أخبار العالم

العدالة تؤرخ.. ألمانيا تحبس قاتل مروة الشربيني مدى الحياة.. ومصر تدفن قتلاها وتمنح الحرية للجناة

العدالة تؤرخ

حين يسكن الأبرياء باطن الأرض، وينعم الجناة بخيرات الوطن.. وتخرج الروح إلى بارئها، ويبتسم القاتل ابتسامة النصر.. ويصدر القضاء أحكامه بالبراءة لعدم اكتمال الأدلة، فليس من العجب أن تتحول مصر إلى ساحات محاكم، يكون فيها القاضي مواطن، والقاتل مواطن، والمقتول أيضا مواطن.

على مدار أكثر من عامين، ظل الشعب المصري يبحث عن إدانة أي شخص في قضية قتل واحدة، بعدما وصل عدد من المجني عليهم إلى أكثر من 850 شخصًا من المدنيين، ونحو 175 من رجال الشرطة، لكن أحكام البراءة، وإخلاء السبيل، غلبت أمنيات الإدانة، بدعوى عدم اكتمال الأدلة.

للتذكرة.. وقبل 5 أعوام من الآن، وتحديدًا في ألمانيا، قتلت الدكتورة المصرية مروة الشربيني، على يد أحد المتشددين داخل قاعة محكمة ألمانية، وبعد عدة أشهر أصدر القضاء الألماني حكمه بالسجن مدى الحياة على القاتل.

ألمانيا لم تفرق بين مصري أو ألماني، وقدمت وقتها أجهزة الشرطة الألمانية جميع الأدلة التي تفيد بارتكاب المجرم لهذا الحادث الأليم، في حق المواطنة المصرية، التي عرفت بـ”شهيدة الحجاب”.

حصلت أسرة مروة الشربيني من القضاء الألماني على حكم أطفأ – قليلا- من نيران الحزن التي حرقت قلوبهم، بينما ظل أسر قتلى أحداث الثورة لا يعرفون الجناة حتى هذه اللحظة، حتى لو لم يقدموا إلى العدالة، وتستمر أحكام البراءة.

مروة الشربيني، ليست إلا مثالا على مواطن قُتل خارج حدود الوطن، فثار ضد مقتله الرأيين العام المصري والأوروبي، مهما كان سبب الجريمة، فيكفي أن الحق عاد، والقانون تم تطبيقه، والقاتل تم عقابه، بينما في مصر الآن، قتلى بالمئات، ومصابون بالآلاف، والجناة مازالوا ينعمون بخيرات الوطن.

كانت الجنسية المدونة في بطاقة مروة الشربيني هى “المصرية”، وكانت الجنسية المدونة في بطاقات قتلى مصر منذ أحداث الثورة هي أيضا “المصرية”، لكن الفارق في الدولة التي تقدم الجناة للعدالة مدعومة بأدلة القتل، وبين أخرى تقدم المتهمين للعدالة من أجل القيام بهذا الدور فقط.

استند القضاء المصري فى حيثيات أحكام البراءة إلى عدم كفاية الأدلة، وعدم ثبوت الجريمة، وتضارب أقوال الشهود، ليصبح لدينا جرائم قتل كاملة ينقصها الجانى الذى يعيش حرًا طليقًا، بعدما برأه القضاء، فضاع حق الجميع فى القصاص.

لم تكن مقاطع الفيديو دليلًا على القتل، ولم يأخذ القضاة بالصور الفوتوغرافية مستندًا لإدانة القاتل، ولم تقم الشرطة بدورها في مساندة القضاة، فدفنت مصر 850 مقتولًا بلا جناة.

في مصر أصبح القتل مباحًا، وباتت مشاهد الدماء ليست بالشيء الجديد على المصريين، ولم تقدم نيابات الثورة التي أصدر بها الرئيس محمد مرسي قراراً جمهوريًا أي جديد في هذا الشأن، ولم يتم تفعيلها من الأساس، وأصبحت مشاهد السحل والدهس والرصاص حاضرة يوميًا لم يئن منها جبين الشعب.

لكن.. عندنا تؤرخ العدالة، ستكتب يومًا أن ألمانيا اقتصت لدماء مواطنة مصرية، وحكمت على القاتل بأقصي عقوبة عرفها القانون الألماني وهي السجن مدى الحياة، بينما دفنت مصر المئات من شبابها، ومازال الجاني حرًا مدي الحياة.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى