتهم لكيفية تخفيف آثار عملية هيكلة الدعم على المصريين.

● ما هى رؤيتكم للإصلاحات المطلوبة فى السياسات الاجتماعية بمصر فى ظل التحولات التى تتبناها الحكومة فى برنامج الدعم؟

ــ إصلاح السياسات الاجتماعية فى مصر قضية فى غاية الاهمية فى المرحلة الراهنة، والاهداف الاجتماعية التى ندعمها مبنية على مطالب الثورة المصرية فى توفير العيش والتكافؤ فى الفرص والتوظيف والخدمات الاجتماعية ذات الجودة.

والواقع أن مصر فى حاجة إلى تحسين نظام انفاقها الاجتماعى ليكون اكثر كفاءة، فنظام الدعم الحالى الذى يستحوذ على نحو 25% من الموازنة المصرية تذهب نسبة مهمة من منافعه للأغنياء، نحن ندعم مصر لكى يصبح لديها نظام اكثر كفاءة فى ادارة منظومة الدعم، كتوفير الكروت الذكية التى تمنع هدر السلع المدعومة خلال فترة توزيعها، وكذلك ان تقدم السلع المدعومة لكل فرد على حسب احتياجات وإذا أراد أن يستهلك ما يزيد على احتياجه يستطيع أن يشتريه بسعر السوق.

● ما هى السياسات الاجتماعية التى تدعمون تطبيقها على الاجل القصير لتخفيف الضغوط التى ستتولد مع إقبال الحكومة بشكل سريع لتحرير أسعار الطاقة؟

ــ هناك عدد من الإصلاحات نسعى لدعمها على الاجل القصير منها تجربة تأسيس نظام للتأمين الصحى فى اربع محافظات، بحيث يكون نظاما شاملا وأكثر كفاءة فى توفير الخدمات الصحية للفقراء وهو المشروع الذى بدأناه قبل الثورة وتمت اعادة هيكلته بعدها.

ومن هذه الاصلاحات ايضا نظام للتحويلات النقدية للفقراء، يوجه اليه ما يتراوح بين 10% إلى 15% من وفورات السياسات الاصلاحية فى مجالات الدعم والضرائب، والواقع ان بناء نظام مستدام للتحويلات النقدية فى مصر صعب تنفيذه على الاجل القصير بسبب عدم توافر قواعد معلومات متكاملة عن الفقراء فى مصر. لذا نقترح على الحكومة تأسيس نظام تحويلات نقدية طارئ، بهدف مساعدة الفقراء على مواجهة الآثار الاقتصادية لمرحلة التحول الديمقراطية، كتباطؤ الاقتصاد وارتفاع البطالة، وكذلك تأثيرات اصلاحات نظام الطاقة، كتأثيرات اعادة هيكلة دعم السولار على خدمات النقل، وعلى أن يكون هذا المشروع بداية لنظام مستدام للتحويلات النقدية.

● وما هى قواعد البيانات التى ستعتمدون عليها لاستهداف الفقراء فى هذا النظام الطارئ؟

ــ سنعتمد على قاعدة بيانات خريطة الفقر التى اعدتها الحكومة قبل الثورة ووفرت معلومات دقيقة عن 2.6 مليون اسرة فى القرى الاكثر فقرا، حيث تمت زيارة تلك الاسر واستبيان مستوى معيشتها.

● ومتى سيتم تطبيق هذا المشروع؟

ــ سيكون هناك اجتماع لمجلس ادارة البنك الدولى فى 30 يوليو القادم لاعتماد المشروع بعدها سيتوقف تطبيقه على قرار الحكومة والسلطة التشريعية.

● وما هو حجم التمويل المخصص للمشروع؟

ــ هذه من القضايا التى نعمل عليه، فهناك تقديرات بأن الحكومة توفر للمواطن 258 جنيه سنويا من خلال دعم بطاقات التموين، وبالتالى نحن نبحث عن المبلغ الذى تحتاجه الشريحة الادنى فى الدخل لسد الفجوة الباقية من احتياجاتها، وهى قد تقدر بـ 240 جنيه للفرد فى السنة. على ان تتسع رقعة الفقراء المستفيدين بدعم السلع التموينية ممن لم يكن يصل اليهم هذا الدعم وسيتمكنون من الحصول عليه بفضل الكروت الذكية، وسيحتاج المشروع لتمويل يتراوح بين 150 إلى 200 مليون دولار.

● ولكن فى التجربة الاردنية التى سبقت مصر إلى تحرير أسعار الطاقة تم صرف التعويضات للفقراء واستمرت الاحتجاجات الاجتماعية بسبب الصعود القوى فى مستويات التضخم؟

ــ لقد قامت الحكومة الاردنية، لأسباب سياسية، بتوزيع التحويلات النقدية على 70% من المواطنين وهذه نسبة مرتفعة للغاية لا ننصح بها مصر، فقد يكون مناسبا فى مصر توزيع تلك التحويلات على نحو 25% من المواطنين فقط، فالتوسع فى التحويلات النقدية يتسبب فى زيادة نسبة التضخم، كما يجب ألا تكون قيمتها كبيرة حتى لا تكون محفزا على عدم العمل، فنحن نقدم نصائحنا بشأن نظام التحويلات النقدية بناء على افضل الممارسات الدولية.

● كيف سيتم تنفيذ البرنامج فى مصر وهو تجربة جديدة على الحكومة المصرية؟

ــ نحن ننصح بتشكيل وحدة استشارية تقدم النصائح للحكومة فى هذا المجال بحيث تحدد من يستحق التحويلات وهل يستحق تحويلات بـ 240 جنيه فقط ام بمبلغ اكبر من ذلك، كما يجب ان تجرى تلك الوحدة حوارات مع المجتمع وجهات كالنقابات والمجتمع المدنى. ونتطلع إلى ان تشكل تلك الوحدة من مجموعة من قادة الرأى فى المجتمع ويكونون مصريين ومن اعلى الكفاءات، بحيث يظهرون فى وسائل الاعلام ويشرحون للرأى العام لما تقبل الحكومة على تلك السياسات، ونحن نخطط لتمويل تلك الوحدة لمدة عام او عامين على ان تتولى الحكومة امرها بعد ذلك.

● وما هى السبل لتوفير معلومات عن الفقراء تجعل نظام التحويلات النقدية مستداما؟

ــ نحتاج للعمل على عدد من قواعد البيانات المتفرقة كبيانات امتلاك السيارات والرواتب، والقواعد الموجود بخصوص البطاقات الشخصية والتأمينات وبطاقات التموين، وهى المعلومات التى تحتاج إلى جهد لمعرفة من يستحق الخروج من خدمات الدعم، وبناء قاعدة البيانات هو 90% من عملية تأسيس نظام للتحويلات النقدية فى مصر، ولكن اود ان اشير إلى انه ليس الاصلاح الوحيد الذى تحتاجه مصر على الاجل الطويل، فهناك حاجة مثلا إلى اصلاحات فى مجال جودة التعليم لكى تتاح للمواطنين فرص متساوية للخروج من الفقر.

● قد تساعد إصلاحات البنك الدولى الأشد فقرا على مواجهة تحرير أسعار الطاقة، ولكن هيكلة الدعم ستتسبب أيضا فى ضغوط قوية على الطبقة المتوسطة؟

ــ قد يكون لعملية اعادة هيكلة الدعم آثار سلبية على الاجل القصير على تلك الطبقة، ولكن على الاجل المتوسط والطويل ستساهم فى ترشيد الموارد ودعم النمو الاقتصادى وإعطاء مصداقية للحكومة، وهى اصلاحات ستعزز التنمية التى تستفيد منها الطبقات المتوسطة، فعندما يتم خلق الوظائف يستفيد من ذلك المتعلمون ومن يقدرون على إرسال أبنائهم للمدارس.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى