أخبار العالم

حيثيات الحكم في اللوحات المعدنية : «العادلي جاهل بقوانين المالية ونظيف حسن النية»

أحمد نظيف

أصدرت محكمة جنايات القاهرة، الثلاثاء، حيثيات حكم براءة، رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف، ووزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«اللوحات المعدنية».

وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن أسباب براءة الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، أن المادة 8 فقرة 2 من قانون المناقصات والمزايدات أجاز لرئيس مجلس الوزراء في حالة الضرورة أن يصرح لجهة بعينها لاعتبارات يقدرها، ترتبط بطبيعة عمل ونشاط تلك الجهة، بالتعاقد بطريق المناقصة المحددة أو المناقصة المحلية، الممارسة المحدودة أو الإتفاق المباشر، وفقًا لشروط والقواعد التي يحددها.

وتابعت: تقدير حالة الضرورة المقررة لرئيس مجلس الوزراء منوطة به، ولكنه يخضع بذلك لرقابة القضاء لتقدير توافر حالة الضرورة من عدمها، والمحكمة رأت أن المتهم الأول كرئيس مجلس الوزراء، قدر أن هناك ضرورة ترتبط بعمل ونشاط إدارات المرور على مستوى الجمهورية، فصرح لوزراة المالية بالتعاقد مع شركة «أوتش» الألمانية بالإتفاق المباشر.

ورأت المحكمة أن المتهم الأول قد قصد من ذلك تأمين المواطن المصري من المخاطر التي تمثلت في الأعمال الارهابية التي كانت تتم بسيارات ولوحات معدنية مسروقة، حيث كانت السرقات الكبرى تتم بسيارات تحمل تلك اللوحات المسروقة وهي اللوحات القديمة.

وأكملت الحيثيات: أما في حال سرقت سيارة تحمل اللوحات الجديدة، فإن سارقها لن يستطيع السير بها لصعوبة فك لوحتيها، لأن مساميرها لا يتم فكها إلا بالكسر، فهي على شكل برشام لايمكن فكه إلا كسرًا ومزود على هذا البرشام بعلامة مائية يتم الكشف عنها بجهاز صغير يحمله ضابط المرور للتأكد من تأمين اللوحات، إضافة إلى زيادة السيارات الجديدة خلال الفترة الماضية، وكانت أرقام السيارات القديمة 6 أرقام، فكان يزاد رقم آخر على السادس مما يصعب المهمة على رجال المرور، وكان يجب تعديل تلك اللوحات، والتعاقد مع شركة «اوتش» الألمانية لخبرتها وامتلاكها خط إنتاج لم يكن في مصر مثيل لها.

وواصلت: إضافة إلى أن هناك ندرة في الشركات التي تعمل في هذا المجال، وهناك عامل السرية الواجبة عند التعاقد لتصنيع اللوحات المعدنية لتأمين البلاد حتى لا ينكشف أمر تلك اللوحات، لأن لها تأمين متمثل في الأفرخ العاكسة التي تغطيها حتى لا يكتب عليها، ويعكس الضوء وتساعد رجل المرور على قراءتها، فضلا على العلامة المائية بالليزر، كما أنها مزودة بشريط فضي بالهيلوجرام لتأمينها ولا يمكن إنتاجه خارج خط الإنتاج، وبعد ذلك يتم سك اللوحة بالأرقام والحروف طبقًا لإدارات المرور، ثم تغطى بأفرخ المرآة السوداء حتى لا تزور أرقامها أو يتم العبث بأحرفها والبيانات الموجودة عليها، ثم تزود على أحرفها وأرقامها جمهورية مصر العربية زيادة للتأمين، ومن هنا اطمأنت المحكمة إلى توافر حالة الضرورة والاستعجال حفاظًا على السرية إلى أن يتعاقد الطرف المصري مع تلك الشركة بالأمر المباشر.

