أعمدةسلايدمقالات

خالد صلاح | يكتب : “كلمة واحدة”: أرفض تصويت الجيش والشرطة فى الانتخابات

1الخلاف الفكرى أو السياسى مع الإخوان، ينبغى ألا يتحول أبداً إلى معركة نطعن فيها بأيدينا منطق الدولة المدنية، والأسس التى نحب أن نبنى عليها مجتمعا يحترم القانون، وإذا كنا نعارض حتما الهرولة التشريعية فى مجلس الشورى، وتفصيل القوانين على مقاس الجماعة، فإننا ينبغى فى الوقت نفسه ألا نسمح لأنفسنا بأن نوافق على قرار المحكمة الدستورية الذى يسمح بتصويت أفراد المؤسسات الوطنية فى الجيش والشرطة فى الانتخابات.
قد يتصور هنا بعض المتعجلين نحو الخلاص من السلطة القائمة، أن قرار المحكمة الدستورية يصب فى مصلحتهم المباشرة عند عمليات الاقتراع، وقد يتوهم بعض السياسيين أن قرار المحكمة الدستورية يفتح بابا جديداً للأمل فى حسم معركة التغيير، لكن الحقيقة، من وجهة نظرى، أن هذا القرار – حال اعتماده قانونا- يضرب مدنية الدولة فى العمق، بل ويفتح الباب لدخول مؤسستى الأمن والقوات المسلحة فى الصراع السياسى، ويجعل رجال الجيش والشرطة نهبا للدعايات الانتخابية والانقسامات الحزبية التى قد تنعكس على استقرار هذه المؤسسات، وتضر بمصلحة مصر.

نحن نختلف مع الإخوان سياسياً، نعم، نحن نرفض قيام الإخوان بتفصيل القوانين، نعم، لكننا لا يمكن أن ننقضّ على مدنية الدولة، ونفتح أبواب الجيش والشرطة للصراع السياسى باسم هذا الخلاف.

لا أفضل هنا الخوض فى تفاصيل التفسيرات التى استندت عليها المحكمة الدستورية لهذا القرار، ولا فى الرد الذى يقدمه صناع هذا الدستور، فإذا كان كتبة الدستور المختَلف عليه، والمشكوك فيه، قد أهملوا نصاً واضحا يمنع الجيش والشرطة من المشاركة فى الانتخابات، فهذه خطيئة أخرى تضاف إلى رصيد خطايا الجمعية التأسيسية للدستور، وإذا كانت المحكمة الدستورية قد أهملت الديباجة الافتتاحية لهذا الدستور، ولم تراع أعراف بناء دولة القانون، فهذا أيضاً من شأن الجهات المنوط بها تنفيذ قرار المحكمة، لكننى هنا أشدد على المنطق الذى نفهمه ونحترمه، أو يجب أن نحترمه لبناء دولة القانون، ولحماية المؤسسات السيادية من التورط فى العمل الحزبى على هذا النحو المباشر.

أخيراً أسأل من يتصورون أن هذا القرار قد يخدم القوى المدنية فى معركتها ضد الإخوان: من قال لكم إن هذه المؤسسات ستنحاز حتما إلى المعسكر المدنى؟، ثم من يضمن ألا تستخدم ميزانيات الدولة بكاملها فى مكافآت خاصة لهذه المؤسسات قبل انعقاد الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية؟، ومن ذا الذى يضمن ألا يهيمن الرئيس، أى رئيس، والحزب الحاكم، أى حزب حاكم، على هذه المؤسسات بالعطايا الانتخابية والوعود الخلابة، فيصير الولاء للحزب لا للوطن، وللفرد لا للشعب، لا قدر الله؟.
لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا.

دولة العدل والقانون هو ما نطمح إليه أولاً وأخيراً.

 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى