رأي

عبد الغنى الحايس | يكتب : البناء من قريتنا

عبدالله
كان يعيش فى قرية صغيرة مترامية الأطراف ، كان عقلة الصغير دائم التفكير فقد انهمك فى القراءة منذ صغره ، رأى عالم اخر غير الذى يعيشه .

فى لحظة خيال تدوم كثيرا كان يرى مصر الفرعونية التى قرأ عن اثارها وحضارتها ونهضتها فى وقت كان العالم من حولها فى سبات عميق .فقد عرفت الطب والفلك والزراعة والتحنيط وفن الحرب وأدواته حتى نمت اطرافها .

وقف مبهورا أمام الأهرامات تلك العجيبة التى ليس لها مثيل ، زار المتحف المصرى وامنيته ان يحتضن كل قطعة وأثر فيه تخيل يد الصانعين والنحاتين تبدع تلك الكنوز الفريدة .

أراد ان يصرخ بأعلى صوته هؤلاء اجدادى فماذا فعل الأحفاد من بعدهم ، بكى وتألم ولكنه عاش بالأمل ان يرى الأحفاد على خطاهم فى نهضتهم وعلمهم وتقدمهم وبراعتهم .

عاد الى قريته ليرى اهله يعانون البؤس والشقاء والحرمان ، فغالبيتهم يعملون بالزراعة وقد اكتست وجوههم حمرة الشمس ، الصبر كان حليفهم على معاناتهم حيث لا كهرباء ولا مياة نظيفة ولا صرف صحى ولا خدمات صحية او اجتماعية او ثقافية..الخ .، حتى تكدست بالمدن الكبرى كل شىء وحظيت العاصمة بالنصيب الأكبر وعاش بقية الوطن فى حرمان .

كان يسأل نفسه هل يعرف من يديرون تلك البلاد فى القاهرة شيئا عن قريتنا ، هل يعرفون ان هناك شباب يحدوهم الأمل وتملأهم العزيمة لفعل اى شىء لذلك الوطن حتى ينهض برغم ما نعانيه ؟
هل يستسلم لحياة اليأس ويقول عنها قناعة ورضا بما قسمة الله ، أم يتطور ؟

ولكنة عاد ليكمل قراءته عن مصر الاسلامية وكيف قاد الأزهر الشريف دروب التنوير وحمل مشاعل العلم على مدى قرون وكان العالم الغربى وقتها يعيش فى حروب طائفية وصرعات وعصر من الظلمات ونحن لدينا علماء اجلاء مثل بن رشد وابن النفيس وابن سينا وبن خلدون والقائمة كبيرة لا تنهى أخذ الغرب علمهم وقت غفوتنا ليخرجهم من ظلماتهم ويقذف بنا الى بحر من الغيوم والتخبط حتى وصلنا الى الأسوء .

ومازال الحال نعيش على اطلال الماضى وقت ان وصلنا الى ان نحكم العالم فى الهند والسند والمغول واسيا وقت ان كانت الدولة الاسلامية تمتد ربوعها الى اطراف كبيرة من ذلك العالم الغربى ، عشنا قرون فى الأندلس اقمنا حضارات مازالت شاهدة على تقدمنا ولكن اين نحن الان من ارث الأجداد .
مازلنا نحلم بما كنا وبما كان ولكن للأسف الشديد لم نسعى لخلق حلم جديد فى عصر جديد تغيرت كل معطياتة ولا تعطى البقاء الا للأقوى .
نملك فى مصر كل مقومات التقدم .وهبنا الله كثيرا من خيراته طبيعة كلها كنوز .نيلا وبحرين وكنوز فى باطن الأرض ومناخ ولكن غابت الإرادة ان نجعل من رمال صحرائنا جنة خضراء او نزرع قمحنا بانفسنا بعد ان كنا مصدر للغلال فى العالم .، نستسهل كل شىء ونشتريه ولا نصنعه ، أردنا ان نعيش تابعين ونجاهر ان قرارنا من عقولنا .

مازل يحلم ان يعود الى قريته ليرى طريقها ممهدا ودخلتها المياة النظيفة للشرب ووجد وحدة صحية متكاملة تعالج البؤساء من الكادحين ، ومياه تروى عطش اراضى ظمأى ومدارس بها مسرح وملاعب ومركز شباب يفرغ الطاقات ومكتبة لتنير العقول وقائد يجمع شتات الفرقاء واسرة متماسكة الأوصال وحب وتعاطف وود بين الجميع .

قرية يرى فيها الخير سلام بين الكل حلم يجمعهم وامل يسعون الى تحقيقه ، أرضا لا يجرفونها ولا يهجرونها ، حكومة تنظر الى هؤلاء بعين الانسانية ، فالبناء لا ياتى الى من القرية ، فكلما احسنت تنمية مجتمع حصدت خيره للجميع .، كلما بنيت أسرة متماسكة ينمى فيها الحب والتسامح والتكافل بيت مجتمع قوى .

رسالة الى من يديرون امور البلاد عليكم ان تنظروا الى حياتكم كيف تعلمتم وتربيتم وتعالجون من امراضكم وكيف تعيشون وتنعمون وهناك مواطنين يعانون فى حياتهم .

انهم لا يحتجون قانعون راضون ولكنهم يريدون الحياة ان لم تكن لهم فلأبنائهم ومستقبل اولادهم ، فانظروا اليهم قبل فوات الأوان
وللحديث بقية

الآراء المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداى 

 

زر الذهاب إلى الأعلى