أعمدةرأي

خالد صلاح | يكتب : الاطمئنان الرئاسى لأحداث «0 3 يونيو»

خالد صلاح | يكتب : الاطمئنان الرئاسى لأحداث «0 3 يونيو»

تخطئ مؤسسة الرئاسة إن كانت تتعامل مع الغضب الجماهيرى الواسع وخطط الحشد فى 30 يونيو باعتبارها (زوبعة فى فنجان) لن تؤثر على استقرار الحكم أو على تغيير الأوضاع السياسية فى البلاد.. صحيح أن الرئاسة جربت من قبل حشودًا مماثلة فى انفجارات الغضب بعد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس معلنًا نفسه سلطة فوق كل السلطات، وصحيح أن الرئاسة عبرت موجات أخرى من الغضب بسبب العدوان المتكرر على القانون ودولة المؤسسات، لكن الرئاسة تخطئ هذه المرة إن تصورت أن هذه الأجواء المحتقنة التى تحرك البلاد نحو مظاهرات 30 يونيو تشبه نظيراتها من تجارب الغضب والاحتشاد السابقة، وتخطئ أيضا إن تصورت أن الحل لمواجهة هذه المظاهرات هو بالحشد المضاد عبر مظاهرات مؤيدة للرئيس، فالحشود والحشود المضادة لن تضر أحدًا سوى الرئيس نفسه، وبناء عقيدة استقرار النظام على أساس (الشارع بالشارع، والصندوق بالصندوق) هو منطق أعوج سيؤدى إلى المزيد من الفشل للسلطة السياسية فى مصر.

الرئيس هنا يبنى نظريته المطمئنة على أساس أن الحشود من أنصاره سيقطعون الطريق على حشود الغاضبين من القوى الشعبية، وهذا التصور نفسه هو ما قد يؤدى إلى المزيد من الغضب والعنف والدماء، إذ يبدو الرئيس هنا كمن يقول للناس إنه ليس رئيسا لكل المصريين، وإنه يعيش ليس فى حمى القانون أو المؤسسات أو الشرعية الدستورية والقانونية، لكنه يعيش تحت حماية جماهيره القادرة على الحشد المضاد عند الضرورة، وهذا هو جوهر المشكلة فى قلوب وضمائر الذين يحركهم الغضب نحو التمرد فى 30 يونيو، فهؤلاء الغاضبون يؤسسون احتجاجهم على شعور مؤلم بأن الرئيس لا يعمل لمصلحة الجميع، وأن حركة الرئاسة على الصعيدين السياسى والقانونى إنما تخدم تيارًا محددًا، بل وجماعة محددة داخل هذا التيار دون إعطاء الأولوية للتوافق السياسى والوطنى، ومن ثم فإن خطة الرئيس أو خطة جماعته بمواجهة مظاهرات 30 يونيو عبر الحشد المضاد ستؤدى إلى تعميق فجوة الثقة بين الرئاسة وبين شعب غاضب، كما أن المبالغة فى التهديد من قبل منظمى الحشد المضاد قد تؤدى، لا قدر الله، إلى مواجهات شوارع دامية لن تتوقف، وقد تؤدى أيضًا إلى زيادة حالة فقدان الثقة فى المؤسسات الأمنية حال تركت الشارع للفوضى، أو انحازت لفئة على حساب فئة أخرى.

لا يعجبنى هذا الأداء المطمئن من الرئاسة، ولا يروق لى هذا الاستسلام لأن الحشد المضاد هو الحل الوحيد للمواجهة، فالرئيس عليه أن ينظر إلى حالات الاحتقان الحالية بجدية أكبر، والرئيس عليه أن يبحث عن حلول سياسية وقائية تحمى البلاد من الانزلاق إلى منحدر خطر إذا اشتبكت هذه الحشود فى الشوارع، والرئيس عليه أن يعيد بناء استراتيجيته السياسية على أساس أن شرعيته مصدرها القانون وليس مصدرها قدرات الجماعة أو الموالين للجماعة على الحشد فى مواجهة مظاهرات غاضبة تتطلع إلى دولة قانون ودولة مؤسسات ودولة تسعى للعدل والحرية.

السيد الرئيس.. أقول لك إن الحشد المضاد سيقود إلى كارثة، والتفكير السياسى الوقائى هو الحل، فأين خططك؟ وأين حلولك؟ وأين تصوراتك لوقف نزيف الاستقطاب؟
السيد الرئيس.. أنت تبالغ فى الاطمئنان على نحو يثير فزعى على هذا البلد.

زر الذهاب إلى الأعلى