وحول جريمة التربح وتسهيل الاستيلاء والإضرار العمدي الجسيم المنسوب للمتهمين، قالت إن هذه الجرائم جميعها تتطلب من بين ما تتطلب قصدًا جنائيًا، ففي جريمة التربح يتعين اتجاه الإرادة إلى الحصول على ربح للغير، فيتدخل الموظف على عمل عن علم أنه مختص بوظيفته، وأن تنصرف إرادته إلى تظفير الغير بربح بغير حق، وعن جريمة تسهيل الاستيلاء، فهذه الجريمة لا تقع إلا إذا انصرفت نية الجاني وقت تسهيل الاستيلاء إلى أن يتملك الغير هذا المال، وعن جريمة الإضرار العمدي، فقد استلزم المشرع توافر القصد الجنائي أيضًا، وهو اتجاه الجاني بإضرار المال، ولا تقع الجريمة إلا إذا حدث الضرر بسبب الإهمال.

وأكملت المحكمة: من خلال مطالعة أوراق الدعوى، لم تجد المحكمة ظلال لهذه القصود الثلاثة، فالمتهمان لم يتعاقدا مع شركة «اوتش» الألمانية بخصوص هذه اللوحات، ولم يحدد سعرًا لها، ولم يشاركا في تحديدها، ومن تعاقد وحدد السعر وزارة المالية ممثلة في شخص وزيرها يوسف بطرس غالي، السابق الحكم عليه من خلال مصلحة صك العملة المصرية التابعة له، وحسبما هو ثابت من المذكرة التي أرسلها ذلك الوزير في 1 يونيو 2008 برقم 1362 إلى المتهم حبيب إبراهيم العادلي، أيًا كانت وجهات النظر في تلك الأسعار، وأيضًا حسبما قررت به في التحقيقات، أمينة محمود حافظ، مساعدة وزير المالية في الشؤون الخارجية، بأن يوسف بطرس غالي هو الذي أعد بنفسه المذكرة المؤرخة في 2 ديسمبر 2007 التي صدر بناء عليها الأمر المباشر وكانت تشتمل على تحديد الأسعار، وقد طلب منها كتابتها على جهاز الحاسب الآلي وأنه هو الذي قام بوضع سعر اللوحات الوارد بها.

وقالت الحيثيات: أما عن الجريمة التي اختص بها المتهم حبيب العادلي، فضلا عما سلف فأنه أمر بتحصيل أموال لها صفة الجدية وأخذ أموالا ليست مستحقة إعمالا للمذكرة 1362 والتي أرسلها إليه وزير المالية، السابق الحكم عليه، وتولى أمر تنفيذها، فحصلا مبلغًا قدره 100 مليون 564 ألفًا و235 جنيه، مع علمه بذلك، فإن هذه الجريمة عمدية، ويجب توافر قصد عمدي يتمثل في توافر الجاني إلى الأخذ مع علمه بأن المأخوذ غير مستحق للحكومة، والثابت بالأوراق أن المتهم حبيب العادلي كان يجهل بذلك، لعدم إلمامه بأحكام القوانين المالية، وهو ما ينفي عنه ذات القصد.

من جانبها، كانت النيابة العامة قررت ندب الخبيرين الحسابيبن بإدارة خبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة، السابق انتدابهما، لاحتساب قيمة ما تم تحصيله بمعرفة إدارات المرور المختلفة من المواطنين وأصحاب السيارات عند صرف اللوحات المعدنية، بإدارات المرور على مستوى الجمهورية على ذمه أنها تغطية إدارات المرور وتنفيذًا لخطاب وزير المالية.

وانتهى الخبيران إلى أن إجمالي قيمة المبالغ التي تم تحصيلها حتى تاريخ البيان الصادر من الإدارة العامة للمرور في 5 مارس 2011 هو مبلغ 100 مليون جنيه، وأفاد وزير الداخلية اللاحق في الكتاب رقم 3366 بتاريخ 8 فبراير 2014 الموجه لرئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء، أن جميع المبالغ التي تم تحصيلها من المواطنين تم إضافتها تباعًا منذ يوليو 2008 حتى تاريخ إرسال الكتاب بمعرفة الإدارة العامة لحسابات الشرطة لحساب وزارة المالية بالبنك المركزي، بما في ذلك مبلغ 321.8 مليون جنيه هو الفرق بين تكلف ما تسلمته وزارة الداخلية من مصلحة صك العملة من لوحات معدنية، والمسدد من وزارة الداخلية في هذا الشأن وأيضًا المبالغ التي حصلتها وزارة الداخلية من المواطنين لتغطية تكاليف إدارات المرور.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى