أعمدة

عبدالمنعم أبوالفتوح| يكتب : رسالة إلى كل زينب

عبد-المنعم-ابو-الفتوح

“يا من تفتحت الأزهار بنسيمكم.. يا من استضاءت أرض مصر بشروق شمسكم:

لا تحرمونا من عبيركم وضياءكم وروحكم.. لا تحرموا مصر من أملكم وإصراركم وحلمكم.. لا تحرمونا من نور أعيننا التي أبصرنا بها حياة جديدة، ولا من طاقتكم التي دفعتنا لحركة وثابة لا تعرف المهادنة ولا الخضوع.

يا كل زينب – شابا كان أو فتاة – أنتم ملح هذه الأرض.. أنتم أملها الباقي.. أنتم – بطهركم وبراءتكم – من تجاوزتم خلافات الماضي وصراعات الأيديولوجيا على أرض ميادين التحرير في يناير وما بعد يناير.

يا كل زينب – شابا كان أو فتاة:

لا تستسلموا لقهر الطغاة، ولا تيأسوا من قلة حيلة الكبار، ولا تنسحبوا أمام المجرمين أو الفاشلين.

إن انسحاب المخلصين الأنقياء مسعى كل طاغية؛ حتى تدين له البلاد والشعوب، وحتى يستمر في غيه فسادا ونهبا وإجراما.

إن انسحابكم – بالموت أو الهروب أو الانعزال – أمل الانتهازيين؛ حتى تخلوا الساحة لهم وحيدين ليتنافسوا على القضاء على حرية الشعوب ونهب حقوقها.

نعلم أننا لم نكن على قدر المسؤولية التي أوليتمونا إياها، ولم نكن على قدر طموحاتكم التي تأملتموها فينا، ولكننا نشهد أننا ما استندنا إلا إليكم ولا طمحنا إلا فيكم ولا استندنا إلا عليكم.. لقد كنا نأمل أن نكون مجرد جسر لكم تنتقلون عليه من نظام عشنا فيه، إلى نظام تبنونه بأنفسكم على غير قواعد الظلم والفساد التي نشأنا بين جدرانها.

إلى كل زينب – شابا كان أو فتاة:

كنا صادقين حين قلنا لكم صبيحة يوم ثورتكم ألا تعتمدوا على الأجيال المتكلسة، وكنا صادقين حين سرنا وراء حلمكم في وطن يعدل بين أبنائه ويحافظ على كرامتهم ويعطيهم حقوقهم، ولكننا لم نستطع للأسف أن نحميكم أو ندفع عنكم قسوة المجرمين والانتهازين والساعين لمصالحهم الخاصة على حساب مصالحنا العامة، ولا قسوة الواقع الذي لم يتأقلم بعد على نقاء سريرتكم وصفاء عقولكم ويقظة إنسانيتكم.

يا كل زينب – شابا كان أو فتاة:

لا تشعروا بالإحباط أو الانكسار أو تأنيب الضمير؛ فيكفيكم أنكم لم تفرقوا بين دم ودم، ويكفيكم أنكم ما انغمستم في تكفير أو تخوين، ويكفيكم أنكم لم تسعوا لعلو طائفة أو فكرة أو جماعة على حساب قيم أو خلق.. يكفيكم أنكم تصديتم لظلم الطغاة منذ يناير، ولم تساوموا على مبادئكم في محمد محمود والعباسية وماسبيرو وبورسعيد الأولى ومجلس الوزراء والاتحادية والحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس ومجلس الشورى وما تلا كل ذلك من سجون واضطهاد طال الجميع.. يكفيكم شرفا أنكم وقفتم مع كافة المظلومين أيا كان انتماؤهم أو أفكارهم أو توجهاتهم..

يكفيكم كل ذلك شرفا وإنسانية؛ فلا تتألموا من تخرصات الكذبة والمهرجين، ولا من سياط المجرمين، ولا من كلمات المتعصبين؛ فما يفعلون ذلك إلا ليسكتوا أصواتكم ويئدوا أحلامكم ويتمكنوا من مستقبل بلادنا!

نرجوكم أن تفخروا بفعالكم، وألا تستسلموا لفعالهم.

يا كل زينب – شابا كان أو فتاة:

لا تنفردوا، ولا تستسلموا للعزلة مهما كانت الضغوط، ومهما كانت التحديات، ومهما كان قدر المظالم اللحظية.. حافظوا على علاقاتكم.. ابحثوا عن كيانات تجمعكم.. تشاوروا.. اغضبوا.. انتقدوا، ولكن نرجوكم ألا تنسحبوا ولا تستسلموا للاكتئاب..

نعلم أننا قصرنا حين تركناكم لعزلتكم، ونعلم أننا عجزنا عن احتوائكم، ولكن نرجوكم ألا تبقوا وحيدين؛ فالوطن في حاجة ماسة إليكم أكثر من أي وقت مضى، بل نحن في حاجة إليكم لنستمد منكم الأمل والطاقة لنغير ما فشلنا في تغييره في جولتنا الأولى.

يا كل زينب – شابا كان أو فتاة:

إن معركة التغيير التي وضعتم بذرتها الأولى معركة طويلة.. معركة تحتاج إليكم في ميادين التوعية والحقوق والإنسانية؛ فلا تتركوا بذرتكم لتقتلع نبتتها الضعيفة قوى الشر في الداخل والخارج.

والله الذي لا إله إلا هو؛ لن يكون مستقبل لهذا البلد إلا بكم وبجهدكم؛ فلا تتخلفوا عن تمهيد الطريق لأجيال جديدة كانت تنتظر منكم الكثير والكثير؛ فلا تخذلوهم ولا تتخلوا عنهم.

يا كل زينب – شابا كان أو فتاة:

في انتظاركم لنتعاتب ونتلاوم على ما مضى، ولنواجه ونقاوم كل ظلم حل بنا، ولنخطط ونرتب لمستقبل أفضل وحياة أكرم.

في انتظاركم فلا تترددوا، ولا تتركوا بعضكم فريسة لقوى الشر التي لا ترجو خيرا لمصرنا الحبيبة.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى