أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب:الاستنارة لمواجهة الشتـَّامين

emad-hussin-200ما هى الوسيلة المثلى لمواجهة الجهل والتخلف والشعوذة والبلطجة بكل صورها خصوصًا الإعلامية.. هل الحل هو الدخول فى معركة لمحاربة المروجين لهذه الظواهر، أم زيادة مساحات الوعى والاستنارة فى المجتمع؟!.

السؤال طرحه العالِم الكبير أحمد زويل خلال لقائه مع مجموعة من الإعلاميين المصريين مساء يوم الجمعة الماضى بالمقر الإدارى لمدينة زويل فى جاردن سيتى.

فى رأى زويل أن الحل الأمثل هو نشر الاستنارة وليس الدخول فى مواجهة هذه النماذج لأنها الأعلى صوتا.
مناسبة طرح السؤال من البداية هى الحديث عن كثرة ظواهر الجهل والدجل والشعوذة والبلطجة الإعلامية، لدرجة وصلت إلى أن أحد الحاضرين فى أحد الاحتفالات بدار الأوبرا قال للدكتور زويل أثناء حديثه: «يا دكتور الفمتو ثانية موجودة فى القرآن». فرد عليه: أنا مؤمن وموحد بالله، والقرآن أعظم كتاب فى الدنيا، لكنه ليس كتاب كيمياء أو طبيعة.
وفى الأيام الأخيرة رأينا صورًا منوعة من البلطجة الإعلامية فى تقدير زويل فإن محاصرة مثل هذه النماذج ونبذها هو أفضل طريقة للقضاء عليها.

مرة أخرى، زويل ليس قديسًا أو نبيًا وليس فوق مستوى النقد، لكن ينبغى أن يكون النقد فى نقاط محددة وليس بهدف تطفيش الرجل وأن نجعله يكفر بكل شىء.

المسألة باختصار هى أننا نحن الذين نحتاج زويل وليس هو الذى يحتاجنا.

كان يمكنه أن يمضى وقته فى كاليفورنيا مستمتعـًا بالحياة ومتنقلا بين أكبر الجامعات ليلقى فيها محاضرات تدر عليه ملايين الدولارات.

ربما يكون الرجل أخطأ فى مسألة جامعة النيل، وربما يكون تم توريطه، وربما يكون هو وجامعة النيل ضحية سياسات أو صراعات حكومية خاطئة، وربما يكون الرجل لم يستوعب تعقيدات الحياة السياسية فى مصر بحكم تفكيره الأمريكى.
لكن المؤكد أننا لا نملك إلا زويل واحدًا، ذلك العالِم الذى أبهر العالَم بنظرياته، وحتى لو أخطأ، فعلينا أن نسامحه ونتعامل معه كعالِم، وليس كسياسى. أو ننقده كسياسى ونجله كعالِم.

علينا أن نستفيد من علم الرجل، وعلينا ــ إذا كنا جادين ــ أن نسهل عليه هو وأمثاله عملهم.

زويل قال بألم إنه عاش فى أمريكا 42 سنة لم يدخل فيها محكمة، لكنه دخلها هنا فى مصر، وتم اتهامه بكل التهم، ثم أضاف ساخرًا أن أعظم شهادة حصل عليها كانت من الجهاز المركزى للمحاسبات حينما أعطاه ورقة تبـِّرئه من إنفاق أموال مدينة زويل بصورة غير قانونية.

السؤال مرة أخرى: كيف نحافظ على حرية التعبير والإعلام وفى الوقت نفسه لا يستغل البعض الإعلام ليحولوه إلى أخطر من أسلحة الدمار الشامل فى تشويه وتدمير وابتزاز من لا يدفع ومن لا يقول لهم آمين؟!.

البعض يعتقد أن هذه النوعية لا يردعها إلا المعاملة بالمثل، هم سيفوزون حتمًا، لأنهم الأكثر تفوقـًا فى «كارهم». والبعض يقول القانون، وهو أمر جيد لكن «حباله طويلة». وبالتالى يظل أفضل طريق هو العمل بكل الطرق على تعظيم ما هو صحيح ومحترم ومهنى، وفضح منطق البلطجة والهجامة الجدد وإشعارهم أنهم منبوذون.

هذا الطريق هو أفضل سلاح لمواجهة كل هذه النماذج الشاذة فى المجتمع من أول تجار الإعلام إلى تجار الدين، والاثنان عملة واحدة، لايعيشان إلا على بعضهما البعض مهما يكن هناك تنافر وتناقض ظاهر بينهما.

لو أدرك هؤلاء أنهم الأكثر خطرًا على مهنة الإعلام، وأنهم قد يتسببون فى تدميرها وتمكين من يريد محاصرة الإعلام، لو أدركوا ذلك لربما فكروا أكثر من مرة وتوقفوا عما يفعلون.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى