رأي

شريف حسين | يكتب : 6 أسباب تجعلني أكره المعلقين المصريين

2014_8_4_13_55_10_650

لن تجد هنا سببا علميا أو شبه علمي واحد لتلك الكراهية، كنبرات الصوت وانتهاك المصريين لقواعد التعليق الرياضي وآدابه إذا جاز التعبير وإذا كان للأمر آداب. الأمر إذن لا يتعلق بأمور حاسمة، بل بمجموعة مشاعر، أما إذا كنت تبغي أسبابا مقعرة فليس لدي ما أقدمه لك.

1- التكرار والبديهيات

نحن نعلم أن كريستيانو رونالدو لاعبا مميزا، نرى بأعيننا أهدافه من الكرات المتحركة والثابتة وركلات الترجيح وضربات الرأس والكعب، نرى كذلك السرعة والقوة والارتقاء، لكننا لا نرى إيرينا شايك كثيرا.

لقد تناثرت الأخبار مؤخرا عن حصوله على جائزة أحسن لاعب في العالم، لكننا لسنا متأكدين من صحتها!، وبما إننا نابغين بالقدر الكافي للوصول إلى المعلومات الغزيرة تلك، ما الداعي إذن لأن تخبرنا الإحصائية المدهشة القائلة بأن رونالدو من أفضل لاعبي العالم، وإذا كانت ضرورية لاستمرار حياتك كمعلق، لماذا تخبرنا إياها 7 مرات في مباراة واحدة؟!، كلّمنا عن إيرينا شوية يا أخي!.

عزيزي المعلق (المصري وغير المصري)، أرجوك، لا تفاجئني في المباراة القادمة لباريس سان جيرمان، بأن إبراهيموفيتش مهاجم جيد! يكفي أن تخبرنا أنه سويدي الجنسية!

لأجل التكرار والبديهيات.. لا للمعلقين المصريين

2- عهد الصغر.. جناية شلبي على المعلقين المصريين

لابد أنك تتفق معي أن مدحت شلبي في الفترة من 2004 وحتى 2010، فترة التفوق الأهلاوي الكاسح، كان المعلق المصري الأفضل على الإطلاق، أو هكذا كنت أراه من موقعي كمشجع متعصب للأحمر، كان تعليقه مبهجا بحق لدرجة أني كنت أتخيله يتمايل في غرفة التعليق، هذا الصوت بامتداده وصفائه وروقانه الواضح الذي يشبه الدندنة لابد أن يصدر مصحوبا بالرقص على إيقاع المباراة التي غالبا ما يكون الأهلي متفوقا فيها.

ارتبطت سعادتي بفوز فريقي بتعليقه على الأهداف وإيفيهاته، التي رغم تكرارها كانت محل إعجاب المشاهدين، أذكر أنني كنت حاضرا في ستاد السويس لمشاهدة مباراة للأهلي ضد بتروجيت في 2006 أو 2007، فزنا يومها 4-2 وسجل عماد متعب، لاعبي المفضل حينذاك، هدفين، كنت في طريق العودة أغالب النوم لأتخيل ما كان سيقوله شلبي من تعليقات مرحة على الأهداف الأربعة.

لشلبي محبة خاصة في قلوب الأهلاوية ممن يتفائلون ويتشائمون على الأخص، ومنهم أبي، وجود صوته كخلفية لمشهد ركض الحُمر في الملعب بشرة خير وضمانة مبدأية لفوز الأهلي، وفي المقابل فإن تعليق حمادة إمام أو ميمي الشربيني أمر غير مطمئن، أما إمام فيعود الأمر لكونه زملكاوي أبو زملكاوي، وأما الشربيني (وقد لعب للأهلي 14 عاما)، فقد أجهزت جملة ”ماذا تخبي لك الأقدار يا بونفرير” (المدير الفني للأهلي عام 2002)، على ما تبقى من علاقته الفاترة بالأهلوية، وكتبت قطيعة أبدية بين الجماهير والرجل ذي الأردية المشجرة.

شلبي ارتبط صوته أيضا بالسقوط المخزي للزمالك، خصوصا في مباريات القمة التي قدم فيها الأهلي عروضا شديدة الإبهار ضد الأبيض، ألا تذكر تعليقه على مباراة الأهلي والزمالك 4-3 في نهائي الكأس عام 2007، حين أنهى أسامة حسني الأمر في الأشواط الإضافية؟ دعني أزيدك من الشعر بيتا وأقول إن شلبي تحول في تلك الفترة إلى تيمة أساسية للكرة المصرية، وهي نفسها فترة توهج عصام الشوالي قبل أن يصبح على ما هو عليه الآن، حتى إن نسخا معدلة من اللعبة الشهيرة ”بي إي إس” صدرت بتعليق عربي لأحدهما أو كليهما.

لأجل شلبي.. لا للمعلقين المصريين

3- عصر المعلقين العرب.. في البدء كانت المذبحة

الحب لا يخلو من اعتياد. قبل توقف النشاط في مصر كان هناك توازنا نسبيا بين الجانبين، قليل من مباريات الدوري المصري بصوت محمود، وقليل من المباريات بصوت حفيظ دراجي وعصام الشوالي ورؤوف خليف في الدوريات الأوروبية. ظلت الكفتان متوازنتين إلى أن توقف النشاط فلم يعد أمامي سوى الشوالي ورفاقه العرب وأحيانا المصريين (علي محمد علي).

عاد النشاط، لكن العودة لم تكن محرضة على معاودة المتابعة، صارت الكرة المصرية بالنسبة إليّ مملة بشكل عام وغير باعثة على الشغف بها، مجرد أشباح للاعبين تتردد أصداء أصواتهم في الملعب الذي خاصم الجمهور مدرجاته بقرار سيادي، وكأنهم يركضون في مران صباحي أو تقسيمة خالية من المنافسة. اللاعبون أنفسهم فقدوا الشغف أيضا لغياب البطولة لسنتين وغياب الجمهور وضعف الاهتمام. الملاعب مُصفرّة، القمصان سيئة التصميم، والحكام على وشك أن يصابوا بالبدانة رغم التدريبات. وقبل هذا كله، الـ 72 شهيدا. بدت الصورة في هذا الموسم باهتة، كئيبة، وغير مقنعة.

لأجل الصورة الباهتة.. لا للمعلقين المصريين

4- عودة الميرينجي.. في مديح فهد العتيبي

ارتباط صوته بانتصارات فريقي المفضل يفسر حبي له كما هو الحال في حالة شلبي، أغلب مشجعي برشلونة يعشقون رؤوف خليف لارتباطه بأمجاد بلوجرانا جوارديولا ومن قبله فرانك ريكارد، لدي الشعور نفسه لكن تجاه فهد العتيبي، رفيق مباريات ريال مدريد الصعبة في موسم 2014 ثلاثي المنافسة.

كمشجع مدريدي لا تمثل له العاشرة التي طال انتظارها منذ 2002 مجرد بطولة إضافية تشغل حيزا في دولاب الكؤوس، كان اللقب نصرا ممزوجا بالانتقام من عجز الفريق طيلة السنوات الماضية أمام الغريم التقليدي، لأن ريال مدريد هو النادي الأكثر حصولا على دوري أبطال أوروبا، ومع ذلك فشل في تحقيقها على مدار اثنتي عشرة عاما تمكن خلالها برشلونة من تحقيقها مرتين.

ظل النادي منذ 2002 يبحث عن زيدان وبيكام ورونالدو وكارلوس وهييرو جدد من أجل الفوز باللقب، تقول إحصائية إن الإدارة أنفقت ما يزيد على المليار يورو لعقد صفقات تستعيد للعاصمي بطولته المفضلة، الأمر إذن يتعلق بمنافسة شرسة وكرامة كان ضروريا أن ترد.

في الأدورار الإقصائية كان شالكه خصما سهلا، لكن ملاقاة بروسيا دورتموند وبايرن ميونخ (الفريقان اللذان أخرجا الريال من النسختين السابقتين) كان كارثيا، تخطينا دورتموند بفضل ثلاثية البرنابيو والمباراة الضعيفة في سيجنال إيدونا بارك، أما تخطي لحامل اللقب بايرن ميونخ فكان دراميا بامتياز، كل التوقعات تصب في مصلحة البافاري لكننا نتفوق بخماسية نظيفة في مباراتي الذهاب والعودة، الدراما تكمن في أن راموس صاحب الفضل في خماسية البايرن، هو الذي أضاع ركلة الجزاء الأخيرة التي أطاحت بالملكي خارج نسخة 2012 وأمام بايرن ميونخ أيضا، بدا مروض الثيران في هذا العام وكأنه ينوي الانتقام.

النهائي كان دراميا أكثر، على ملعب النور بلشبونة أمام المنافس السخيف أتليتكو مدريد، يسجل الأوروجوياني دييجو جودين هدفا من خطأ قاتل من كاسياس، ثم يختفي الروخيبلانكوس ويدافعون دفاعا مستميتا، يضيع بيل ورونالدو ودي ماريا فرصا لأهداف محققة بإمكان السيد حمدي أو أحمد جعفر، أيهما أبطأ، تسجيلها بسهولة شديدة. المباراة تتأزم واللقب القريب من سانتياجو برنابيو ينحرف ببطء مستفز نحو فيسينتي كالديرون، الدقيقة الأخيرة، ركنية للريال، عرضية من مودريتش، وهدف لراموس! مروض الثيران يعاود الانتقام.

في موسم التفوق الدرامي المثير هذا، علّق العتيبي على نحو 85% من مباريات الريال، كان صوته النغمة المصاحبة للرقص عقب كل انتصار، الفرحة الهيسترية على صوته في الأهداف الحاسمة مثل هدف راموس في نهائي دوري أبطال أوروبا وهدف بيل الماراثوني في برشلونة في نهائي كأس الملك، طبعت تعليقاته وإيفيهاته في الجانب المبتهج من الذاكرة، لا أعرف كيف احتل العتيبي تلك المكانة بسرعة شديدة. صار معلقي المفضل والمصدر الأساسي للبهجة بالاشتراك مع ريال مدريد في تلك السنة الطويلة، صرت أبحث عن أهم أهداف الريال في الموسم لأشاهدها مرات عديدة، وأردد في سري مبتسما ”يا لعييييب”، ”يا إلهي”، ”دي ماريا يمرررر”، ”هل أنت مجنون؟ تخطئ أمام بيل؟!”، و”ضربهم.. كواهم.. سجّل في مرماهم”.

لأجل فهد العتيبي.. لا للمعلقين المصريين

5- الأصوات العادية.. راكب المترو نموذجا

كقاعدة، يجب أن يكون صوت المعلق الرياضي مميزا، هل يمكنك ابتلاع الأصوات العادية؟، هل يمكنك الاستمتاع بمباراة مصيرية لفريقك المفضل بصوت أحد ركاب المترو المتحدثين هاتفيا إلى زوجاتهم في الثالثة عصرا بينما يقبضون باليد الأخرى على جريدة الجمهورية ويحدقون في صفحة الرياضة؟ هل يمكن للرجل الذي تقابله مرة وحيدة لا تتذكر ملامحه بعد أن يسألك في عجالة عن الأماكن التي تصطف بها ميكروباصات أول مكرم بميدان رمسيس أن يصبح معلقا خالدا؟ المعلقين المحدثين هكذا تماما (راجع مباريات الكأس والدورة الرباعية في دوري 2014).

لأجل الأصوات العادية.. لا للمعلقين المصريين

6- في الحقيقة لا يوجد سبب سادس. الرقم 6 يبدو أشيك من 5 كثيرا.

لأجل شياكة عنوان المقال.. لا للمعلقين المصريين!

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى