أخبار العالم

علماء نفس واجتماع يحذرون: الشعب يفقد الثقة إذا اختلت بوصلة الصراحة في يد المسئول

علماء نفس واجتماع يحذرون

لا أحد يدعي أن غالبية المصريين يشاركون في السياسة، ولكن لا أحد ينكر أيضًا أن معظمهم يهتم بالسياسة ويتابع الأحداث ويعلق عليها، وقد يتعاطف مع أحد الأطراف، ومع ذلك فالشاغل الأول هو البحث عن لقمة العيش، التي كانت الهدف الأول من قيام ثورة 25 يناير.

فما بين احتجاجات وإضرابات ودعوات للعصيان المدني في مختلف أنحاء الجمهورية، تظهر اهتمامات المواطن المصري العادي، ما بين بحث عن لقمة العيش، واهتمام بدراسة أبنائه، وانشغاله بمرض أصابه، أو تعرض له أحد أفراد عائلته، وهنا قد تتراجع مشاركته السياسية، واهتماماته بما يجري على الساحة، مقابل أولويات أخرى تأخذه بعيدًا عن عالم السياسة.

تقول الدكتورة درية عبد الرازق – أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس – إن الناس لم تنصرف عن السياسة؛ بدليل أنهم حين يستيقظون في الصباح يكون أول سؤال لهم “إيه الأخبار النهارده؟”، و لكن هناك نوع من فقدان الأمل وعدم التواصل، وقد تكون الدوافع وراء ذلك، أن الثورة رفعت حد الأمل إلى أقصى مستوياته، ثم فجأة وجدنا أن الحصاد سراب، هذا بالإضافة إلى تزامن غلاء المعيشة مع هذه الفترة الحرجة، وتشابه الأحداث مع ما كان يحدث فى العهد السابق من سرقات، واغتصاب، وهروب المساجين.. وغير ذلك.

وتشير الدكتورة درية إلى وجود أحداث غير مفهومة على الساحة، وليس لها مبرر، كما أن التعقيب من جانب المسئولين قد يكون متأخرًا، وقد يكون فى وقت متأخر من الليل بعد أن ينام الناس، وكثيرًا ما يكون غير مقنع للناس.

و تقول إن الناس اتجهوا لانتخاب بعض الشخصيات السياسية عن قناعة، ولكنهم لم يوفقوا في الوصول للكرسي، فسقطت أقنعتهم بتصرفات تثير الشغب، فانهارت صورهم في نظر الناس الذين باتوا يتساءلون: هل كان هدف هؤلاء الوصول للحكم فقط؟ مما أصاب الناس بالاحباط.

وتشير الدكتورة درية إلى أن اختفاء بعض الشباب، ثم ظهورهم فجأة -مثل “محمد الشافعي” على سبيل المثال لا الحصر- فى المشرحة والتخبط فى التقارير الطبية بشأن وفاتهم، كل ذلك أدى إلى اتجاه بعض الشباب للهجرة والهروب؛ لانهيار حلمهم القومى، ناهيك عن فقدان الأمن والأمان.

وترى أن تقلد المناصب في جميع المؤسسات المجتمعية مازال من جانب الشخصيات غير القادرة على اتخاذ القرار، مما يشعر الناس بتغلغل الظلم في الوطن، أيضا لم يعد الناس قادرين على التفرقة بين الإعلام الصادق وغيره.

وذكرت الدكتورة درية أن تعدد “الجمع المسماة” بات يضفي على الناس نوعًا من الأسى، هذا بجانب الشعور بأن كثيرًا من رجال الدين – وهم مركز ثقل قوي للمصريين على مر الزمان- فى صف المسئولين.

وتنبه إلى أن اجتماع كل الأسباب السابقة ترتب عليه فقدان الثقة في النفس وفي الآخر؛ لعجز الفرد على التغيير وظهور حالات الاكتئاب والرغبة في عدم الإدلاء بالرأى، سواء كان صوابًا أو خطأ، والرغبة في الهروب من البلد، وفقدان الثقة في أي مسئول، وتشير إلى أن صور التعبير عن ذلك ظهرت في ظهور الصوت العالي، كما سادت حالات العنف الدموي، وأغلق كل واحد منا بابه خلفه، ولم يعد يفصح عن نفسه لأحد.

و توضح أن الحل قد يكمن في المصداقية والمصارحة والمكاشفة؛ لأن الشعب المصري سرعان ما يفقد الثقة إذا ما اختلت “بوصلة الصراحة” فى يد المسئول، وأيضا يجب سرعة اتخاذ القرارات المصيرية فيما يتعلق بلقمة العيش.

وتعلق الدكتورة نجوى الفوال – رئيس المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سابقًا – على ذلك بقولها: هناك فرق بين الاهتمام بالسياسة وممارستها، فالشعب بجميع طوائفه -حتى سائق التاكسي ومديرة المنزل- لهم اهتمامات سياسية، خصوصًا بعد الثورة التي جعلت الجميع منخرطًا في الحياة السياسية، أما ممارسة السياسة، فالشعب المصرى لا يمارس السياسة، سواء قبل الثورة أو بعدها، أما ما نراه فهو “اهتمام بالشأن العام للبلد”، كالاهتمام بتصرفات السياسيين والنخبة والنظام الحاكم، وهذا مختلف عن المفهوم الصحيح لممارسة السياسة، وكذلك فالمشاركون في ثورة 25 يناير لم يكونوا سياسيين محترفين، لكنهم عبروا عن اهتمامهم بالوطن عن طريق المشاركة بتظاهرات 25 يناير.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى