رأي

علي منصور | يكتب : تأملات في حوار “المغير”

أحمد المغير

أحمد المغير أحد شباب “الإخوان” البارزين لاسيما في فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، شابٌ ظل، بحسب قوله، منتسبًا لتلك الجماعة 24 عامًا يدافع عنها وينافح عن قراراتها، ثم تركها واتجه لطريقٍ أخر، لكن ليته اتجه إلى طريق الأنبياء، بل راح يبحث عن فكرٍ عقيمٍ مدمرٍ جربته قبله جماعة اعترفت بنفسها بخطأ ذلك الفكر إلا أنه لم يتعلم من التاريخ ولم يتعظ بالأمثال التي جعلها الله عبرةً للمؤمنين. حوار “المغير” مع أحد شباب “الإخوان” فضح جماعة “الإخوان”، وكشف بنفسه عن كل ما وجه إليها وإلى أبنائها من نقدٍ، وغير ذلك مما جاء في حواره من حق وباطل اعرضه عليكم الآن في نقاط.

دعوة الخالدين:
كشف “المغير” عن أن جماعة “الإخوان” تربي أبنائها على أنها جماعة المسلمين وأنها الدعوة الخالدة التي لن تموت إذ تربيهم على عقد الولاء والبراء عليها لا على الإسلام نفسه، بل إنه صرح بوضعهم القيادات في مرتبة الأنبياء ومعاملتهم على أنهم معصومين لا يخطئون وأن قولهم الحق المطلق الذي يسمع له أبناء الجماعة دون تفكير، وعلى حد تعبيره يسيرون كالقطيع، مشابهًا قول من وصفهم قبل كذلك بالخراف وكان “المغير” أحد من ينكر هذا القول الذي يعترف به الآن بعد أن قضى 24 عامًا مع تلك الجماعة.
التوحيد.. والجهاد:

حوار “المغير” أوضح أن “الإخوان” تركوا العلم خاصة التوحيد والعقيدة، بل إنهم كانوا ينقمون على بعض الاتجاهات الأخرى لاسيما “الدعوة السلفية”، تربية أبنائها على التوحيد الخالص، معتبرين ذلك تفريقًا للمسلمين. اعترف “المغير” الآن أن التوحيد أهم ما يجب أن يتعلمه المسلم، لكنه قبل أن يذهب لتعلمه أخذ مذهبًا عاف عليه الزمان ولفظته الجماعة التي تبنته من قبل وهو منهج الصدام المسلح مع الحكومات لتغيير الواقع والحكم بالشريعة! لا أدري لماذا يصر البعض على ترك التاريخ وعدم أخذ العبر منه وتكرار التجارب الفاشلة!

اعتبر “المغير” الجهاد الغاية العظمى في الإسلام وأنه لابد من قتال الجيش والشرطة قائلًا أن الحرب بينهم ستكون بعد ستة أشهر أو سنة على أقصى تقدير! فهل قام النبي بقتال الكفار الأصليين عُبّاد الأوثان أول ما نزل عليه الوحي! بالطبع لم يفعل بل إن الجهاد مر بأربعة مراحل، الأولى الكف والإعراض والصفح، والثانية الإذن بالقتال من غير إلزام، والثالثة قتال من قاتل المسلمين، والرابعة البدء بالقتال وغزو المشركين في عُقر دارهم، وعلماء أهل السنة على أن كل مرحلة يُعمل بها بحسب القدرة والعجز والمصالح والمفاسد، هذا إن كنا نتحدث عن مسلمين وكفار! فما بالنا لو أننا نتحدث عن مسلمين ومسلمين! بل هل حال “المغير” ومن معه يمكنهم من البدء بالقتال! والجهاد ليس غايةً بل هو وسيلة لغاية عُظمى وهي رفع راية الإسلام وإعلائها، وعلماء أهل السنة على أن أي قتال يغلب على الظن أنه لن يحقق هذه الغاية فليس بجهاد.
لقد أخطأ “المغير” الطريق مرة ثانية، فبدلًا من أن يتعلم التوحيد الحق والفقه الصحيح اتجه إلى فكرٍ أشد انحرافًا مما كان عليه، واعترف أنه شارك في تكوين أول مجموعة مقاومة بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، بل صرح في حواره أنه المتسبب ومن معه في انهيار شبكة الكهرباء وليس نقص الغاز والوقود كما تصرح الحكومة، فلو أن ما يقوله صحيح، ما ذنب الأطفال ممن يموتون في الحضانات لانقطاع الكهرباء عن المستشفيات!

ضياع الحق.. وفقد البيّنة:
فضح “المغير” في حواره كذب وتدليس وسب وتشويه “الإخوان” لكل من خالفهم، وهذا نابعٌ من الولاء والبراء على الجماعة الذي أكده “المغير” بنفسه، فاعترف بهذا وذاك مما كان يقع فيه من قبل ولسعته ناره الآن، موضحًا أن هذا هو منهجهم في هدم المخالف، ومشيرًا إلى أنهم بدلًا من الرد على كلامه بأدلة وبينات أخذوا يسبونه ويدلسون ويكذبون عليه ويشوهون صورته، وكيف لا وقد تربوا على الطاعة المطلقة للقيادات دون تفكير كما أكد “المغير” ذلك، بعد عقدهم البيعة لمرشدهم بوجوب السمع والطاعة.
الميكافيلية:
كشف “المغير” بكل وضوح أن “الإخوان” يسيرون على منهج الغاية تبرر الوسيلة وما يهمهم الوصول للهدف مهما كانت الوسيلة، ما دفعهم للهرب إلى قطر والظهور على قناة الأجيرة “الجزيرة” التي تنخر في عظام مصر مقابل 1000 دولار في اليوم، بحسب تصريح “المغير”، ولا أدري ما عساهم يفعلون بعد ما توصل إليه مجلس دول التعاون الخليجي في صلحهم مع قطر بالاتفاق على نبذ وطرد “الإخوان”، هل يأتِ الوقت الذي يفيقون فيه ويفهمون أنهم مجرد دمية لضرب “مصر” من ولاية قطر “الأمريكية”!
المغير في حديثه عرج كذلك على أن “الإخوان” تركوا الدعوة التي كانت أصلًا واتجهوا للسياسة وهمهم الوحيد الوصول للحكم بأي وسيلة زعمًا منهم أن الحكم هو الذي يحقق أهدافهم، وبدلًا من أن يعود “المغير” للنبع الصافي وهو دعوة الأنبياء ذهب إلى فكر التكفير والصدام المسلح الذي فشل معتنقوه قبل أن يفشل “الإخوان” في تجربتهم في حكم مصر لمدة عامٍ واحد، فمازال يتقلب من فشلٍ إلى مثله وأشد.
نزع الملك من الإخوان:

أكد “المغير” أن ما حدث في 30 يونيو و3 يوليه ما هو إلا أن نزع الله الملك من “الإخوان” بعد أن أعطاهم إياه، وأن “الإخوان” لم يفهموا ذلك حتى الآن ولو ظلوا كذلك سيسلب الله منهم ريادة المشروع الإسلامي! سبحانك ربي، رغم كل ما قاله وأوضحه من طوام وضلال في منهج وفكر “الإخوان” غلب عليه التعصب ليصفهم برواد المشروع الإسلامي، فأين ذلك المشروع الذي يملكون ريادته!

مقالات الرأي تعبر عن صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الشرقية توداي 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى