رأيمقالات

عبد الله اسماعيل يكتب | عفاريت في الفحص الفني بالمرور

10850050_10205251522786552_2544654898036444401_n2

 

بعد إلحاح تأتي بعض الأفكار المتولّدة من التأمل على صورة اقتراح , و لكثرة مشاكلنا المواكبة لزيادة تعدادنا في مصرنا الحبيبة فالاقتراح لا بد أن نقدّمه و نقطّب معه الحاجبين و نرفعه في صورة شكوى عاجلة , و الشكوى حتى ترى النور لا بد لها من الهدوء و تبنّي لغة العقل واخراجها أخيرا في صيغة بلاغ , أرفعه عبر الصحافة الإلكترونية في موقع الشرقية توداي , بلاغ إلى السادة مدراء إدارات المرور في جمهورية مصر العربية .

في مثال لمسته بنفسي للأسف , و صِدقا أراه تكرّر كثيرا لدى غالبية أصدقائي على مواقع التواصل الإجتماعي و أيضا على المستوى الشخصي , هناك شبه إجماع حول قصص تمتد من يوم إلى ثلاثة أيام عن مكابدة المواطنين في استخراج الترخيصات من المرور بحيث لا تجد مالك سيارة يريد ترخيصها إلا وله حكاية تشبه معاناة متسابقي الماراثون الذين ذاقوا الأمرّين حتى وصلوا إلى خط النهاية و كل حكاية فيها تستحق الانصات والتعاطف .

و مثلما في الألعاب دائما تقابل الوحش أو العفريت في ختام اللعبة إلا أنك في المرور ستفزع من مقابلة الوحش ربما منذ البداية بعد وقوعك في يد أحد مهندسي الفحص الفني كما حدث معي في وحدة الفحص الفني لمرور الشرقية . و لالتقاء المصلحة فمن الطبيعي أن أتابع كل جديد يطرأ في أنظمة استخراج الرخص , وقد لاحظت تكرار الشكاوى في حق مكتب المهندسين , الذي نتج عنه تغيير يعتبر جيدا شكليا في كيفية اختيار إسم مهندس الفحص عشوائيا من قِبل مدير وحدة الفحص مباشرة , ثم في حال موافقة خبير الفحص على سلامة السيارة , يتم مراجعة الفحص من مساعد مدير الوحدة بأن تصريح المهندس الفني سليم , إلا أن العلاج الذي اتخذه ضدّهم ضباط المرور ما زال به ثغرة ما تمكنهم من تعاطي جرعة الرشوة التي أدمنوها بحكم مهنتهم التي تتطلّب تنفيذهم لائحة قوانين لا بد من توافرها للموافقة على الطلب إلا أن الباشمهندسين يُقحمون فيها بوضوح مطامعهم الشخصية .

و لأن الإنسان بطبيعته غير كامل فبالتالي نتيجة حتمية و تبعيّة أن يفوته أو يظهر في سيارته نقص ما , و لضرورة تقتضي منه عدم استطاعته التواجد في وحدة الفحص ليوم آخر نظرا لإنشغاله , فسيسمع بالتأكيد سبب تافه جدا يستدعي منه العودة في وقت لاحق كأن يقال لك : ( الإستبن يحتاج قليل من الهواء ثم يأمرك بنفخه أولا ! أو كوريك السيارة قديم و متشحّم ثم يطلب منك تغييره ! أو لون الدهان غامق قليلا في جانب أو غير مكتمل من ناحية الرفرف و يطلب منك تغيير الدهان ! أو الزجاج الخلفي الأصلي فاميه و يحتاج أن يرى قفا الراكب فيطلب تغيير الزجاج ! أو أي سبب تافه آخر يجعلك تترجّاه بعد يأس من التفاهم معه أن يعرض ثمنا للرشوة ) ولكن ماذا إن كنت تسير بمبدأ و لا تتعامل نهائياً بالرّشوة , لا يمكن أن يكون القانون معقّد مثل هذا المهندس الذي يظهر من ثقافته أنه حاصل على دبلوم صنايع خمس سنوات في أحسن تقدير , و ليس العيب هنا في القانون ولا في مستوى تعليمه ولكن في استبزازه الغير مشروع .

إن نفّذّت ما طلبه منك أول مرة و أتممت النواقص في سيارتك ولم تدفع المعلوم (ياراجل يا دغري) ستعود له في يوم آخر مرة أخرى على أمل أنك نفّذت كل المطلوب ليُفاجئك بطلب آخر ناقص اكتشفه مؤخرا و لم يره في المرة الأولى , ثم إن راجعت عليه ما قاله في آخر لقاء سيُبهرك حينما تعلم أنه حافظ لأحاديث من السيرة إن أردت أن تمرر الموضوع فيصرخ ( لا ضرر ولا ضرار) , فإن ألححت عليه يستغيث و تتكشّر أمامك زبيبة الصلاة على وجهه (في عرض النبي ما تتحايلش عليا ) . وريثما يتدخّل أحد مرافقيك بورقة مكرمشة فئة مئة جنيه إلى مئتين جنيه توضع بخفة في كف الباشمهندس -الورقة المالية حسب تقييمه للنقص أو العيب في الفحص – تراه مبتسما مرحبا بك (يا باشا تحت أمرك ) و تتم مصلحتك على ما يرام ! و يحصل هو على جرعته المعتادة , و بحرص شديد تراه يُرفق ملاحظته المتحفّظة في شهادة الفحص الفني حتى يراها مساعد المدير و يمررها لك قبل الختم .. مبروك لقد أنهيت المهمة بنجاح .

مقالات الرأى تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداى 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى