أعمدة

رولا خرسا | تكتب : صباح

رولالن أكتب عن الجمعة الحزينة أو ما حدث بالأمس، فسوف تجدونه متصدرا الصفحات. أود الكتابة عن «جانيت فغالى» التى نسى الناس اسمها بعد أن اشتهرت باسم «صباح»، لأن شخصيتها تستحق التأمل كثيرا. توقفت أمام حياة الفنانة صباح التى كان الناس يستكثرون عليها طوال حياتها دون أن يفكروا فى مدى معاناة هذه السيدة التى حظيت بنجاح غير مسبوق صاحبه حزن وإخفاقات متعددة. من يفكر فى حياتها وشخصيتها يكتشف أنها كانت سيدة جريئة جداً. على رأى صديقى العزيز: هى سيدة اكتشفت مبكرا أن مصيرنا جميعا واحد وهو الموت فقررت أن تعيش حياتها كما تريد هى، لا كما يريد الآخرون. فى بداية حياتها قُتلت والدتها هى ورجل قيل إنها أحبته.. كان رجلا آخر غير زوجها ومن غير دينها، واتهم شقيق جانيت بقتلهما وفر إلى البرازيل ليقضى بقية حياته هناك خوفا من بطش عائلة القتيل. أحبت صباح عدة مرات، وقدمت من أجل حبها الكثير. غيرت ديانتها مقتنعة بأن العلاقة التى تربط العبد بربه لا يحق لأحد التدخل فيها، وأن الأوراق تبقى أوراقا من أجل الشكل الاجتماعى، أما ما فى القلب والروح فهو ملك للفرد فقط. امتلكت جرأة تحدى المجتمع بزيجاتها المتعددة، وكانت دوما تقول: «أنا لا أفعل شيئا يغضب الخالق فأنا أتمسك بالحلال». عانت بسبب إدمان ابنتها، وباعت كل ما تملك كى تعالجها. تعذبت من استغلال أزواجها لها، إذ كانوا يقنعونها بأنهم سيقدمون لها الحب مقابل ما تنفقه من أموال، لدرجة أنهم كانوا يلقبونها بالبنك. بعضهم تركها وبعضهم خانها ولا أحد غير الله وحده يعلم من أحبها بصدق ودون مقابل. تزوجت الأكبر منها والأصغر،

من جنسيتها ومن جنسية أخرى، المسلم والمسيحى. وبعد كل فشل، كانت تواجه الناس والصحافة بابتسامة وثقة. صباح كانت تحب نفسها ليس من منطلق الأنانية بل من منطلق أنك يجب أن تحب نفسك أولا كى تكون قادرا على حب الآخرين. ومن يحلل شخصية الصبوحة يجدها شخصية غاية فى الكرم، فلقد أعطت أفراد عائلتها وأزواجها ما تملكه. صباح سوف نذكرها دوما بقدرتها على إضفاء البهجة فى كل مكان تتواجد فيه. صباح التى ترددت عبر السنوات الأخيرة أكثر من مرة شائعة موتها والتى تحول عمرها إلى مادة لسخرية البعض، ونسى هؤلاء أن صباح بشر من لحم ودم تمتلك طيبة الأطفال.. أستطيع القول اليوم إن صباح قد ارتاحت الآن بعد معاناة السنين لأنها فى يد من سوف يعوضها عن أحزان هذا العالم التى قاستها. قد يعتقد كثيرون أن الشهرة والنجاح يغنيان عن لحظة حب أو ساعة وِحدة، ولكن الحقيقة تقول إن وفاة الصبوحة وحدها فى غرفة فندق أكبر إجابة.. وأكثرها ألماً.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى