سياسة

الرئيس السيسي: أنا مصري بسيط .. وأتمنى النجاح مثل «ديجول» في فرنسا

16

دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى لاستصدار قرار من الأمم المتحدة يمنح تفويضًا بتشكيل تحالف دولي للتدخل فى ليبيا، وذلك بعد أن قصفت طائرات الجيش المصرى أهدافًا لتنظيم «داعش» هناك، الإثنين.

وقال السيسى، فى مقابلة بثتها إذاعة «أوروبا 1»، الفرنسية، الثلاثاء، إنه «ما من خيار آخر أمامنا، وذلك مع الوضع فى الاعتبار موافقة شعب ليبيا وحكومتها، ومطالبتهما لنا بالتحرك لبسط الاستقرار والأمن فى البلاد بالتعاون معهما».

وبشأن صفقة المقاتلات «رافال» التي تم توقيعها، الإثنين، فى القاهرة، قال الرئيس السيسى، إنه «حتى تتم مواجهة التحديات الأمنية فى المنطقة، فإن هناك حاجة إلى معدات متقدمة قادرة على الوصول لمناطق لا يمكن الوصول إليها بمعداتنا الحالية»، مضيفًا أنه لذلك فضّل التسليح الفرنسى المتطور جدًا، والذى يمكن الاعتماد عليه فى الأمر.

وردًا على سؤال حول سرعة إتمام الصفقة خلال 4 شهور فقط، وعما إذا كان الأمر قرارًا سياسيًا، قال السيسى إن «الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند، منذ أول لقاء لهما، أظهر تفهمًا حقيقيًا للمخاطر التى تحدق بالمنطقة، والتهديدات التى تواجهها مصر، وكان حريصًا على التجاوب مع كل مطالبنا حول الأمن والاستقرار، ليس فقط لمصر ولكن للمنطقة بأكملها، وطلبنا الحصول على طائرات الرفال وفرقاطة فريم».

وعما إذا كانت تلك الصفقة تعكس الثقة فى التكنولوجيا الفرنسية، والقيادة السياسية الحالية فى فرنسا، قال السيسي: «بالطبع التكنولوجيا الفرنسية ممتازة، فلدينا طائرات (ميراچ ٥) و(ميراچ ٢٠٠٠)، واستخدمناها لسنوات طويلة، كما لدينا صواريخ (كروتال) العاملة فى الدفاع الجوى، فالمعدات الدفاعية الفرنسية متقدمة ومتطورة جدًا، ويمكن الاعتماد عليها».

وحول تفاوضه شخصيًا فى هذه الصفقة مع وزير الدفاع الفرنسى، جون إيف لودريان، وعما إذا كان هذا يعكس الحاجة الماسة لهذه الطائرات، قال السيسى: «لقد رأيتم بأنفسكم المخاطر التى تحدق بنا وبالمنطقة بالكامل، لذلك نحن نحتاج لمعدات حديثة يمكن أن تذهب إلى أماكن لا يمكن أن نصل إليها بمعداتنا الحالية، فالإرهاب يهددنا ويهدد المنطقة بأسرها».

وتحدث السيسى عن تدهور الوضع الأمنى فى ليبيا عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافى فى أكتوبر 2011، قائلًا إن مصر حذرت من «الخطورة الكبيرة التى لا تواجه أمن واستقرار الليبيين فقط، بل جيرانهم والأوروبيين أيضًا».

ووصف السيسى الحرب فى ليبيا، التى شاركت فيها فرنسا ضمن ائتلاف دولى لدعم القوات التى أطاحت بالقذافى، بأنها «مهمة لم تنته بعد»، قائلًا إن «العالم تخلى عن الشعب الليبى وتركه أسير ميليشيات متطرفة».

ودعا السيسى الفصائل المسلحة فى ليبيا إلى تسليم أسلحتها، لكنه حثّ على ضرورة رفع الحظر على الأسلحة المتجهة للجيش الليبى، حتى يتسنى له الدفاع عن شعبه وخياراته، مضيفًا أن ذلك هو الجهد الذى يتبناه حاليًا وزير الخارجية سامح شكرى، فى إطار مجلس الأمن الدولى، وبالتشاور مع فرنسا وإيطاليا والأصدقاء الأوروبيين.

وجدد السيسى تحذيره من الوضع فى ليبيا، قائلًا إن «ما يحدث فى ليبيا سيكون موجة إرهاب فى المنطقة، والبحر المتوسط، وأوروبا».

وعن قتل تنظيم «داعش» فى ليبيا لـ21 مصريًا، قال السيسي إن «كل المصريين أبناؤنا وأشقاؤنا، ولا يمكن التفرقة بينهم، وما حدث فى ليبيا جريمة بشعة ضد الإنسانية، وليس المصريين فقط، فقد حذرت الرئيس الفرنسى منذ 4 شهور مما يحدث فى ليبيا، وقلت إنها ستصبح بؤرة للإرهاب ضد المنطقة بالكامل، وشددت على ضرورة التعامل معها على أنها مهمة لم تستكمل بعد من جانب أصدقائنا الأوروبيين، حيث تركنا الشعب الليبى أسيرا فى أيدى الميليشيات المتطرفة».

وتابع: «نحن بحاجة لدعم الشرعية، واختيارات الشعب الليبى، فالبرلمان الليبى المنتخب هو الإرادة الشعبية، والجيش الوطنى الليبى هو ما يمثل الشعب، ومن يرغب فى المشاركة من الميليشيات فعليه تسليم ما يملك من أسلحة ومعدات، والتعامل كمواطنين مدنيين، فيجب نزع الأسلحة والعمل على منع وصولها من الدول الأخرى للمتطرفين، وذلك لتحقيق الاستقرار فى ليبيا».

وحول قرار قصف داعش فى ليبيا، وإلى أى مدى مصر مستعدة للذهاب لمعاقبة التنظيم، قال: «نحن كنّا حريصين على عدم التدخل عسكريًا، ولم نكن نود التحرك داخل الحدود الليبية احترامًا لسيادة ليبيا وشعبها، ولكن ما حدث هو جريمة إرهابية وحشية تعرض لها أبناؤنا هناك، أن يتم ذبح أبنائنا ولا نتحرك فلا.. هذه الضربة شكل من أشكال الدفاع عن النفس الذى يقره المجتمع الدولى، والأعراف الدولية، ولن نسمح لهم بقتل أبنائنا بهذا الشكل وهم أبرياء».

وعما إذا كان سيتم توجيه ضربة أخرى، قال السيسى: «نحن فى حاجة أن نكرر ذلك، ولكن معًا لوقف التطرف والإرهاب».

وتابع: «غضبى الآن غير ناتج عن الحادث الأخير فقط، لكنه منذ شهور طويلة للغاية، فقد حذرت منذ أكثر من سنتين من أن ما يحدث فى سوريا والعراق سيؤثر سلبًا على أمن واستقرار المنطقة بالكامل، وعندما تطور الموقف فى ليبيا قلت أيضًا إن هذا الأمر خطير للغاية، وأكدت أن الأمر ليس خطرًا على الليبيين وحدهم ولكن على دول الجوار وعلى أوروبا، وحذرت من انتقال الإرهاب إلى مناطق أخرى، لذا يجب أن نعمل معًا من أجل دحر الإرهاب من المنطقة بالكامل، لكننى لا أتحدث على مواجهة أمنية أو عسكرية فقط، ولكن عن مواجهة شاملة، فكرية، وتعليمية، واقتصادية، وثقافية، وسياسية».

وحول اقتراح الرئيس هولاند لعقد اجتماع لمجلس الدفاع الأوروبى بمشاركة مصر، قال الرئيس السيسي: «نحن نحتاج أن نتحرك مع كل الأصدقاء لوضع خارطة طريق حقيقية لإعادة الأمن والاستقرار فى المنطقة».

وعن العلاقات المصرية- الروسية، قال السيسي إن «مصر لديها علاقات مع كل دول العالم، ولكن هناك تطورات حدثت فى خلال السنوات الأربع الماضية.. ونحن حريصون على وجود علاقات قوية مع الجميع، وبحاجة لمساعدة الجميع».

وتابع: «لقد أعطينا الأصدقاء فرصة حقيقية لتفهم ما يحدث فى مصر (فى مرحلة ما بعد 30 يونيو)، فما حدث هو إرادة شعبية، حيث رفض الشعب المصرى أن يحكمه تيار دينى، ورفض استمراره فى الحكم، وتوقعنا أن الأوروبيين وأصدقاءنا بحاجة للوقت لتفهم هذا التطور، ومازلنا نعطى هذا الوقت».

وبسؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة لم تتفهم هذا جيدًا مثلما تفهمه الأوروبيون، قال السيسي: «بلى، لأن الأوروبيين أقرب منا».

وبسؤاله عن سبب «مطاردة الحكومة الحالية لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين»، قال «كلمة نطارد توحي وكأننا نتعامل مع أشخاص سلميين، ولكن هذا غير صحيح، فنحن حريصون جدًا على توفير مناخ يضم كل المصريين، باختلاف أفكارهم، ولكن المشكلة هى أن يرغب أصحاب الفكر الآخر فى العيش معنا وفرض فكرهم بالقوة».

وأضاف: «فكرهم غير قابل للحياة، وقد تم اختباره فى السنوات الماضية، واتضح من خلال خريطة الإرهاب والتطرف الموجود فى العالم أن هذا الفكر بحاجة للمراجعة، وإعادة صياغته، وهذا ما طالبت به فى الأزهر (الشهر الماضى)، حيث إنه لابد من مراجعة وتجديد الخطاب الدينى».

وتابع: «يجب أن يتعامل الخطاب الدينى مع الواقع والتطور الإنسانى دون المساس بالعقيدة، فالعقائد مستقرة وثابتة، ولكن الخطاب الدينى مقصود منه كيفية التعامل مع الآخر، فعندما يصطدم هذا الخطاب بالعالم بشكل عنيف فإنه بهذا فى حاجة لمراجعة حقيقية وتطوير حتى يتناغم مع عصره».

وعن وضع حقوق الإنسان فى مصر، قال السيسى إنه «إذا كنا نتحدث عن تطوير الخطاب الدينى، وكيفية التعايش مع الآخر سلميًا، فكيف تتخيل أننا لا نحترم الحقوق الأساسية للبشر سواء داخل مصر أو خارجها، وهذا ليس كلامًا سياسيًا».

وبشأن «أحكام الإعدام الجماعية بحق جماعة الإخوان المسلمين»، قال السيسى: «أتساءل كم حكم إعدام تم تنفيذه حتى الآن فى مصر؟.. هذه مجرد مرحلة أولية من مراحل التقاضى، ولا تزال هناك مرحلتان حتى نقول إنه حكم نهائى، ويأخد المحكوم عليه فرصته الكاملة فى الدفاع عن نفسه.. مثلما تحترمون القانون والقضاء فى بلادكم كذلك نحن نبنى دولة قانون ودولة مؤسسات تحترم القضاء، والإعلام وكل مؤسسات الدولة».

وعن الشخصيات التى تمت دعوتها لحضور المؤتمر الاقتصادى، المقرر انعقاده فى مارس المقبل، قال السيسي: «نحن ندعو كل رؤساء الدول، ورجال الأعمال حول العالم، ممن لديهم الاستعداد للمجيء إلى مصر، والحصول على فرص استثمارية هائلة فى دولة بها 90 مليون شخص يعيشون فى قلب العالم».

وبسؤاله عما إذا كان يضمن للسياح الأمن فى مصر، أجاب السيسي ضاحكًا: «فيزا دخول مصر تعني الأمن والاستقرار لكل زائر للبلاد، وأهلًا ومرحبًا بكم جميعًا، وبالفعل نضمن الأمن فى كل أنحاء البلاد».

وعن شخصيته، قال السيسي: «أنا إنسان مصرى بسيط.. قادم من قلب المجتمع المصرى، ولا أحب أن أكون سوى واحد من المصريين دون تمييز أو إطراء، وأتمنى أن أستطيع تحقيق شيء مهم لبلدى.. أتمنى ذلك».

وعن مثله الأعلى فى ذلك، قال السيسى: «لقد رأيت الرئيس الفرنسى السابق، شارل ديجول، حيث حكم فرنسا فى مرحلة حرجة، وحقق نجاحًا كبيرًا، بالطبع لا أستطيع مقارنة نفسى بهذا الزعيم العظيم، لكننى أتمنى أن أنجح فى التحدى الذى يواجه مصر الآن مثلما نجح هو فى التحدى الذى كان يواجه بلاده».

وعما إذا كان يريد أن يكون مثل «ديجول» وليس الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر أو أنور السادات، قال السيسى: «أبدًا، فالشخصيات التاريخية لا تتكرر، وذلك لأن الظروف تختلف، فعبدالناصر مثلًا رمز للوطنية المصرية، ولآمال المصريين».

وختم السيسى المقابلة قائلًا إن «مصر الآن تكافح الإرهاب، وليست وحدها فى ذلك.. فالإنسانية ستحاكمنا إذا لم نجابه الإرهاب الذى يهدد البشرية بأسرها، يجب علينا حماية الإنسان وإرادته، والتناغم بين بعضنا البعض»، مؤكدًا أن «داعش هو العدو الأول فى الفكر الإرهابى الموجود بالفعل فى أماكن كثيرة جدًا حول العالم».

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى