أعمدة

طارق الشناوي | يكتب : هيفاء تهزم محلب يا رجالة!!

طارق الشناوىأعترف لكم أنه فقط عنوان مثير لتحفيزكم على مواصلة القراءة، فلم تكن المعركة فى حقيقتها بين هيفاء وهبى وإبراهيم محلب، ولكنها فى عمقها بين دولة تريد فرض مزيد من السيطرة والخضوع وبين مثقفين لديهم حسابات مع الدولة تدفعهم أحيانا إلى تبنى قراراتها القمعية.

بعيدا عن تلك الثنائية التى تجمع بين محلب وهيفاء، ما موقفه الآن بعد أن تلقى هذا الخبر من المحكمة التى وافقت على عرض فيلم «حلاوة روح»، إنها فى الحقيقة صفعة لكل المزايدين من هؤلاء الذين تخصصوا فى نفاق الدولة وفى كل العهود، اعتقدوا أن الشفرة القادمة للاقتراب منها هى مزيد من التشدد تحت ستار الأخلاق، فهاتك يا أخلاق، محفزين الدولة على أن تمارس دورها الأبوى فى حماية قيم المجتمع، وتباكى الجميع بالدموع الساخنة على الأخلاق المهدرة، وهدد محمد صبحى فى الاجتماع مع رئيس الوزراء بأنه كان فى طريقه للقيام بمظاهرة تطالب بإسقاطه -أقصد محلب- لو لم يصادر الفيلم وأخذ يبكى أنه ضبط حفيده وهو يتلصص فى النت على هيفاء. الدولة كنوع من الاستجابة الفورية قررت إنشاء لجنة تحت مسمى حماية المجتمع فى عهد وزير الثقافة السابق صابر عرب، واستبدلوا أخرى بها، أطلقوا عليها كنوع من تحلية البضاعة الدفاع عن حرية الإبداع فى عهد جابر عصفور، وكان الغرض منها الوقوف ضد ملف الحريات بغطاء من الحماية الاجتماعية. وكرد فعل اجتمعنا فى نقابة السينمائيين مع النقيب مسعد فودة وأصدرنا بيانا يحذر من تلك اللجان التى تدعى الحرية، بينما هى تريد فرض المزيد من القمع، مع الأسف عدد من الأصوات اختار الحياد ثم سقطت تلك اللجنة فأكدوا أنهم مع الحرية، أخطر ما فى قرار محلب بمصادرة «حلاوة روح» هو تلك الحالة من النفاق التى كنت شاهد عيان عليها، حيث إن قطاعًا وافرًا من الفنانين والمثقفين راهن على الدولة فى انتظار أن تمنحه شيئًا من التورتة.

لم ولن تتوقف المزايدات، ولكن يبقى على نقابة السينمائيين أن تراجع موقف ممثل النقابة فى لجنة التظلمات المخرج والممثل فاروق الرشيدى، فلقد كان هو الصوت المرجح للمصادرة فى تلك اللجنة وهى السلطة الأعلى من الرقابة، مما أوقع نقابة السينمائيين فى تناقض، حيث إن نقيبها مسعد فودة يصدر بيانا ضد المنع، بينما ممثل النقابة فى لجنة التظلمات يؤيد المنع، بالطبع من حقه أن يتخذ ما يحلو له من مواقف، ولكنه لا يصلح أن يظل هو صوت السينمائيين فى لجنة التظلمات، الرشيدى الطبع يمثل تركيبة تتكرر عشرات المرات، وهم هؤلاء التابعون للدولة فى أى توجه تختاره يفتح الشباك أو يغلق الشباك، جاهز فى الحالتين.

الفيلم سبق وكتبت عنه أنه ردىء فنيا، ولا يمكن أن يدافع أحد عن الرداءة، ولكن المصادرة قضية أخرى.

هل سيشاهد الجمهور الفيلم رغم عرضه فى الفضائيات وتوفره على النت؟ أرى أن لديه فرصة فى تحقيق إيرادات. كنت قد شاهدت الفيلم عند عرضه جماهيريا وكانت كل المؤشرات تؤكد أنه لن يصمد طويلًا فى دور العرض، إلا أن محلب منحه بتلك المصادرة قبلة الحياة وعلى الفور وجدنا الكل يستجيب، وزارتا الإعلام والثقافة وعدد من المجالس القومية ورجال الدين الإسلامى والمسيحى، الكل اعتبرها قضيته الشخصية وطالبوا رئيس الوزراء بالمزيد.

لم تكن المرة الأولى التى تصادر فيها الدولة عملا فنيا ويأتى القضاء مصححا الوضع، فيلما «خمسة باب» و«درب الهوى» تعرضا للمصادرة قبل 30 عاما وعادا بعد عدة أعوام إلى دور العرض، ولكن لم يقبل على الفيلمين أحد، هذه المرة المصادرة أتصورها ستلعب دورا إيجابيا فى رواج «حلاوة روح»، لأنه لم يغادر المشهد وكأنك يا محلب لا رحت ولا جيت!

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى