رأي

بسمة القاضي | تكتب : ما بين العشرة والتفاهم

1922577_666974836682092_1142667413_n

كثيراً ما تتردد علي مسامعنا كلمتي لعلهما ليسا بغرابة علينا ولكن لهما مدلولات شاسعة تحتاج منا أن نقف عندها كي نذكرهما كل واحدة منهما علي حدا .

في الحياة الأسرية لبعض من هولاءِ الذين يدعون أنهم ليسوا سعداء علي الإطلاق ووقفوا عاجزين أمام تكوين أسرة تجمع كلاً من الزوج والزوجة تحت مسمي ” التفاهم ” .

في بداية الأمر قد يختلف الكثيرون حول مفهومان هما ” التفاهم ” والعشرة ” دعوني أطلق عنان قلمي لأجوب بأعماق مغزاهما التي كادت تفقدنا الصواب من الخطأ .

التفاهم ذلك المفهوم الذي إن لم نأخذه بعين الإعتبار في بداية حياتنا وفترة الإرتباط ستكون الحياة مُبهمة فيما بعد وسنعجز عن تفسير هويتنا المُعقدة .

هناك من يبدأ حياته مع الشريك بتفاهمٍ تام وعندما يبدأ بفتح آفاق الحياة بالزواج بعد ذلك من هنا تبدأ المناوشات الطفيفة ثم المشاكل إن لم يُعالج الأمر من كلاً منهما في بداية مرحلة العمر .

دعوني أقول بأن بين التفاهم والعشرة العديد من المعاني الجمة التي تجعلنا نفرق بينهما ، فالتفاهم ماهو إلا تحليل للعقل وإستبصار بمزايا وعيوب الشخص ، معرفة ما يروق له وما لا يروق ـ متي يفرح ومتي يختار الإنعزال سبيلاً كي يُفرغ ما بجعبته من آلام وضغوطات الحياة لكونها مرحلة لابد منها كي نواكبها .

التفاهم لغز لا يُتقن تحليله سوي الإنسان الذي لديه فراسة وفطنة ـ نأتي لمصطلح آخر وهو ” العشرة ” ، ليس ممن يدعون من الأزواج انهم كما يقولون ( عشرة عمر ) ـ فقد يكونوا محقين ولكن لنجعل السؤال يطرح نفسه : هل أفسحت العشرة مجالاً للتفاهم بينكما؟! هل كانت العشرة كل السبل للوصول للسعادة المرجوة في الحياة الزوجية القائمة علي التفاهم ؟!

لعل البعض يُروج شائعات عن أزواج وزوجات يعيشان بغاية التفاهم بالعشرة فقط وليس للتفاهم وجوداً بينهما ـ فأرد قائلة : إن للعشرة معني وكذلك للتفاهم معناً آخر > فعندما تبدأ حياتك ببداية الإرتباط بفهم من أمامك وتلقي كافة شحنات غضبه وإستقبالها بروحٍ هادئة كلما بدأت بالإستبصار بالمعني ــ ومن هنا تكون العشرة قائمة حقاً علي التفاهم وستروق الحياة لهما بالطمأنينة الدائمة وكذا الإستقرار .

ومن ناحية آخري بعيدة كل البعد دعونا نذكر مصطلح ” العشرة بدون تفاهم ” فمعظم حالات الطلاق والتي أصبحنا نراها وبشكل مثير للجدل والنقاش وقتنا هذا .. هو أنها قامت العشرة بينهما ولكن دون تفاهم دون منفذ حقيقي واحد يطل منه إنطلاقة الكيان المنغلق المختنق بفعل عقبات الحياة المريرة .

فعلي هذا الصعيد لا يمكننا أن نفصل مفهومان بدأ سوياً منذ البداية ـ فلا تستطيع ان تفهم زوجتك وأنت جاهلها وكذلك أنتِ لن تستطيعين أن تتركي لقباً يُذكر في تاريخ حياتكما الزوجية بالسعادة المطلقة إلا وكان التفاهم حليفكما منذ أن يضع يده بيدكِ لتستقبلا عواصف الزمان .

فليس التفاهم وحده يصنع عشرة تطول مدي الدهر وليست العشرة وحدها تصنع تفاهماً لا ينكسر من صلابته ــ فقبل أن يفوت الآوان عليك و عليكِ أن تجعلوا أموركما تحت قيد الحسم المطلق منذ البداية ـ إما أن تقم علي التفاهم والرضا والقبول وإما أن تتصنعا بالتفاهم فتجدوه حبلاً فقد صلابته وأصبح هشاً يسقط إن صادف تيار عابر .

المصدر | الشرقية توداي

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى