رأي

سامح المصري | يكتب : السيسى من صفة ” الزعيــــم إلى صفة ” الدكتاتور

سامح المصري

عبد الفتاح السيسى الشاب الريفي الذي تربى في قرية كمشوش التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية تلك القرية التي تتشابه مع نسبة كبيرة من قرى مصر التي تتميز بالبساطة والطيبة وغالباً ما تنتج هذه المجتمعات عظماء ، واكبر دليل على ذلك معظم علماء مصر الذين أضافوا إلى الوطن قيمة وقامة عظيمة وذلك يرجع إلى حب الوطن الذي نبت بداخلهم منذ النشأة .

تربى السيسى مع أسرته الملتزمة أخلاقيا ودينيا وتعلم الإيمان وحب الوطن حتى أن وصل إلى الخامس عشر من عمره والتحق بالكلية الحربية وارتدى الزي العسكري لأول مرة فى حياته وتخرج عام 1977م ليتدرج بعدها في مهامه العسكرية ليشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي بعد قيام ثورة يناير ورحيل الرئيس الأسبق مبارك في أغسطس عام 2012 ذلك عقب وصول الرئيس السابق محمد مرسى إلى السلطة والذي أمضى عام في حكم مصر إلى أن طالب الشعب المصرى برحيل مرسى في 30 يونيو من نفس العام وذلك من خلال التظاهرات التى شاهدتها شوارع مصر والتي فيها انحاز السيسى إلى إرادة الشعب بعد اصدر بيان 3 يوليو من نفس العام والذي أطاح فيه بمرسى وحكومة الأخوان .

وهنا كانت بداية مولد الزعيم بعد الخطابات التي تميز فيها السيسى والتي كانت سبب كبير لكسب جماهيريه جارفه والتي استند فيها على مفردات عاطفية وكان يلقيها بصوت منخفض وبلهجة عاميه هذا ما جعله يصل الى قلوب البسطاء تلك العبارات مثــل ” انتم مش عرفين إنكم نور عنينا ولا إيه ” تلك العبارة التي شعر المصريين فيها أن الوطن قد عاد إليهم من جديد بعد الشعارات العنصرية والطائفية التي كان يرددها الرئيس السابق على مدار عام من حكم الإخوان وكان للمواطنين وقفة أيضا مع عبارة أخرى رددها السيسى في خطاباته وهى ” حماية مصر اشرف لينا من حكم مصر ” تلك العبارة أيضا التي فسرها الجانب لأكبر من الشعب المصرى واصفيه بأنه زعيم المستقبل الذي يسعى لحماية الوطن والحفاظ عليه ، دون اى نية ولا مطمع في الحكم .

وبعدها أصبح السيسى حديث الشارع المصرى .. صورة تملأ الشوارع حتى أن وضعها البعض واجهه للمنازل والمقاهي والمحال التجارية وأيضا انتشرت الأغاني الشعبية التي تحمل اسم السيسى وبل اخص بالذكر الأغنية الشهيرة التي ترمز إلى الجيش المصرى “تسلم الايادى ” ، وبعدها تعددت العمليات الإرهابية في مصر والتي استهدف فيها افراد ومنشآت الجيش والشرطة في هذا الصدد اصدر السيسى خطاب ‘‘ 24يوليو وطالب من المصريين النزول إلى الشارع وإعطاء القوات المسلحة تفويض لمحاربة الإرهاب برغم أن هذا المطلب كان غريب بعض الشيء لآن القوات المسلحة التي أقسمت على حماية الشعب من اى خطر يهدد حياتهم لا تحتاج إلى تفويض لخوض هذه الحرب ولكن اعتبر البعض هذا المطلب أن الزعيم يتحرك من أجل و بأمر الشعب الذي يحبه وبالفعل نزل الناس في الميادين بالملايين والنزول هنا كان من اجل مطلب الزعيم في نظرهم ، رويدا رويدا ازدادت شعبة الزعيم داخل قلوب المصريين حتى أشُيع بين الناس أن الزعيم هو الرئيس القادم وبالفعل طالبه نسبة كبيرة من الشعب أن يترشح ليصبح رئيس مصر القادم .

وهنا كانت بداية مولد الدكتاتور بالطبع سينتقدني البعض ويقول كيف في بداية المقال تقول انه تربى في مجتمع ملتزم وتربى على حب الوطن ويمتلك شعبية جارفه ودخل قلوب المصريين والآن تقول انه سيصبح دكتاتور ، سأقول أن بعد متابعتي للمشهد المصرى الفترة الماضية وبعد أن قرأت في التاريخ العربي ،والغربي تأكدت أن الشعب هو الذي يصنع الدكتاتور وتوجد نظرية لهذا المنطق وهى } شعب مستبد + إعلام المصلحة + نخبة تستعبد الجمهور + جهل = دكتاتور {

1_ شعب مستب ‘‘ لو دار الحوار بين مجموعه من الناس الآن حول الانتخابات الرئاسية حتماً ستستمع إلى هذه العبارات ‘‘ أحنا شعب فرعون ، أحنا شعب مش بنمشي غير بالكرباج ، احنا شعب مش يحكمنا غير عسكرى ‘‘ إذاً الشعب في الأساس يتبنى أفكار استبدادية وهذا مناخ جيد لصناعة الدكتاتور .

2_ إعلام المصلحة ينقسم الإعلام في مصر الآن إلى إعلام حكومي وإعلام رأس مالي ونحن تعودنا من الإعلام الحكومي في الماضي وحتى الآن انه إعلام النظام ودائما ما يظهر الإيجابيات ويتجاهل السلبيات ،أما عن الإعلام الخاص أو الرأس مالي دائما ما يسعى أن يتقرب إلى السلطة وذلك من أجل حماية رأس المال وأيضا يسعى إلى ذكر الإيجابيات ويتجاهل السلبيات وهذا النوع ظهر هذه الفترة من الدعم المطلق لمشروع ترشيح الفريق السيسى ودائماً ما يظهر على الشاشات ما يتفق مع هذا المشروع وتم تجاهل من يختلف مع هذا المشروع واكبر دليل على ذلك غياب الدكتور “عمرو حمزاوى ” الذي كان نجم برامج “التوك شو” عن الظهور عبر التليفزيون فقط نراه الآن عبر الانترنت من خلال برنامج الهانج اوت وأيضا نفس المثال على شباب الثورة الذين يختلفون مع هذا المشروع وهذا أيضا مناخ مثالي لصناعة الدكتاتور .

3_نخبة تستعبد الجمهور.. دائما ما نلاحظ عن النخبة التي تظهر في البرامج فكرة إظهار المواطن ذليل ، فقير ، جاهل ، مظلوم بدون أن يقدموا الحلول وهذا يستغله الدكتاتور في تطبيق نظريته وهى لابد أن يظلم البعض لكى تقضى على الفقر وهذه صور الدكتاتور التي ظهر فيها السيسى في الخطاب الأخير دون ان يشعر الذي تحدث فيه عن } ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب ، هشاشة الاقتصاد المصرى ، الإرهاب …الخ { دائما ما يستغل الدكتاتور هذه الصفات من اجل قمع الشعب يسجن ويظلم بحجة محاربة الإرهاب ، أتذكر مقوله قديمة قالها الرئيس الصيني حينما وصل عدد سكان الصين إلى مليار نسمة سأل كيف ستوفر عيشة كريمة لمليار مواطن صينى قال ” انا يتوفر لدي 2مليار إيد عامله وهذا مكسب كبير لابد أن استغله من اجل بناء اقتصاد الصين ،وبالفعل بعدها الصين غزت العالم كله بمنتجاتها وهذا الفرق بين الرئيس الديمقراطي والرئيس الدكتاتور .

4- الجهل ‘‘ بعد 30 يونيو طالب المتظاهرين بإسقاط دستور 2012 إسقاط بمعنى صياغة دستور من جديد ولكن الأطراف التي شاركت فى وضع خارطة الطريق قررت أن تعدل دستور 2012 الذى كان يسمى بدستور ‘‘ الإخـــوان والذى كان نتيجة التصويت 63% نعــــم مقابل ،33% لا < وبعد التعديل تم طرح الدستور المعدل للاستفتاء وطالب السيسى من المصريين ان ينزلوا ويصوتوا بنعم للدستور وبالفعل نزل 40% من المصريين الذين يحق لهم التصويت وكانت نتيجة التصويت 98% نعم للدستور وهذه النتيجة صعب ان تتحقق فى المجتمعات الديمقراطية فى العالم ، وكانت عملة الاستفتاء على الورق استفتاء دستور ولكن الواقع يقول أن النسبة الأكبر التى نزلت كان سبب النزول هو دعم الفريق السيسى وليس وعى وفهم بمواد الدستور وهنا ايضا مناخ جيد لصناعة الدكتاتور .

السيسى يمتلك كل شيء الآن يمتلك حب الناس ، يمتلك الجيش والشرطة ، يمتلك دعم بعض الدولة العربية والأجنبية ولكن لا يمتلك معارضه وهذا أيضا مناخ جيد لصناعة الدكتاتور .

كل الحكامٌ إذا حكموا ينسون الأمسْ .. الشعب قطيعً تحكمهٌ ببعض الناس .. وبعض الخوف .. وبعض البطش .. تختار رجلاً .. تختار دليلاً تصلبه ليقود الناسْ .. تمشى يمشون .. تبكى يبكون .. تصرخُ لا احد يتكلم .. في كل قطيع لا تنسى .. اترك رجلاً .. علمه الزيف .. علمه الخوف .. علمه الجبن ولا تأمن غير الجبناءْ .. ولا تسمع غير الجُهلاء .. ستكون كبيراً صدقني وستحكم .. وستحكم شعباً وشعوباً .

كانت تلك نصيحة ربيع لــ ابن زيدون في مسرحية الوزير العاشق للشاعر فاروق جويده ، وفى النهاية انا لا اتهم السيسى إذا وصل إلى منصب رئيس مصر القادم انه سيكون بطبعه دكتاتور ولكن الشعب هو الذي سيصنع منه الدكتاتور جديد

 

 

 

 

 

مقالات الرأي تعبر عن صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الشرقية توداي

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى