رأي

عبد الله إسماعيل | يكتب : عالمية حجاب المرأة

عبد الله اسماعيل

منذ نزول الإنسان إلى الأرض و هناك نتيجة حتمية مؤداها أن الفرد يعيش في محيط زماني و مكاني معين تربطه علاقات أسرية و اجتماعية بمن حوله ليشكل هو و مجموعة أفراد شبكة علاقات شبه منظمة ثقافيا و اجتماعيا . و لا يمكن أن يحدد الإنسان القيم المجتمعية و السلوكية بهواه أو مشيئته ، بل يفرض ذلك الإطار المجتمعي المحيط به فيحدد ما هو مرغوب و ما هو ممنوع .

تشكّل الثقافة الدينية مصدرا مهما في تحديد قيم النظام الاجتماعي ، و أصل الدين واحد و ثابت في كل الشرائع السماوية و هي عبادة الله بلا شريك و لا نظير ، و موهوم من يظن أن الخالق سبحانه و تعالى قد خلق الناس عبثا بدون إرسال رسل و تبليغ كتب ، أو توجيه لفعل الخير و ترك للشر  و توضيح للفرق بين الطيبات المباحة و الخبائث المحرمة , و انتهاج سلوك الفضيلة الواقعة بين رذيلتين ، و ذلك لأن الفضيلة مثل النقطة صفر , إن نقصت بالتفريط كانت رذيلة الفحش و الفسق , و إن زادت بالإفراط كانت رذيلة التشدد و التزمّت ، فما زاد عن حده منقلب إلى ضده , و لذلك يمكننا القول بأن الفضيلة وسطية في ذاتها , لأنها تقع بين رذيلتين .

لطالما ارتبطت صورة الحجاب بالفضيلة و الزهد في كل الأديان  فاليهودية و النصرانية ثبت لديهم حجاب المرأة ، و حتى السيدة مريم العذراء لا يصورونها إلا به ، و إن كان لديهم تحفّظ بأن العذراء – عليها السلام – هي إنسان بتول سخّرت حياتها للصلاة و التعبّد . و حتى صلاتهم في الكنائس يشترط فيها تغطية الرأس للنساء ، هذا عن فضيلة الحجاب في غير الإسلام .

و الإسلام ليس بدعا من الرسالات السماوية السابقة ، يقول تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم) بل هو الإصدار الأحدث ، و كتابه القرآن أجدد العهود .

و الحجاب في الإسلام فرضَه الله إذ قال (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) وقال سبحانه (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن ) .

تعالي أيتها الكريمة الفاضلة لننظر في تفسير “ولا يبدين زينتهن” و لنتطرق إلى تعريف الزينة الظاهرة و غير الظاهرة ، فالأولى هي الزينة الخَلقية من جسم المرأة و التي يلزم ظهورها و كشفها ؛ و إلا تعطّل الدور الذي تقوم به (مثل الحواس الخمسة)  ،و الأخرى هي الزينة الخَلقية الغير ظاهرة والتي تقوم بعملها على أكمل وجه حتى إن غطّتها المرأة , و هي جميع جسد المرأة غير الوجه و الكفين .

بعد أن اعتمدنا على التفسير الدقيق في الفقه و ليس كما يفسر بعض المتفيقهين الذين يطلقون على أنفسهم مفكري العصر و مجددي الإسلام ! – كأن الإسلام جاء بشيء قديم ليجدّده هؤلاء المساكين ؟ – اسألي نفسكِ سيدتي المحافظة على الحجاب أو التي تكشف شعرها ، اسألي نفسك سؤالا خالصا لوجه الله تعالى يا مسلمة حتى إن التزمتِ الحجاب التزمتيه عن اقتناع , فإن رفضتيه فترفضينه بعد سماع رأي أهل العلم و لن تجدي لأحدهم فتوى تبيح لكِ ذلك اللهم إلا فتاوى مشاعة عن الشيخ محمد عبده هو منها براء : هل الشَعر من الزينة الظاهرة التي لا بد من كشفها حتى لا تتعطّل مهمتها ؟ أم أنها زينة غير ظاهرة ؛ بمعنى إن لم تظهر فستقوم بالدور الذي طالما خُلقت من أجله ؟ سؤال آخر مهم ما هو أول ما تصنعينه إن جلست أمام المرآة لتتزيني ؟ أليس بصدق و أمانة هو التهذيب و التمشيط للشَعر ؟ أليس هذا الشَعر الذي تعتنين به هو سرّ الجمال لديكِ و هو الزينة التي أمرَكِ الله تعالى أن تستريها إلا على محارمك ؟

كلمة أخيرة موجهة إلى الفطرة الخيّرة في داخل كل مسلمة محجبة ؛ إن الحجاب ليس غطاء للرأس تغطين به الشَعر و تكشفين فيه باقي الجسد باللبس الضيق و الكاسي العاري ، الحجاب ستر للمفاتن و الزينة و ليس للشَعر فقط ، الحجاب غلق لكل مداخل الشيطان من ميوعة و خضوع في القول و الفعل .

حفظ الله بناتنا من الفتن و كف عنهن الأذى و وفقهن لما يحب و يرضى .

زر الذهاب إلى الأعلى