رأيمقالات

عبدالله إسماعيل | يكتب: فوائد الإقالة بعد سقطة وزير العدالة

عبداللة إسماعيلإن الرسول صلى الله عليه وسلم ذو مقام توقيرٍ بين المؤمنين برسالته و المتبعين لهديه و المُستنّين بسنّته، بل و المقصرين والمكتفين بتأدية ما آتاهم الرسول من فروض و ما نهاهم عنه من محرمات.


و قد شقّ علينا سماع عجرفة و تكبر و تسلط وتذمر من مسئول في منصب عام دفعته شدة جراءته وحصاد لسانه و أبهة سُلطته أن يقحم مقام نبينا الكريم صلوات ربي عليه في حديثه عن سجن الصحافيين مستسهلا أو مستهترا, وحتى لا نسمح بجدل على غير حاجة فإن حسبنا من الهجوم عليه نقد و توبيخ ما صدر عنه من جراءة و تطاول ما كان ينبغي لأحد في منصب الوزير و الشخصية العامة أن يفعل مثلهما, و ليس لنا بعد إستغفاره إلا أن ننسب له صحّة نيّته, و لا ننجرّ في تكفيره أو الشك في إسلامه أو عقيدته.


وإن التمس له بعضهم العذر على أنها مجرد سقطة و زلة استشعر بعدها خطأه فاستغفر فهذا شأنهم , و بنفس الطريقة لا يحق لأحد أن يمنع هذه الحملة التي جاءت كرد فعل غاضب مباشر و سريع على مستوى الشعوب الإسلامية كافة و على مستوى الشعب المصري خاصة, هذا الشعب الذي كان مجبرا على مسامحة نفس الشخصية العامة حين كانت رئيسا لنادي القضاة و صرّحت بالصوت و الصورة بقول “القضاة أسياد و غيرهم عبيد”.


ألا و أن لكل مقام مقال؛ فمقالهُ الطائش في مقام يعلوه و يعلو كل من رأته ومن لم تره عيناه من بشر استدعى وقفة جادة تجاهه, وقفة اتخذتها حكومة السيد شريف إسماعيل رئيس الوزراء في توقيت مناسب جدا, محافظة على هيبة أول ركن من أركان دين الدولة المسلمة في الشهادتين (وأن سيدنا محمدا رسول الله ), و على هيبة دستور الدولة و قوانينها التي تجرم إزدراء الأديان, و محافظة على انضباط أفعال و أقوال شخصيات و ممثلي الدولة الذين قامت بتعيينهم ليتحدثوا بلسانها في المنابر العامة, لا أن يتحدثوا بلسان الثأر الشخصي لهم و لأنسابهم وذوي أرحامهم فيدفعهم الغضب لقول مالا يحسب على شخصهم فقط بل يتعدى شخصهم لعموم الدولة التي أولتهم الثقة و وضعتهم في منصب عام, وهذه غرامة منصب الشخصية العامة. و في هذه الإقالة كذلك قطع الطريق على استغلال جماعة الإخوان لمثل هذه الحادثة لتحويل القضية إلى مسار سياسي يسيء إلى النظام ككل.


ثم إن هذا التصريح يدخل في موسوعة التصريحات المشينة بل ويحصل على تقييم الأسوأ مقارنة بكل من سبقوه في تولي مناصب عامة و خانهم الذكاء و التجهيز الجيد و التعبير الصحيح في التلفظ بما يتسبب في إقالتهم أو عزلهم, فلم نكد ننسى ما اقترفه الوزير الأسبق للعدل بعد إساءته التي أطاحت به في تهمة توجيه الإهانة لمهنة عامل النظافة، حتى يحل محله من يتطاول على من اختصهم الله تعالى في تبليغ دعوته ورحمته التي يختصها من يشاء من عباده.


ختاما، ظهر بيننا عدد ممن تناسوا كل ما عايشناه في الساعات الماضية من المستشار الزند صاحب الرصيد المتراكم من التصريحات المثيرة للجدل، ثم رأيناهم يذكرون اليوم استغفار وأعذار المستشار المقال ويشفعون له! فلذلك أكاد أجزم بأني لم أر غفرانا -بعد غفران الله تعالى- مثل غفران الذاكرة، فالإنسان توليفة من النسيان وإبن لحظة بأعمق ما تعنيه اللحظة أثناء وقوعها فتراه يعيشها ولا يذكر ما قدمت يدا آخر لحظة وقعت قبلها.

  • الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رآي الشرقية توداي ، بينما تعبر عن رآي الكاتب.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى