رأي

عادل عصمت | يكتب : في الفرق بين أردوغان وزعيمه أربكان

عادل عصمت

تعلم أردوغان من أخطاء وحماقات زعيمه أربكان منذ طوال ٣٠ سنة من العام ٧٠ وحتي ٢٠٠٠ كان زعيمه تقليدياً محافظاً معادياً للغرب ومعاديا لإسرائيل ومستفزاً للعلمانية التركية ومتحرشا بها وبالمبادئ الكمالية للزعيم المؤسس مصطفي كمال أبو الاتراك  اتاتورك.
فشل نجم الدين اربكان في البقاء في الحكم رغم نجاحه في الانتخابات وحلت المحكمة الدستورية التركية حزبه أكثر من مرة واضطر الجيش للتدخل ضده في العام ٨٠ والعام ٩٧ كما اضطر أن يغير اسم حزبه العديد من المرات ويعاود الانشاء دون جدوى فمره حزب النظام الوطني ثم السلامه الوطني ثم الرفاه ثم الفضيلة ثم السعادة، وكلها محاولات باءت بالفشل

كان الرجل استاذاً جامعياً في الهندسة كزميله محمد مرسي وكان محافظاً منغلقاً يكرر أخطاءه إلى حد الضجر وكان حريصاً على أن يضرب رأسه كل مرة في الحائط .
كان كلما حاول الانطلاق سقط وتعثر واصطدم وكلما أراد أن يحبوا اذ به يكبوا ليعاود تجهيز نفسه من جديد ثم اذا انطلق اصطدم !!!!!!!
أنشأ عام 1970 م بدعم من تحالف طريقته مع الحركة النورسية الاسلامية حزب النظام الوطني الذي كان أول تنظيم سياسي ذي هوية إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ زوال الخلافة عام 1924 م.

بدأ أربكان حياته السياسية بعد تخرجه من كلية الهندسة، وأصبح رئيساً لاتحاد النقابات التجارية ثم انتخب عضوا في مجلس النواب عن مدينة قونية، لكنه منع من المشاركة في الحكومات المختلفة بسبب نشاطه المعادي للتطرف العلماني، وكان تأسيس حزبه أول اختراق جدي لرفض تطرف القوى العلمانية
لم يصمد حزبه النظام الوطني سوى تسعة أشهر حتى تم حله بقرار قضائي من المحكمة الدستورية بعد إنذار من قائد الجيش محسن باتور، فقام أربكان بدعم من التحالف ذاته بتأسيس حزب السلامة الوطني عام 1972 م، وأفلت هذه المرة من غضب الجيش ليشارك بالانتخابات العامة ويفوز بخمسين مقعدا كانت كافية له ليشارك في مطلع عام 1974 م في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتوك ليرعي المبادئ العلمانية.
تولى أربكان منصب نائب رئيس الوزراء وشارك رئيس الحكومة بولنت أجاويد رئيس حزب اتا تورك وخلال وجوده في حكومة أجاويد، حاول أربكان فرض بعض قناعاته على القرار السياسي التركي، وحاول ضرب بعض من أخطر مراكز النفوذ الداعمة للنهج العلماني، فقدم بعد تشكيل الحكومة بقليل مشروع قرار للبرلمان بتحريم الماسونية في تركيا وإغلاق محافلها، وأسهم في تطوير العلاقات مع العالم العربي ، وأظهر أكثر من موقف مؤيد صراحة للشعب الفلسطيني ومعاد لإسرائيل، ونجح في حجب الثقة عن وزير الخارجية آنذاك خير الدين أركمان بسبب ما اعتبر سياسته المؤيدة لإسرائيل.
حتى بعد خروجه من الحكومة فقد قدم حزب أربكان مشروع قانون إلى مجلس النواب في صيف عام 1980 م يدعوا الحكومة التركية إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل، وأتبع ذلك مباشرة بتنظيم مظاهرة ضخمة ضد القرار الإسرائيلي بضم مدينة القدس ، كانت المظاهرة من أضخم ما شهدته تركيا في تاريخها المعاصر، الأمر الذي اعتبر استفتاء على شعبية الإسلام السياسي بزعامة أربكان. بعد بضعة أيام تزعم قائد الجيش كنعان إيفرين انقلاباً عسكرياً أطاح بالائتلاف الحاكم، وبدأ سلسلة إجراءات كان من بينها إعادة القوة للتيار العلماني ومن ذلك تشكيل مجلس الأمن القومي وتعطيل الدستور وحل الأحزاب واعتقال الناشطين الإسلاميين إلى جانب اليساريين .

كان أربكان من بين من دخلوا السجن آنذاك، وبعد ثلاث سنوات خرج في إطار موجة انفتاح على الحريات في عهد حكومة توركوت أوزال ، فأسس في العام 1983 م حزب الرفاه، الذي شارك في انتخابات نفس العام لكنه لم يحصل سوى على 1.5% من الأصوات، لكنه لم ييأس إذ واصل جهوده السياسية حتى أفلح في الفوز بالأغلبية في انتخابات عام 1996 م ليترأس أربكان حكومة ائتلافية مع حزب الطريق القويم برئاسة تانسو تشيلر .

خلال أقل من عام قضاه رئيساً للحكومة التركية، سعى أربكان إلى الانفتاح بقوة على العالم الإسلامي، حتى بدا وكأنه يريد استعادة دور تركيا الإسلامي القيادي، فبدأ ولايته بزيارة إلى كل من ليبيا وإيران ، وأعلن عن تشكيل مجموعة الثماني الإسلامية التي تضم إلى جانب تركيا أكبر سبع دول إسلامية: إيران وباكستان وإندونيسيا ومصر ونيجيريا ورغم حرصه وقتها علي عدم استفزاز الجيش، وحاول تكريس انطباع بأنه لا يريد المساس بالنظام العلماني، وقع على الاتفاقيات المتعلقة بإسرائيل بعد تأخير لمدة 10 أيام واضطر للتوقيع عليها بعد ضغوط عسكرية شديدة وصلت للتهديد بالانقلاب العسكري.
لم يكن هذا التقارب مع إسرائيل كافياً لإقناع الجيش بالقبول، فقام الجنرالات بانقلاب من نوع جديد إذ قدموا إلى أربكان مجموعة طلبات لغرض تنفيذها على الفور تتضمن ما وصفوه بمكافحة الرجعية وتستهدف وقف كل مظاهر النشاط الإسلامي في البلاد سياسياً كان أم تعليمياً أم متعلقا بالعبادات، فكان أن اضطر أربكان إلى الاستقالة من منصبه لمنع تطور الأحداث إلى انقلاب عسكري فعلي.
حظر حزب الرفاة
في عام 1998 م تم حظر حزب الرفاه وأحيل أربكان إلى القضاء بتهم مختلفة منها انتهاك مواثيق علمانية الدولة، ومنع من مزاولة النشاط السياسي لخمس سنوات، لكن أربكان لم يغادر الساحة السياسية فلجأ إلى المخرج التركي التقليدي ليؤسس حزباً جديداً باسم الفضيلة بزعامة أحد معاونيه وبدأ يديره من خلف الكواليس ، لكن هذا الحزب تعرض للحظر أيضا في عام 2000م. ومن جديد يعود أربكان ليؤسس بعد انتهاء مدة الحظر في عام 2003م حزب السعادة ، لكن خصومه من العلمانيين، تربصوا به ليجري اعتقاله ومحاكمته في نفس العام بتهمة اختلاس أموال من حزب الرفاة المنحل، وحكم على الرجل بسنتين سجناً وكان يبلغ من العمر وقتها 77 عاما
خرج أربكان من العمل السياسي الفعلي، وربما يكون تقدم العمر أحد الأسباب، بالاضافة إلى الفشل المتكرر، قدم أردوغان نفسه وأسس حزبه العدالة والتنمية علي انه
١- الاسلامي المتصالح مع الغرب والساعي للانضمام الي الاتحاد الاوربي والمنهمك طوال الوقت في مفاوضات من اجل ذلك
٢- الاسلامي الحليف لاسرائيل والمطبع معها ليل نهار
٣- الاسلامي الذي لايتحرش بالتقاليد العلمانيه الكماليه او بالعلمانيين فجعل شعار حزبه
«من اجل علمانية حقيقية»
٤- عمل علي احداث انجزات اقتصادية ليرضي قطاعات شعبية واسعة لا تطلب الا العيش ولا تعرف الايديولوجيا دعمته أوربا وروجت له بإعتباره النموذج المثل ودعمته اسرائيل واجهزتها الاستخباراتية، وفاز حزبه في ثلاثة انتخابات متتالية وتولي رئاسة الوزراء
٢٠٠٣ / ٢٠٠٧ / ٢٠١١ ثم تولي رئاسه الجمهوريه في ٢٠١٤

 المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الشرقية توداي ، و

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى