الرئيس المصري محمد مرسي رئيس مدني شرعي منتخب بالتأكيد , ولكن له قدرة وغير مؤيّد بمعجزات , وتديّنه قدوة حسنة لمن شاء أن يقتدي به في تنسّكه وخشوعه , نقول عنه ذلك ولا نزكيه على الله تعالى بعد قرب انتهاء المائة يوم الموعودة .
وبما أن الرئيس بشري من سلالة آدم عليه السلام فهو محدود القدرات , وهذا الإطار العام الذي يوضع فيه كافة البشر عدى الأنبياء عليهم السلام , لأنهم بشر ولكن يوحى إليهم من الله سبحانه . وبالإضافة إلى قدرته المحدودة كبشري فإن صلاحياته كرئيس جمهورية في الوضع الراهن أيضاً محدودة وبالقانون , لا أتحدث هنا عن الصلاحيات التي ضيّقها المجلس العسكري على الرئيس مرسي بالإعلان الدستوري المكمل قبل مجيئه إلى قصر الرئاسة ثم استعادها مجددا , ولكن صلاحياته بإعادة ما تم توزيعه من ثروات وطنية ذهبت لمؤسسات وأفراد لهم أسماء لامعة في مصر الآن استطاعوا جميعاً في عهد المتساهل بأمره مبارك أن يشتروا أراضي الدولة بمجانية التراب -وليس رخصه- ويبنوا عليها مصانع ومدن ومستعمرات -إن صح اللفظ- تعود على فئة تشبه قديما الإقطاعيين بالنفع وتحرم باقي الشعب من حقه المغتصب . ولعل مثال مدينتي ورجل الأعمال الشهير هشام طلعت مصطفى يوضح المقصود في أن التسهيلات كانت تصل لحد التساهل لبيع أراضي الدولة بثمن بخس وقروش معدودة .
وفي نقد أراه بنّاءاً لبعض الأكاديميين والمثقفين والنخبة , جاء في شكل تحدّي للرئيس المصري أن يصادر ويسجن ويؤمم ويعلن الحروب كما فعل الرؤساء المصريين قبله . ورأيي أنه لا يجوز مقارنة عهد تسلّط الحكام وبسط نفوذهم على كافة أفراد الشعب , بعهد نالت فيه يد الشعب من الحكام وأسقطتهم وأتت بغيرهم على أمل إحداث تغيير شامل في كافة نواحي الحياة في مصر , وأصبح الشعب يعرف ما له وما عليه , وأصبح يحاسب ويطالب , وينكر ويقر , وينقد ويؤيد , وينصح ويحذر .
إن من فوائد إختيار الشعب لأول رئيس مصري منتخب هو إدراك وتقييم شخص المرشّح للرئاسة ووضعه فيما يشبه قائمة بخيارات options يستطيع أن يحدد قدراته وميوله . ولعل الرئيس محمد مرسي وتنشئته في مدرسة الإخوان المسلمين جعلته ذو توجه وإنتماء لحدود أكبر وأبعد من حدود الوطن المصري . وبما أن الفكرة المطروحة هنا لا تتناول التوجه الأيديولوجي أو الفكر السياسي أكثر ما هي رسالة ومناشدة أصيغها في ختام المقال :
سيادة الرئيس المصري محمد مرسي , مصر في حاجة إلى مجهوداتك ووقتك أكثر من أي شيء آخر , حتى إن كان في تمثيلها في الخارج وتسليط الضوء على الجانب الإسلامي المضيء والمُبشر في المؤتمرات والمحافل الدولية إنعكاس إيجابي عن شكل الدولة المصرية وتذكير العالم بالشوط الطويل الذي قطعه شعب مصر في أبجديات الديموقراطية , ولكن تذكر أن الشعب المصري يريد ويريد ….. ولن يتوقف عن ترديد هتافات وأفعال مضارعة وماضية كلها تأتي في صيغة فعل الأمر , ليجد ما يتطلّع إليه وما يصبو إليه من عيش وحرية وعدالة إجتماعية .
تابع الشرقية توداي على جوجل نيوز 
