منوعات

“عبد الرحمن” طفل متوحد علم نفسه القراءة والكتابة والتصميم الهندسى

s4201410133512

زاوية منعزلة اختارها فى منزل ضيق لم يتسع لما بداخل عقله الصغير من أفكار معقدة لا يفهمها من حوله، بصمت اعتاده الجلوس لفك وتركيب أجزاء من الكرتون يصنع بها ماكيتات لكل ما يراه حوله، مسجد كامل من الورق المقوى، مبنى وقف للنظر إليه بضعة دقائق، وماكيتات أخرى لمنازل تحيطها الحدائق والأشجار، التى تفنن “عبد الرحمن” فى وضعها فى أماكنها للخروج بتصميمات متكاملة لمشروعات هندسية لا تتناسب مع سنوات عمره السبع، أو عقله الذى اختار العزلة والصمت لما يعانيه من توحد منذ مولده.

“عبد الرحمن محمد صلاح” عبقرى فى صمت.. هكذا يمكن وصف الطفل الذى ولد بمرض التوحد، ووصل لسنه السابع دون أن ينطق حرفاً واحداً، لا يعرف الكلام، ولا يجيد التواصل مع البشر، ولكنه يحمل بداخل عقله الصغير الكثير من الرؤى المتداخلة التى يتمكن من إخراجها على ورق مقوى يصنع به ماكيتات هندسية لم يعلمه صناعتها أحد، على جهاز الكمبيوتر يمكنه الجلوس لساعات طويلة لتثبيت نسخة “ويندوز” أو إصلاح الجهاز بالكامل، أو الدخول بمفرده على الإنترنت وبرامج الألعاب ومواقع التواصل الاجتماعى، دون أن يعلمه أحد الطريق إليها، وغيرها من الأنشطة التى يسبح فيها عقله منعزلاً عن الحديث مع الآخرين.

“من وهو صغير، بدأنا نلاحظ أنه ما بيتكلمش بس بيفهم كل حاجة بسرعة جداً”.. هكذا بدأ “محمد صلاح” والد الطفل “عبد الرحمن حديثه لـ”اليوم السابع” عن عقلية ابنه التى فاقت توقعاته لطفل متوحد.

“عبد الرحمن عنده توحد، لما رحنا للدكاترة عشان تأخيره فى الكلام، وتصرفاته الغريبة ورفضه للعب أو الكلام مع أى حد، قالوا لنا ابنكم متوحد ومش هيتكلم ولا هيتعامل مع أى حد”.. بأسى يكمل والد الطفل الذى يأس من التوجه به لمراكز العلاج باهظة التكاليف، والتى تنهى الأمر غالباً بورقة تشير إلى بقاء الحال على ما هو عليه.

وعن رحلته مع اكتشاف ما يتمتع به طفله من مواهب رغم مرضه يقول: “عبد الرحمن بعد فترة بدأ يفاجئنى بحاجات كتير، كل ما ننزل نروح فى أى حتة، يرجع يقفل على نفسه ويقعد يعمل ماكيت للمكان اللى كنا فيه بالتفصيل، ومع أنه ما بيعرفش يقرا ويكتب ولا راح المدرسة، بس عبد الرحمن بيكتب كويس جداً من غير ما حد يعلمه القراءة ولا الكتابة”.

علاج “عبد الرحمن” من مرض معقد يحتاج للكثير من التكاليف التى لا يملكها والده، هو ما يأس منه الحج “محمد صلاح”، ولكنه لم يفقد يوماً الأمل فيما يراه من ابنه من عبقرية تتحدث عن نفسها، لا يحتاج للكلام كثيراً يكفيه بعض الإشارات التى يفهمها من حوله، كما يكفيه عالمه المنعزل الذى وضع فيه تصميماته الهندسية الخاصة التى يعبر بها عما بداخله من قدرة على الابتكار، وعقله الذى يحمل سنوات أخرى وعوالم موازية بعيدة عن عالم أنعزل عنه واختار اجتيازه بصمت وعبقرية فذة.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى