مقالات

سامح المصري : يكتب| الحمار الذي كان سبب في الاحتلال الإنجليزي لمصر

 

المصريزمان قبل التاكسي وأوبر وكريم ، كانت المواصلات في مصر بالحمار، وكان في مهنة أو وظيفة اسمها «حمارًا»، يعني لوحضرتك كنت عايش في التوقيت ده وعايز تروح أي مشوار..كل إللي عليك إنك تروح على موقف الحمير تتأجر حمار تخلص بيه مشوارك وتدفع الأجرة لصاحبه إللي كان بيمشي أو بيجري جمب الحمار حافي وهو بيوصل الزبون ، والموضوع ده كان موجود في المدن الكبيرة كمان زاي القاهرة والأسكندرية ، في التوقيت ده بالتحديد سنة 1882 حصلت حكاية غيرت تاريخ مصر لأكثر من 100 سنة .

بداية الحكاية كانت تقريبا في شهر 5 سنة 1882 ، في التوقيت ده كان عايش في مصر وبالتحديد في مدينة الأسكندرية جنسيات كتيرة ومن بينها أجانب من جزيرة « مالطا » إللي استقروا في مصر بعد بناء مصر الحديثة في عهد «محمد علي » بسبب حبهم لسحر وجمال مدينة الأسكندرية، وإللي كانوا ديمًا ينزلوا شوارعها علشان يستمتعوا بجمالها، وفي يوم نزل راجل «مالطي» الشارع وقرر ياخد جولة، ويشرب كأسين ويسكي بمزاج، وزاي ما قولنا في البداية أن المواصلات وقتها كانت بالحمير .

نزل المالطي على موقف «الحمارين» وستأجر حمار وفضل يلف بيه في الشوارع وراح أكثر من مكان ، وطبعا في عز الحر الصيف كان ماشي على الأرض جمب الحمار صاحبه المصري الغلبان.. كان اسمه عم«السيد العجان»، الخواجة المالطي في أخر النهار بعد ما خلص فسحته واستمتع بركوب الحمار وشوارع الأسكندرية نزل بالقرب من قسم اللبان .. قاله «عم سيد العجان» .. الأجرة ؟ بعدها الخواجة طلع من جيبه قرش واحد، وحطه في إيد عم سيد ، طبعا عم سيد غضب لإن حقه وتعبه هو والحمار طول اليوم  أكتر من كده بكتير ، وهنا دار نقاش بصوت عالي بين الطرفين ، و “العجان” مش عايز يتنازل عن حقه، الخواجة طبعًا كان سكران من كتر الشرب طول النهار ، ولما اشتد النقاش إللي قلب بخناقة ، طلع سكينة ، أو مطوة من جيبه ، وطاعن صاحب الحمار الغلبان عم السيد العجان ، استقرت طعنة في قلب «عم سيد» كانت سبب في موته، طبعا في مشهد زاي ده أي واحد يعدي بحمار يشوف الخناقة يركن وينزل ، ولما «عم سيد» غرق في دمه المالطي جري في الشارع والناس كانت بتجري وراه ، لحد ما دخل في بيت في منطقة كل سكانها أجانب، لأن كل جالية كانت بيسكن في منطقة واحدة .

العدد كل شوية يزيد من المصريين تحت البيت عايزين ياخدوا بتار السيد العجان ، ويقال أن كان في من المصريين ناس معاهم «نبوت » وهنا بدأ الأجانب يضربوا نار على المصريين ، وبدأت أعداد تقع قتلى من الطرفين ، يقال أن في 163 مصري ماتوا ، و 75 من الأجانب ، طبعا العالم كله سمع باللي حصل في مصر، لأن كان في جنسيات كتير غير المطليين عايشين في مصر زاي اليونانيون ، والألبان ، والفرنسيون، والإنجليز، وغيرهم من الجنسيات إللي خلاص بقت مصر شبه موطنهم الثاني .

في التوقيت ده كان في أسطول إنجليزي في البحر على سواحل الأسكندرية بسبب القلق إللي كان عامله «عرابي» للخديوي توفيق في القاهرة في نفس التوقيت، ولما الخبر وصل لرئيس الوزراء الإنجليزي.. لأن طبعا مالطا من رعايا إنجلترا ، ولأن إنجلترا عايزة تحافظ على الأسهم بتاعتها في قناة السويس وباقي مصالحها هى وفرنسا في مصر من الفوضى ( على حد قولهم ) إللي حصلت بسبب «عمنا سيد العجان» ، والزعيم عرابي ، وهنا أصدر رئيس الوزراء الإنجليزي «وليام كلادستو » قرار بضرب الأسكندرية بالمدافع من البحر بعد إخطار لقيادة الجيش المصري إللي كان بيتزعمه عرابي وقتها بإقاف عمليات التجديد إللي كانت بتم في «قلعة قايتباي » وسحب المدافع واستسلام الجيش، طبعا عرابي رفض تهديد إنجلترا، وحاول يصد الضرب من البحر، لكن النتيجة كانت ضرب القلاع ، وأجزاء من الأماكن السكانية في المدينة، وقتها قرر عرابي التراجع بالجيش إلى كفر الدوار ، لترتيب أوراقه وتجهيز صفوف الجيش من جديد ، ودارت الحرب بينه وبين الإنجليز لحد ما انتهت بهزيمه في التل الكبير ، ودخلت إنجلترا مصر من قناة السويس بيسهيلات من فرنسا صاحبة النسبة الأكبر في حصة حق الإنتفاع في مشروع قناة السويس ، بعد ما اتهمت حركة عرابي بالفوضى ، وكمان بسبب «المصريين الشرفاء » وقتها قالوا عليها «هوجة عرابي» ورغم أن عرابي حاول يدافع عن فكرة الثورة العرابية ويوضح أن الثورة مع القانون ولا مساس بالاستثمارات الأجنبية في مصر، لكن النتيجة كانت الهزية وفضل الاحتلال فيها حتى التاريخ الحديث في ثورة 52 إللي كلنا حافظينه .

إللي أنا عايز أقوله إننا عمرنا ما كسبنا من الحروب، وتاريخ مصر كله خسائر بسبب الحروب ، اه أنا مع الثورات إللى حصلت في مصر،  ولكن الثورة السلمية لأنها هى أقوى سلاح ، والتغيير السلمي للسلطة خير سلاح ، زاي ما تعلمنا من الأب الروحي «غاندي» .. ودي كانت الأهداف إللي نزل بيها الشعب الشارع في 25 يناير 2011، وكل ثائر حر مؤمن بمادئ التغيير السلمي ،  وضد الحرب ، وضد الدم ، وضد العنف ، أتمنى أن يتحلى الجميع بالسلام والتسامح لكي نبني مصر التي نحلم بها .

سامح المصري

كاتب صحفي ومدون منذ عام 2000، بداية احتراف الصحافة كانت من خلال موقع الشرقية توداي الذي اعمل به منذ عام 2011، اكتب جميع أنواع القوالب الصحفية ولكن اتميز في كتابة مقالات الرأي
زر الذهاب إلى الأعلى