مقالات

الدكتور رضا عبدالسلام | يكتب: ترامب يحتقرنا… هل إلى خروج من سبيل

ترامب لم ولن يختلف قيد أنملة عن كافة رؤساء أمريكا السابقين من أمثال بوش الابن أو أوباما، الذي زار مصر، وخطب في جامعة قاهرة المعز عن مستقبل مشرق، وهو وادارته يضمرون ويجهزون لتفتيت المنطقة بل وتقسيم مصر، حسب متطلبات المرحلة الجديدة من الاستنزاف الغربي للعرب.

فكر معي عزيزي القاريء كيف يرانا شخص مثل التاجر ترامب او غيره من الحكام الغربيين؟ كيف يتحدثون عنا في دوائرهم وغرفهم واجتماعاتهم المغلقة؟ هل ينظرون إلينا كعرب نظرة احترام وتقدير؟ هل يطمحون مثلا في ارسال أبنائهم للقدوم الينا لينهلوا من علومنا وثقافتنا وقيمنا الثقافية والديمقراطية؟

الحقيقة المرة التي نخشى الكلام فيها أو حتى إثارتها أن هذه الأنظمة الغربية (التي صنعت هذا الواقع العربي المرير) تنظر الينا نظرة احتقار ودونية…هم يرون أننا كمثل الحمار يحمل أسفارا…نحن في نظرهم جهلاء يمتلكون ثروات ولسنا أهلا لحملها او إدارتها..نعم هذه هي الحقيقة المرة ولا ينكرها إلا مغيب او مضلل…فقد تحدث ترامب صراحة عن ذلك في أحد خطاباته.

سبق وان قلنا أن منطقتنا العربية سواء لاعتبارات دينية أو اقتصادية أو جيوسياسية ظلت وستبقى في بؤرة اهتمام صانع القرار الغربي والعالمي…ولهذا وضعها الغرب في دماغه…

فهم لم ينشغلوا مثلا بمذابح البوسنة في جنوب اوروبا خلال التسعينات لان هناك لافيه بترول ولا فيه اسرائيل ولا هم قلب العالم الاسلامي..وهذا بالضبط ماقاله وزير خارجية البوسنة آنذاك في الامم المتحدة عندما أبكى العالم بقوله ليتنا لدينا بترول حتى يلتفت الغرب لمذابحنا ويهتم بنا كما يهتم بما يجري في العراق!!

منطقتنا هي قلب العالم الاسلامي، مطلوب أن تشوه صورتها وبالتالي تشوه صورة الاسلام حتى لا يفكر أحدا فيه…والمسألة هنا بسيطة، المطلوب أن يتولى أمر هذه المنطقة أشخاص في الغالب منبتي الصلة بشعوبهم، كل شغلهم الشاغل ترسيخ حكمهم وكراسيهم حتى ولو دهست قيم العدل..هذا هو المطلوب…وبالتالي بالنسبة لأي غربي عندما يتحدث احد عن الاسلام سيصم أذنه عن اي حديث عن دين الديكتاتورية والتخلف والرجعية…ومن ثم…الإرهاب!!

في نفس الوقت مع تنصيب انظمة في أغلبها ضعيفة، لابد من تغذية النعرات الطائفية والخلافات المذهبية والحدودية، حتى تنشغل الشعوب المنكوبة ببعضها، فيقتل السني الشيعي والعكس…وأهو كله خير…حيث سيكون العرب في المزيد من الضعف والتخلف والاقتتال، ومزيد من شراء السلاح حتى لا تتوقف مصانع السلاح الغربية….أين عقولنا يا أصحاب العقول؟

مع كل هذا المشهد المخجل، تكون المحصلة منطقة واهنة، ودول مفتتة منقسمة تحيط بدولة اسرائيل، التي هي نموذج للديمقراطية، حيث يحاكم الوزراء ورؤساء الحكومة في قضايا فساد، اسرائيل التي تنشغل بالتطوير العلمي والتقني…ولهذا وبموضوعية قارن كيف ينظر الغرب لنا وكيف ينظر لإسرائيل! بعدها حدثني عن المستقبل؟

وفي المقابل، يرى المواطن الغربي محيط اسرائيل ( رمز الديمقراطية المتقدمة) دولا أو اشباه دول، فيها اعلى معدلات البطالة عالميا واعلى معدلات الأمية عالميا وأعلى معدلات التفاوت والظلم عالميا…وبالتالي تتحول إلى مصدر للإرهاب الذي يحاربه (ترامب)…وبأموالنا!!!

أتمنى من كل قلبي أن نفيق من غفلتنا…قوتنا كعرب في وحدتنا…مصلحة عدونا في انقسامنا وتشرذمنا…ليتنا نتخلى عن الأنانية ونتوقف لحظة ونسأل عن المستفيد من تغذية الصراع السني الشيعي؟ او الاسلامي المسيحي؟ ليتنا نفكر لحظة في المستفيد من تأجيج الصراع بين الخليجيين او بين السنة والشيعة في العراق او سوريا او اليمن او العراق او العمليات الارهابية في سيناء أو ليبيا؟ اين عقولنا؟

ماذا ينقصنا كعرب لنتقدم؟ والله….لسيت الموارد وليس البشر…فالمنطقة هي اغنى مناطق العالم بالموارد وهذا واقع جلي لكل ذي بصيرة. كما انها حسب التقارير العالمية هي اكثر مناطق العالم شبابا يافعا، اكثر من 60% من مواطنوها شباب؟ اذا اين تكمن الازمة أو المشكلة؟ للأسف…الاجابة واضحة لدى كل ذي بصيرة وقلب ينبض بحب هذا الوطن المنكوب.

أين جامعة الدول العربية؟ أين هي مما يجري او من كرة اللهب التي تحرق أرضنا العربية؟ اجتماعات تجري بين بعض الدول الأعضاء خارج مظلتها، وانقسامات تتصاعد ولا نسمع صوتا لمنظمة هي اقدم المنظمات العالمية والاقليمية؟ بها مئات المستشارين يتقاضون سنويا مئات الملايين من الدولارات؟ أين هي من الازمة الخليجية او السورية او اليمنية او الليبية؟ ما اسكت الله لها صوتا..إما ان تكون فاعلة وإلا فالأكرم والأشرف وحفظا لماء الوجه أن توصد أبوابها ونوفر ملايينها لفقراء ومعدمي هذه الأمة.

كلمة أخيرة ومن قلب ينبض بالحب لكل ماهو عربي: أين انتم يا قادة أمتنا العربية؟ ألا تدركون هذا الواقع المرير؟ هل فكرتم في مكانكم في كتب التاريخ؟ هل فكرتم في مسئوليتكم كرعاة أمام الراعي الأعظم؟ هل من لحظة لتأمل المشهد واتخاذ موقف تاريخي مثل ذلك الذي اتخذه السلف ابان حرب اكتوبر المجيدة؟

صدقوني سنقضي على الارهاب ومنابعه بالقضاء على أسبابه، اذا اقتربنا واحترمنا شعوبنا مع تحقيق العدل وازاحة الظلم ورموزه…سيتغير المشهد تماما…العدل يا سادة..فالمولى عز وجل يعز دولة العدل ولو كانت كافرة…ويزل دولة الظلم ولو كانت مسلمة…أليس العدل أساس الملك؟

وأخيرا لا بمكنني ان ألوم ترامب أو غيره من اللاعبين بمقدرات منطقتنا…لا يمكن ان لومهم على نظرتهم لنا بعد ان تحولنا من فاعلين الى مفعول بنا…لابد ان نلوم انفسنا أولا، وان نبدأ من هنا حكاما ومحكومين…وأسأل الله أن يمد في أعمارنا لنرى أمتنا في المكانة التي تستحقها وتليق بها بين الأمم…كما اتمنى ان تنطلق مبادرة لم الشمل وحفظ ماء الوجه والإصلاح من قلب العروبة النابض من مصر…ودمتم بألف خير.

 المقال هو من رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الشرقية توداي

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى