أخبار الشرقية

طارق الشناوي يكتب : كارمن سليمان.. صوت مصر القادم

سليمان

أنا مبهور بهذا الصوت الساحر القادم بقوة وثقة إلى ساحة الغناء العربى، إنها المطربة المصرية كارمن سليمان، 16 عاما، وهى تستحق أن تتوج بالجائزة الكبرى بعد أن وصلت إلى التصفيات فى البرنامج الشهير على قناة «إم بى سى» «ARAB I DOL».

أنا أعلم بالطبع أن التصويت تدخل فى توجيهه عوامل جغرافية، هناك مع الأسف تحيز من الجمهور وكأنه فى مباراة كرة قدم، حيث ينحاز السعودى إلى المطرب السعودى، والمصرى إلى المصرى، والمغربى إلى المغربى، وتلك الرؤية القاصرة تتعارض تماما مع الإحساس بالجمال الفنى.
المصدر: الدستور الاصلي

عندما تحمست لكارمن، كنت أرى أن إبداعها الصوتى يسبق رقمها القومى إذا كانت بالفعل قد وصلت إلى السن التى تؤهلها للحصول على الرقم القومى، ولو اكتشفت أنها تونسية لن يتغير موقفى.

لا تستطيع أن تتابع البرنامج بعيدا عن حالة الضيوف فى الاستوديو والمحكمين وتوجهاتهم وأيضا حساباتهم وقبل كل ذلك المشاهدين فى البيوت، وهم الطرف الأساسى واللاعب الأول الذى ربما لا نشاهد له صورة، لكنه يظل هو الهدف، لأنه من خلال إقباله على مثل هذه البرامج تتحقق أهدافها وتتواصل مع الناس أو تفقد جدواها لو لم تحقق حالة الحميمية مع مشاهدى البيوت، ويجب أن نضع فى المعادلة دائما أن إقبال الناس هو الوتر الاقتصادى الذى تعزف عليه كل هذه البرامج، وهنا تصبح إثارة حتى تلك النزعات «الشوفونية»، أقصد الانحياز الأعمى إلى البلد هو إحدى الأوراق التى يلعب بها هذا البرنامج.

ثلاثة من المحكمين: مطرب مشهور ومحبوب من لبنان (راغب علامة)، وفنانة إماراتية حققت نجاحا خليجيا لافتا (أحلام)، وموزع موسيقى مصرى يمثل فى لجنة التحكيم ما يمكن أن نطلق عليه الانضباط الفنى (حسن الشافعى).

أشفق على الفنان عضو لجنة التحكيم فى أى برنامج، لأن الجمهور عادة يريد أن يراه فى حالة مثالية لا يجرح ولا يحرج أحدا، وفى نفس الوقت لا يرضى عن الفنان المنافق المتملق لمشاعر الناس، وهكذا يأتى الأمر شديد الالتباس على كل الأطراف مثلا عندما لم تمنح المطربة أحلام بطاقة الإنقاذ لمطرب سعودى غضب السعوديون، بينما أحبوا على المقابل راغب لأنه منحه بطاقة الإنقاذ، ولا أتصورهم سوف يتناسون بسهولة هذا الموقف.

تجد فى البرنامج معادلات أخرى وضربات تحت الحزام مثل تلك التى يوجهها راغب لبنت بلده هيفاء وهبى، حتى إنه يستضيف إليسا ليس حبا فى صوتها، لكن لإغاظة منافستها. عندما سألوه مثلا عن هيفاء: ماذا لو تقدمت للبرنامج للمشاركة فى الغناء والتحكيم؟ حيث إن البرنامج يستعين فى كل أسبوع بمطرب عربى ينضم إلى اللجنة، كان السؤال خارج النص، لأن راغب فى النهاية يشارك فى البرنامج، وليس هو صاحبه، لكنه أجاب أنها سوف ترسب فى لجنة التحكيم فكيف يسمح لها بالمشاركة.

الفنان عندما ينتقد فنانا لديه جمهوره، يكسب جمهورا ويخسر أيضا جمهورا، «ترمومتر» مشاعر الناس لا يعرف فى هذه الحالة الحلول الوسط، الجمهور فى علاقته بمطربيه يبدو شديد التعصب فهم «ألتراس» غنائى.

ويبقى السؤال: هل الفنان الذى ينطلق من مثل هذه البرامج ويحصل على المركز الأول مثلا يحقق فى الحياة العملية بعد ذلك نجاحا مع الجمهور ويعانق النجومية أم أنه يتوج لمركز الأول ثم وكأن شيئا لم يكن؟ أتذكر فى برنامج مماثل حصل المطرب محمد عطية على المركز الأول والتقطته السينما، ولعب بطولة فيلم «درس خصوصى»، ثم تبخر تماما ليس فقط من الحياة الفنية، لكن أصبح خارج الحياة، فلا أحد يعلم ما الذى يفعله الآن، بينما المطربة الأردنية ديانا كرازون تحققت فنيا ولا تزال تواصل المسير. أتصور أن كارمن سليمان سوف تعتلى بعد هذا البرنامج مكانة استثنائية خصوصا على ساحة الغناء شاهدتها تغنى لوردة «المستحيل» التى كتبها مأمون الشناوى، ولحنها محمد الموجى، فشعرت أننا بصدد فنانة لديها فطرية وشبابية فى الأداء، وفى نفس الوقت تبدو وكأنها صوت معتق. أوجه دعوة ليس فقط إلى المصريين، لكن لكل من له أذن تسمع، ووجدان يشعر، وضمير يقظ أن يمنح صوته إلى كارمن صوت مصر والعالم العربى القادم.

المصدر:الدستور

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى