تقارير و تحقيقات

صنافير وتيران تشعل الحرب بين الإعلاميين والمثقفين

1

تقرير | سامح المصري

عواد باع ارضه، تلك المقولة المشهورة التي كانت في الحوار المؤثر الذي دار بين الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي، والفنان هاني رمزي في مشهد من مشاهد فيلم ” عايز حقي ” حينما قرر «رمزى» جمع توكيلات لبيع مصر! وهذا المشهد كان حديث المصريين منذ مساء الاثنين الماضي، بعد أن فجر مجلس الوزراء في البيان الذي أصدره حين قال إن جزيرتي  «تيران وصنافير» الموجودين في مياه البحر الأحمر بين مصر والسعودية، وتقعان في المياه الإقليمية السعودية طبقًا للخرائط، ومنذ ذلك الإعلان وتعد مقولة ” عواد باع ارضه ” هي الأشهر تداول من قبل السياسيين والمثقفين  عبر مواقع التوصل الإجتماعي، فيما تتعالى أيضا الشعارات والتحليلات والمقالات من قبل الجانب المؤيد لنص بيان مجلس الوزراء.

كانت البداية يوم الخميس الماضي ومع وصول الملك سلمان ملك السعودية، في زيارة إلى مصر تستغرق خمسة أيام، وبعد أن تم إبرام عدت إتفاقيات تهدف إلى تنمية العلاقة الإجتماعية والاقتصادية بين مصر والسعودية، ومن تلك الإتفاقيات كانت الإتفاقية الأشهر والأكثر ترحيباً من الجانب المصري وهي إقامة جسر برى بين مصر والسعودية، للربط بين قارة آسيا وإفريقيا، وتابعت تلك الإتفاقية اتفاقية أخرى تهدف إلى ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وتنص تلك الإتفاقية على ضم جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية، وهذا ما تم الترحيب به جانب من المثقفين والإعلاميين، فيما رفض الجانب الآخر هذه الإتفاقية، وهذا ما أشعل الصراع بين المنازعين المصريين، الذي وصل بهم الأمر إلى المطالبة باللجوء إلى التحكيم الدولي، للفصل في قضية وافق عليها الحكومة السعودية، والحكومة المصرية وهذا النزاع الدائر  بين أبناء الشعب المصري.

2

بالطبع لا بدَّ أن نشير إلى الإعلامي الساخر ” باسم يوسف ” حيث قال بأسلوب السخرية في عدت تدوينات ” مشكلتنا مش مع اللى بيشتري، اهو على الأقل عارف مصلحته، مشكلتنا مع اللى بيبيع ويتنازل ” ذلك في تسجيل أعتراض صريح على قرار وشكل ومضمون الاتفاقية.

3
أما عن الكاتب الصحفي والمفكر السياسي الدكتور مصطفى الفيقي قال: تلك الجزر كانت وديعة لدى الحكومة المصرية، وعلى الجانب المصري تسليمها في الوقت الذي تريده السعودية، حيث أن تلك الجزر قد طلب الملك عبدالعزيز من الملك فاروق عام 1950 الحماية والدفاع عنها، وذلك بعد هزيمة العرب عام 1948 واحتلال فلسطين، وظلت الجزر منذ ذلك التاريخ تحت السيادة المصرية خوفًا أن تسيطر عليها إسرائيل بعد السيطرة على قرية أم الرشراش الفلسطينية في 10 مارس عام 1949 التي تم إنشاء بها ميناء إيلات.

4

أما عن الدكتور محمد البردعي، الذي تم الزج برأيه في هذا السجال، وذلك من خلال مقال قام بنشره تحت عنوان معاهدة السلام والمرور من خليج العقبة، عام 1982 باللغة الإنجليزية وتم ترجمته ونشره في بعض الصحف المصرية أمس، ولكن تم تحريف نص البيان حتى وصل المفهوم أن “البردعي” يعلن أن الجزيرتين كانتا تحت الاحتلال المصري منذ عام 1950، وهما في الأصل ملك إلى دولة السعودية، وهذا ما تم تصحيحه عبر تدوينة قام بنشرها الدكتور البردعي، حيث قال ماذكرته عام 1982 تيران وصنافير تحت occupation، أي بمفهوم الحيازة والسيطرة المصرية منذ عام 1950 ولكن السعودية مازالت تدعي أنهما جزء من أرضيها.

5

وكان للفقيه الدستوري الدكتور ” نور فرحات ” بعض الآراء حول هذا الموضوع، ولكن الآراء بعضها كان قانوني والبعض الآخر كان ساخرًا حيث قال ” بعد بيع تيران وصنافير للسعودية، يبدو أن عصرا جديد للخصخصة قد بدأ، وقام بنشر العديد من الخرائط والوثائق التي تأكد أن الجزيرتين تابعة إلى السيادة والحدود المصرية.

6

وبعد أن نشر الفقيه الدستوي تلك الحرائط والوثائق، على الجانب الآخر نشر أستاذ العلوم السياسية الدكتور عمرو حمزاوي عدة قوانين ووثائق تأكد أن الجزيرتين غير تابعة إلى الحدود المصرية، حيث قال طبقًا لرسم 4 صفحة 17، يظهر وجود صنافير وتيران خارج البحر الإقليمي المصري وداخل المياه الإقليمية السعودية، وطبقًا للقرار رقم 27 لعام 1990 يخرج بالفعل جزيرتي صنافير وتيران من البحر الإقليمي المصري.

هذا جانب من المؤيدون والمعارضون للإتفاقية، وكما تابعنا إن المؤيد مواطن مصري ويقدم الدليل الذي يؤكد أن الجزيرتين تابعة إلى المملكة السعودية، وأيضا المعارض مواطن مصري ويقدم الوثائق التي تؤكد أن الجزيرتين تابعة إلى السيادة المصرية، ولكن هناك بعض الآراء التي نفت أن الحكومة السعودية أو المصرية تمتلك أي وثيقة حقيقة تأكد شرعية اتفاقية ترسيم الحدود، ومن تلك الآراء الفريق ” أحمد شفيق ” المرشح الرئاسي السابق، الذي نشر بيان عبر حسابه الشخصي عبر “تويتر” وقال في نص البيان، كان أجدر بنا أن يتم هذا الإجراء من خلال دراسات عميقة ومتخصصة وبناء على نتائجها يتم حسم الأمر.

7

وأضاف “شفيق” في تساؤل عبر البيان، أين الوثيقة أو الوثائق التاريخية التي تشير إلى ملكية الجزيرتين سواء للمملكة أو لمصر؟ وأين الوثيقة التي فوضت مصر بمقتضاها في استخدام الجزيرتين؟

وهناك بعض الآراء التاريخية وفى هذا الأمر وكان لابد من الاستشهاد بشهادة المرجع التاريخي المصري والعربي الكاتب المفكر الكبير الراحل الأستاذ حسنين هيكل، حيث ورد كاتبه حرب الثلاثين سنة، أن الجزيرتي تبعيتهما إلى السعودية وتم وضعهم تحت تصرف السيادة المصرية بترتيب تم بين الملك عبدالعزيز والملك فاروق عام 1950.

8

ولكن أن كانت شهادة الأستاذ هيكل من الماضي تؤكد أن الجزيرتين تتبع إلى السعودية ، فشاهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تؤكد إن الجزر مصرية، وكان هناك تسجيل فيديو يوضح فيه عبدالناصر أن تيران وصنافير طبقا لخرائط والحسابات الدقيقة تابعة إلى الحدود المصرية.

9

في حقيقة الأمر لا بعد متابعة تلك الآراء لا أستطيع أن أعلن أن هناك حقيقة مطلقة تؤكد أن تيران وصنافير تابعة إلى السعودية أو مصر، لآنى اعلم انه لا يوجد حقيقة مطلقة، ولكن هناك تساؤل يدور في ذهني وأتمنى أن أجد له إجابة، لماذا هذه الإتفاقية المهمة لم يتم مناقشتها وعرضها على الشعب قبل التوقيع عليها، لماذا علم الشعب بهذه الإتفاقية من خلال وسائل الإعلام، لماذا لم توضح الحكومة المصرية تلك الاتفاقية لتهدئة الشارع المصري حتى الآن؟

زر الذهاب إلى الأعلى