ثقافة و فن

شهادة «برلنتي» عن انتحار عبدالحكيم عامر

 

%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%86%D8%AA%D9%8A %D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF

تقول برلنتي عبدالحميد في مذكراتها، «المشير وأنا»: «كنت من المترددات على ندوة الخميس، كان هُناك صديقة تعمل كصحفية بروزا اليوسف، وفي صباح أحد الأيام، رنّ جرس التليفون وكانت المتحدثة هي الصديقة الصحفية، قالت هل أستطيع أن أراك اليوم؟»، كان ذلك يوم الثلاثاء، وتقرّر موعد الاجتماع في الثامنة والنصف.%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF%D8%A9 %C2%AB%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%86%D8%AA%D9%8A%C2%BB %D8%B9%D9%86 %D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%B1 %D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%8A%D9%85 %D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%B1 1

وفي اليوم التالي، ذهبت «برلتني» إلى الندوة، مُرتدية ثوب أبيض ذا أكمام طويلة، وحذاء ذا كعب منخفض، كمّا اختارت تسريحة شعر معينة جعلتها تبدو «طالبة أنيقة رشيقة»، كمّا وصفت، وعندما وصلت وجدت أصدقاء كثيرون، ولكن كان هُناك اهتمام كبير يوحي بقرب مجئ شخصية هامة، كمّا كانت تقول: «تنّبهت حواسي لمّا يجري حولي، ثم دخل (عبدالحكيم عامر)، ومن معه، ولأني كنت في المؤخرة فقد رأيت رؤوسًا تتحرك وسط الناس القليلة من الحاضرين الذين تجمعوا لاستقباله».

تعرّفت «برلنتي» على عبدالحكيم عامر هُناك، ثم وجدت صلاح نصر عن طريق التليفون، وسألها، قائلاً: «أهلاً باللمضة، إيه اللماضة دى كلها»، ثم أخبرها بأن نذهب لتلتقي المشير عبدالحكيم عامر لأنه يريد أنّ يتحدث معها، الليلة التى وصفتها بـ: «كانت الليلة من الليالي الباردة، وانطلقت بنا العربة في شوارع شبه خالية من المارة، وعندما وصلنا إلى مكان اللقاء، وجدته مكانًا منعزلاً غارقًا في الظلام. ووجدت عبدالحكيم عامر».%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF%D8%A9 %C2%AB%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%86%D8%AA%D9%8A%C2%BB %D8%B9%D9%86 %D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%B1 %D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%8A%D9%85 %D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%B1 2

تصف «برلتني» عبدالحكيم في تلك الليلة، قائلة:  «كان مرتديًا طاقية ينزل طرفها حتى حاجبيه، ويتلفح بكوفية تخفي نصف وجهه، فلم يعد ظاهرًا من وجهه سوى عينيه، ويضع نظارة، وقال لي (إنتِ لمضة تستطعين الكلام في كل ما تشاءين»، ومع الأيام تطوّرت الصداقة بين عبدالحكيم عامر و«برلنتي».

تزوج «المشير» و«برلنتي»، ومرّ زواجهم بـ 3 مراحل، ما قبل الهزيمة، وهي الأقل إثارة للجدل، وما بعد الهزيمة، ووفاة «عامر» وهي الأقل مدة والأكثر إثارة للجدل، والثالثة مرحلة ما بعد وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وخوض أرملة المشير في رحلة كشف حقائق متعلقة بالهزيمة القاسية ووفاة زوجها وما يشوبهما من أسرار، وهي المرحلة التي تمثل الجدل بأكمله.

لكل مرحلة من الثلاثة روايتين، الأولى رسمية أو تبناها رجال «ناصر» وعلى رأسهم محمد حسنين هيكل والثانية تخص برلنتي عبدالحميد، وهي على النقيض تماماً من الرواية الرسمية.

المرحلة الأولى يقول فيها رجال «ناصر» أنه فوجئ بزواج «عامر» من «برلنتي» برغم أنهما صديقين، وغضب من حكيم بسبب أنه لم يراع أنهم قادة سياسيين وعسكريين، محط أنظار كافة الشعب، خاصة المعارضين السياسيين، وأن الزيجة الثانية لـ«حكيم» من فنانة مشهورة ستكون باب للقيل والقال وسبب لبدء توجيه اتهامات لرجال الدولة بانشغالهم بملذاتهم عن الوطن وجيشه في ظروف كان الجيش المصري يخوض حرباً في اليمن وعلى أعتاب حرب أعتى مع الجيش الصهيوني.

أما برلنتي فروايتها تؤكد معرفة ناصر بالزواج الذي تم في شاليه بالهرم سنة 1965، وأن زواجها من قائد الجيش المصري توج قصة جمعتهما، وليست مجرد «نزوة» كما تم الترويج بعد الهزيمة.

المرحلة الثانية، وكانت خلال الأشهر القليلة التي أعقب يونيو 1967، تقول روايتها الرسمية، أن ناصر أعفى «عامر» من مهامه كقائد للجيش بصفته مسئولاً مسؤولية كاملة عن الهزيمة، وأنه ساعة الاجتياح الإسرائيلي لسيناء كان في أحضان زوجته مهملاً لواجبه العسكري، ووضعه تحت الإقامة الجبرية قبل أن يجدوه منتحراً في سبتمبر من نفس العام.

وعلى العكس تؤكد «برلنتي»، في روايتها الموازية أن «عامر» عرف منذ 5 يونيو بأن «ناصر» سيبحث عن كبش فداء ليتحمل المسؤولية وأكد لها ومن بعض المقربين وعلى رأسهم صلاح نصر مدير المخابرات أن ما يحمله من وثائق أو أدلة تبرئه وتثبت أن التقصير جاء من الأداء السياسي لناصر، ستكون سبباً في أن يتم اغتياله لدفن أسرار الهزيمة معه.

وعن الليلة التى انتحر فيها عبدالحكيم عامر، قالت في مذكراتها بعدما علمت أن المشير انتحر: «دارت بي الأرض ودارت الغرفة ووجدتني أتخبط وسط أجسام بشرية تتزاحم حولي، وكأني نقلت بلمسة شيطانية إلى خلاط الأسمنت والزلط، يدور بي ويدور، وأنا أتصادم مع حجارته واتفلفص واتألم وصراخي ينطلق من داخلي، فيدوي صداه برأسي، وصدري وكل جوارحي أقول (قتلوك يا عامر.. قتلوك يا عامر)».

وأضافت أنها لم تصدق انتحار المشير، ربما يكون سافر إلى «يوغوسلافيا»، كما عرض عليه جمال عبدالناصر، وقرر البقاء هناك حتى تستقر الأمور، وإن اتفاقًا بينه وبين جمال قد تم على ذلك، وإن إطلاقه إشاعة انتحاره، إنما هي للتمويه، حتى يتم القضاء على القلائل داخل الجيش فيدعوه جمال للخروج من مخبئه، وسيعود فهو على قيد الحياة.

وفي كتابين صدرا عنها أكدت أنها توصلت إلي الطبيب الذي عاين جثة المشير بعد وفاته، وسافرت إليه وقابلته وأكد لها أنه مات مسموماً، وهي طريقة لا يتبعها من يريد الانتحار لشدة الألم الذي يسببه السم.

المرحلة الثالثة، وهي بعد وفاة ناصر بسنوات، واستمرت حتى وفاتها، فتحت فيها «برلنتي» النار على «ناصر» وذراع نظامه الإعلامية، وظهرت في عدة لقاءات تبرئ ذمة المشير عامر من مسؤولية الهزيمة، وكان كتابها الثاني «الطريق إلى قدري.. إلى عامر» عام 2002 يحمل شهادتها الشخصية على ما حدث منذ 5 يونيو مع زوجها الراحل، وتتهم فيه «ناصر» اتهام مباشر بأنه دبر لاغتيال زوجها لدفن أسرار الهزيمة معه.

 

المصدر 

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى