مقالات

عبد الغني الحايس | يكتب: في ذكرى إنتصار حرب أكتوبر صائد الدبابات

الحايس 2

 

 

مصر ولادة كما يقولون يها من الرموز والقدوة الكثيرين الذى نفتخر بهم فى كل المجالات والذين قدموا أرواحهم وعمرهم فى سبيل أن تظل رايتها خفاقة بين الأمم والتى ستظل صفحات التاريخ تذكر سيرتهم العطرة إلى آخر الزمان ومن تلك الرموز الوطنية التى سنقدمها اليوم هو محمد عبدالعاطى عطية شرف المعروف بصائد الدبابات .

ولد عبدالعاطى فى قرية شيبة قش إحدى قرى الشرقية توفى والده وهو فى التاسعة من عمره وتولى تربيته أخوه الأكبر عبدالحميد وتولاه بالرعاية والعطف حتى أنهى تعليمه وتخرج من مدرسة هانى كامل الثانوية الزراعية عام 69.

وكان عبدالعاطى عنيدا ويثور عندما يشعر بالظلم وكان بسيطاً مرحاً يعرف دوره وما عليه وما تحمله إخوة الكبر ووالدته فى تربيته حتى حصل على دبلوم الثانوية الزراعية وتقدم للتجنيد وهو يعلم أن هناك أرض مغتصبة وحرب استنزاف دائرة على أشدها لاعادة الارض والكرامة.

ارتدى عبدالعاطى الزى الكاكى الأصفر الذى زادة عزا وشرفا وقوة وعزيمة والتحق بسلاح المدفعية وانغمس فى تدريبات شاقة وقاسية وفى مركز التدريب تعلم فى مصنع الرجال كيف يكون جندى يحافظ على سلاحه ويستخدم سلاحه وتدرب كفرد مدفعية صاروخية موجة فى مركز التدريب حتى انتقل إلى كتيبتة القتال وأنه لا مكان هنا للهزل وتضييع الوقت وانه يجب الانغماس فى التدريب الشاق حتى يكتب له التوفيق وينال اعجاب قادته وكان شعاره الاتقان الشديد والجدية والصرامة حتى يكون فى المقدمة بلا منازع .

وهذا ماحدث عندما قاموا بأول اختبار بالذخيرة الحية حيث كان دائماً فى المقدمة ورقى الى رتبة العريف ثم الى الرقيب لتواصل تألقه فى التدريب والاختبارات التى كانت تتم بالذخيرة الحية ولذلك نال الهدايا والمنح والتذكارات بل والاجازات نتيجة تقدمه فى وحدته والتى انضمت إلى أحد التشكيلات بالجبهة وتلك هى اللحظة التى انتظرها كل أفراد الوحدة هو الثأر من العدو الغادر الخسيس .

وقد رقى عبدالعاطى إلى رتبة رقيب أول ولها حكاية تلك الترقية حيث كان فى ميدان الرماية وعندما استعد للاشتباك لا حظ من خلال منظارة إ الهدف خارج مدى الصاروخ فوقف واستئذن قائدة فى أن الهدف خارج المدى ولكن قائدة طلب منه الاشتباك وبالفعل ضرب صاروخة وسقط قبل الهدف وعندما طلب منه مرة اخرى الاشتباك وقف وكرر نفس ما قاله بكل ثقة وهنا أدرك قائد وحدته ذلك وقاموا بقياس ميدان الرمى الذى كان يشرف عليه الخبراء الروس وهنا اتضح صدق ما قاله عبدالعاطى فتم تعديل الهدف حسب مرمى الصاروخ فرمى واصابة ومن هنا كانت ترقيته الثالثة إلى رتبة رقيب أول .

وكما كان عبدالعاطى بارع فى توجيه الاصابة بالصواريخ كان بارعاً فى لعبة كرة القدم مجنونته التى نال بسببها شهرة واسعة فى الجيش الثانى كله ولكن قائدة اراد أن يوجه تركيزة الى هدف اسمى الى المعركة .

وقد صدرت الأوامر بالعبور لكتيبتة والتى كانت أفضل كتيبة صواريخ مضادة للدبابات بين وحدات الجيش .وكان عبدالعاطى أمهرهم دائما لما يعطية للتدريب من اهتمام واهمية وتركيز وجدية وكان الجيش المصرى على استعداد للمعركة فى نفس الوقت الذى توهم العدو الصهيونى اننا نخشى بأسهم وعتادهم واننا موتى لن نحارب .

وبدأت حرب العزة والكرامة وخاضها رجال لا يخافون الموت وكان عبدالعاطى من هؤلاء الرجال فقد دمر اكثر من23 دبابة مع افراد طاقمة لدرجة اذهلت الجميع واكسبتة شهرة واسعة ونشرت صورته فى كل الجرائد تشيد بة وبدورة العظيم وبالجيش المصرى الذى حطم غرور الجيش الذى ظن انه لا يقهر .

فكان عبدالعاطى يقف فى الضفة الشرقية وينتظر اللحظة التى يرمى نفسة فيها فى القناة ليعبر ذلك المانع المائى ويدخل ليحطم تحصينات العدو ويسترد أرضة وارض اجداده وليطرد العدو ويمحو اثار نكسة 67 وهذا ما حدث فى يوم السادس من اكتوبر يوم الخلاص والشرف صدرت التعليمات بعبور وحدتة بعد ان حصلت على مهامها القتالية بدقة وكان المفروض ان يقود عبدالعاطى المجموعه الثالثة ولكنها استئذن قائدة فى قيادة المجموعه الأولى حتى يكون لة شرف العبور فى الموجات الأولى ولكن قائدة وضح لة انه يجب ان يلتزم بالتعليمات الصادرة وان الفرق بين المجموعات هو دقائق معدودة ولكن الحماس يدب فى قلب الجميع وبعد لحظات من عبور المجموعات لكل الوحدات اهتزت الأرض من وابل النيران الموجة الى تحصينات العدو وصدح الجميع بالله اكبر تدوى فى المكان وبين صدمة العدو المذعور من الجيش المصرى الذى عبر القناة الملغمة بالنابال وبين تحطم خط بارليف ذلك السد المنيع وبين تحطيم غرور العدو وكبريائة فى لحظات الذى كان يقذفة اكثر من 2000 مدفع فى وقت واحد تحطم دشمة وتحصيناتة .وبعدها اندفعت القوات للاشتباك مع قوات العدو وهاهى اللحظة التى ينتظرها عبدالعاطى ورفاقة وبدأ فى اصطياد دبابات العدو لوقف تقدمها نحو القوات المصرية وكان هو فى الاحتياطى يحسد زملائة التى تصطاد الدبابات وينتظر اللحظة التى يدخل فيها الاشتباكات وخصوصا بعد ان علم باستشهاد أصدقائة جعفر بيومى وصبحى يعقوب وحامد عيد وكانوا لا يقلوا براعة عن عبدالعاطى نفسة الذى ذهب الى قائدة يطلب الانضمام الى الخطوط الأمامية بدلا عن هؤلاء الشهداء ولكن طلبة قوبل بالرفض حتى من قائد كتيبتة حتى كان اليوم الثالث من العبور صدرت الأورامر لة باحتلال نقطة وعمل كمين للعدو والذى تقدمت دباباتة الثلاثة عشر ودخلت مدى ضرب الابطال سمح لهم بالاشتباك ونالت منها صواريخ عبدالعاطى ورفيقة بيومى ودمر عبدالعاطى 9 دبابات وبيومى 4 دبابات وذلك خلال 20 دقيقة فقط وبعدها تعالت الصيحات الله اكبر وهذا يدل على معدن البطل المصرى فان كان العدو يتباهى بعتادة فنحن نملك الايمان والعزيمة فلقد تم سحق سرية كاملة بفضلهما .

وبعدها صدرت لهم الأوامر باحتلال نقطة اخرى ومع رفاقة وقائد سريتة وظهرت ست دبابات لم يعطى عبدالعاطى الفرصة لاحد من زملائة فدمر منهم خمس دبابات وحدة وفرت السادسة وهرع عبدالعاطى بعدها الى قائدة الذى اصيب ليقدم لة الاسعافات الأولية وندمة على هروب الدبابة السادسة .

وزادت شهرة عبدالعاطى واصبح مثل النجوم اللامعه الكل يتحدث عنة وعن بطولاتة .ولكن كل ما يهم عبدالعاطى هو دحر العدو ولذلك طلب من قائدة ان يتم نقلة الى مكان بة اشتباكات فهو منذ اربعه ايام والوضع هادى والمكان ليس بة اكل عيش كما قال لقائدة وقوبل طلبة بالرفض .

ولكن سرعان ما حاولت دبابة من دبابات العدو الالتفاف الى موقعهم واصابتهم بنيرانها ولكن عبدالعاطى استطاع برغم جغرافية المكان الصعب ان يوقف تلك الدبابة الى الأبد ويصيبها قبل ان تقضى على موقعهم بنيرانها الغزيرة .الأمر الذى دفع العدو الى ارسال طيرانة للقضاء على ذلك الموقع وألقت علية كمية هائلة من النيران ولكن قواتنا من الدفاع الجوى تصدت لها وأصابت عدد من طائرات العدو .حتى دفع العدو بمدفعيتة طويلة المدى بنيرانة على الموقع ليدمرة بمن فية حتى ظن انه تم القضاء عليه دفع العدو بثلاث من سياراتة المدرعة لاحتلالة ولكن كان عبدالعاطى فى انتظارها هو ورفيقة عوض الذين اصابوا تلك الأهداف معا .
وقد شكل هذا الموقع نقطة حصينة صعب على العدو اختراقها او المرور منها فكان نصيب دباباتة ومدرعاته التدمير بكل افرادها .
ودمر عبدالعاطى دبابة كانت تقصف موقعه وتظهر وتختفى بسرعه مستغلة موقعها بين تبتين تراوغ وكان صعب اصطيادها واستمرت فى محاولاتها مرات عديدة حتى تيقن الماهر بانها ستكرر حركتها واطلق صاروخة قبل ان تظهر بين التبتين وفى تلك الأثناء ظهرت واصاب صاروخة الهدف وكان اصابة تلك الدبابة من العلامات الكبرى فى حياة عبدالعاطى وتلقى تهنئة مدير سلاح المدفعية وقتها .وبعدها اصاب دبابة فى منطقة ميتة اى صعب اصطيادها ولكنة اصابها.

وكان عبدالعاطى يساعدة فى تجهيز الصواريخ الخولى وعبدالفضيل الذى كان ساعدة الأيمن والسبب الرئيسى فى سرعة اشتباك عبدالعاطى مع دبابات العدو .

وصدرت الأوامربوقف اطلاق النيران ولكن العدو الخسيس لم يلتزم وحاول احتلال موقع كتيبة عبدالعاطى وهجم بمدرعتين تصدى لهم بيومى وعبدالعاطى كلا بصاروخه حتى قضوا على امال العدو باحتلال تلك النقطة .

ووضعت الحرب اوزارها وبدأت طوائف المصريين تزور الجبهه وليشاهدوا الأبطال فى مواقعهم وكان لقائهم مع كتيبة عبدالعاطى التى ذاع صيتها ولقد شاهدوا المعرض من الغنائم من دبابات العدو ومدرعاتة حول الموقع التى تحتلة تلك الكتيبة وشهدوا ببراعة عبدالعاطى ودماثة خلقة ويذكر عبدالعاطى ان لقائة بالمشير احمد اسماعيل فى معرض الغنائم بارض المعارض كان من اسعد لحظاتة حيث عرفة المشير والذى اثنى علية وعلى ما قام بة من بطولات هو وزملائة ويومها نادى علية المشير لكى يقص شريط افتتاح المعرض .وفى اليوم التالى كانت صورتة فى كل الصحف والمجلات وتذكر فى نفسة كيف لفلاح بسيط ان يقص شريط وسط كبار مسئولى الدولة الكبار .وعندما نزل الى قريتة استقبل بكل اكاليل الغار والانتصار .وسرعان ما عاد الى وحدتة وفى طريقة مرعلى جريدة الجمهورية لرغبتة وامنيتة فى الحصول على صورتة مع الوزير وما ان علم الجميع بوجودة حتى استقبل استقبال يليق بالابطال وذهب الية رئيس مجلس الادارة بنفسة ليستقبلة فى مكتبة وقدمت الية الصورة التى ارادها .

وانهالت علية الدعوات من الصحف والمجلات والاذاعه .فعبدالعاطى بطل مصر وسط جبل شاهق من الابطال التى انجبتهم مصر ومن حقنا ان نفخر ونعتز بأبطالنا وقد كرمتة الدولة هو وكل زملائة وحصل على نجمة سيناء .وكذلك تم تكريمه فى محافظتة وكذلك فى محافظة اسوان وفى كل مكان كانت تطئة قدمه ورغم ذلك التكريم والاجلال ظل على بساطتة وتواضعه برغم انة صاحب الرقم العالمى الثالث فى اصطياد وتدمير الدبابات .

ولقى عبدالعاطى ربة فى شهر رمضان الكريم يوم 9 ديسمبر 2001

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى