أعمدةمقالات

عبد الله إسماعيل | يكتب : رداء الكبرياء

عبد الله اسماعيل

رداء الكبرياء قد يصنعه لك وضع وظيفي ، أو هيئة حسنة أو مال وفير أو درجة علمية أو أسلوب لبق ، أو باطل موروث يدّعي الحق ، أو أي رصيد دنيوي من عطاء الله ونعمه التي أسبغها على عباده ولن تُحصى ، سواء جاءت في صورة منحة و نعمة ترتب عليها شكر , أو محنة و ابتلاء .

هذا الرداء الذي يدعو الإنسان ذكرا كان أو أنثى إلى أن يتباهى ويتعجرف و يتخطّل بأنفة على خلق الله الذين ربما يساوونه أو يزيدون أو ينقصون عنه ، و لا يفرقه عنهم إلا حب إظهاره لكِبره في نظر الآخرين،  هذا الرداء هو من نواميس الله التي لا يشاركه فيها أحد إلا نزعه الله عنه كما تنزع الروح من الجسد لحظة الموت.

إن الكِبر من الخطر في كونه أول خطيئة للشيطان حينما تكبّر بعنصره الناري أن يسجد لخلق مصنوع من طين , فالمتكبر شيطان مطرود من رحمة الله و إن كان إنسيا فهو من زمرة شياطين الإنس .

و المتكبّر صاحب رصيد محدود و معدود , فمهما أوتي من شيء فما عنده ينفد و ما عند الله باقٍ فهو سبحانه صاحب خزائن كل شيء في هذا الكون الواسع.

و الكبرياء ضعف في جانب أحب صاحبه أن يستره بقوة يدّعيها .
و حماقة أعيت صاحبها بجهل أنها لديه وحده دون سائر من حوله .
و غرور لم يرفع صاحبه إلى مكانة إلا في ظنه وحده .
و إهانة لاحقة لا بد أن تصيب من اعتز بالكِبر في خزي بعد عزة زائفة .
و هزّة دعت صاحبها أن يتستر بثبات كاذب .
و ظلامٌ غشّى البصر .
و صممٌ ضرب على السمع .
و تحجّر منع العين أن ترق و تدمع .
و غطاءٌ غلّف القلب أن يذعن و يخشع .
و وهمٌ تنشّقـته الأنفُ فتعلّقت بحبل في السماء مقطوع سلفا .
و حفرة في الأرض مردومة على الماضيين صلفا .
و رخصٍ في النفس غش صاحبها الثمن فغلّاها .
و عيب مستور في هلام من الكرامة لمن جلّاها .
و داء لا شفاء منه إلا البتر .
و هزال لن يصمد قبل الكسر .
و طبع تمادى فافتخر .
و عقاب مستوجب مُدّخَر .
و اختلاط زهو ببطر .
و هباءُ طول عمرٍ حانقٍ على نجاح الصِغر .
و حائلٌ و العياذ بالله من دخول جنّاتٍ و نهر في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر .

يقول الشاعر إيليا أبو ماضي في ذم الكِبر :
يــا صــاح إنّ الـكبر خـلق سـيء … هيهات يوجد في سوى الجهلاء
والـــعــجــب داء لا يـــنـــال دواؤه … حـتـى يـنـال الـخـلد فــي الـدنياء
فـاخفض جـناحك للأنام تفز بهم … إنّ الــتـواضـع شــيـمـة الـحـكـماء

 

مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن الشرقية توداي

 

زر الذهاب إلى الأعلى